2024-11-28 07:36 م

ماذا تستفيد سورية من جامعة «أبو الغيط»؟

2019-02-14
بقلم: د. وفيق إبراهيم
يعكس أحمد أبو الغيط بدقة، واقع العرب اليوم.. اختاروه أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لسببين: تحدّره من عصر «كامب دايفيد»، وتجذّره في مصر في زمنها الأميركي الرديء وتداعياته الخليجية.

يعكس أحمد أبو الغيط بدقة، واقع العرب اليوم.. اختاروه أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لسببين: تحدّره من عصر «كامب دايفيد»، وتجذّره في مصر في زمنها الأميركي الرديء وتداعياته الخليجية.
لذلك لم يعكس أبو الغيط في دوره «أميناً عاماً» للجامعة العربية، قوّة مصر في العالم العربي كما كانت تقتضي الأعراف ومنذ تأسيسها بقدر تجسيده العصر الإسرائيلي في زمن الانحطاط العربي.
أما مناسبة هذا الكلام، فتصريحاته التي أدلى بها في بيروت في زيارتيه الأخيرتين المتتابعتين لها، صرّح في الأولى في وجه صحافي أنّ العرب لا يريدون «تسليم لبنان إلى إيران»، وذلك في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية.
وواصل إبداعاته منذ يومين، بالاعتراف للصحافيين بأنه لم يرصد اتجاهاً عربياً للقبول بعودة سورية إلى الجامعة، وهذا برأيه يحتاج إلى إجماع عربي ليس موجوداً في الوقت الحاضر.
فأيّ اتجاه يمثله أبو الغيط داخل الجامعة بهذا الرصد من عيون غير عربية؟ فهو لا يعكس رأي مصر أكبر بلد عربي تنسّق مع سورية على أكثر من مستوى، ولا تخشى من إعلان موافقتها على عودتها الى الجامعة، أم تراه يجسّد موقف العراق المصرّ على عودتها وكذلك الجزائر والسودان والإمارات والبحرين، وعُمان والأردن والكويت، فمن هم الباقون أيها الأمين العام؟
إنّ العديد السكاني للبلدان الموافقة على عودة سورية يصل إلى أكثر من 300 مليون نسمة، وهناك بلدان حذرة مثل لبنان وملجومة مثل السعودية التي دفعت بالإمارات والبحرين للعودة الى سورية، وكادت تفعل الأمر نفسه، لولا تجدّد الضغط الأميركي عليها.
للتوضيح فإنّ الخليجيين شعروا بأنّ اللعبة الأميركية في سورية انتهت بإعلان الرئيس الاميركي ترامب النية بالانسحاب من سورية، فسارعوا الى تدبّر أمورهم بإيفاد الرئيس السوداني عمر عبد البشير وتلته العودتان الدبلوماسيتان للإمارات والبحرين على ان توافق كامل جامعة الدول العربية على العودة الكاملة في أولى قممها.
للإشارة فإنّ اليمن عير معني بهذا الأمر بسبب الحروب المندلعة على كامل جغرافيته، وكذلك ليبيا والصومال.
بناء عليه، يجوز السؤال عن الجهة العربية التي يبني أبو الغيط «رصده» للتأكيد بعدم وجود ميل عربي لعودة دمشق إلى إطارها العربي؟ إنها دولة قطر التي تعلن جهراً بأنها لا توافق على هذه العودة وسط صمت سعودي يحاول إرضاء السياسة الأميركية في هذه النقطة بالذات مقابل إنهاء قضية اغتيال الإعلامي الخاشقجي المتهم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويتبيّن أنّ عودة سورية، الى الجامعة، ناتجة طبيعية لتغيير في موازين القوى في الميدان السوري، فالإرهاب يكاد ينتهي مشروعاً وخلافة، والأميركيون يجمعون حقائبهم للرحيل والدور الخليجي احتجب من ساحات سورية لمصلحة تقدّم الدور التركي، والأكراد في حركة مفاوضات متسارعة مع دمشق، على الرغم من المحاولات الأميركية ـ التركية لتعطيلها.
فمن هم الممانعون الحقيقيون لعودة «العرب» إلى بلاد الشام؟
هناك ثلاثة أطراف إقليمية ودولية لا تؤيد هذه العودة لأنها لا تتطابق مع مصالحها، الأميركيون أولاً، فهؤلاء يريدون عودة سورية إلى الجامعة بالمنطق السعودي المصري الحالي، لا أن تعود دمشق إليها بمنطقها المنتصر على سياسات الحلف الأميركي ـ الخليجي «الإسرائيلي» الذي يمثله «الراصد والمرصود» أبو الغيط وشركاه. والسعودية في هذا الموقف «مكبوسة» تعتصم بصمت العاجز عن اتخاذ موقف يحمي مصالحها.
لجهة الطرف الثاني فهم الأتراك، هؤلاء مصابون بجنون عثماني من عيار ثقيل، فأحلامهم تتهاوى بسرعة، وكانوا يلعبون في الميدان السوري بدعم خليجي خسروه، وأميركي هم على وشك أن يفقدوه أيضاً، أما روسيا وإيران، فتنساقان الى مناوشات مع الرئيس السوري، هذا ما يفرض على الأتراك الزعم بأنّ النظام السوري لا يتمتع بتغطية من جامعة الدول العربية فيلعب على هذه المسألة، مضيفاً إليها تزكيته للفتنة السنية الشيعية، لذلك فإنّ عودة سورية إلى الجامعة تُفقد أنقرة آخر أوراقها وتنكشف نهائياً. ما دفعها إلى استعمال قطر في رفض هذه العودة. وهذا ما يفعله حاكمها «التميم» ووزير خارجيته بالإعلان عن ضرورة رحيل النظام قبل عودة الدولة السورية إلى مقعدها في الجامعة.
«إسرائيل» من جهتها تعتمد على الرفضين الأميركي والتركي مع غاراتها الجوية لمنع عودة دمشق إلى جامعتها.
يتبيّن إذاً، أنّ أبو الغيط راصدٌ دقيق للحركة الأميركية ـ «الإسرائيلية» ـ التركية ويعمل بموجب إيقاعاتها. الأمر الذي يدفع الى سؤاله عن هوية هذه الجامعة؟ هل هي عربية فعلاً؟ فدمشق لا تعود إلا رافعة الرأس وتحمل منطقاً تاريخياً بالدفاع عن المنطقة ومحاربة المستعمرين بدولة سيدة رئيسها بشار الأسد.
البناء