2024-11-28 11:51 ص

تحرش بايدن بتركيا...جسّ نبض للتصعيد؟

2021-01-31
بقلم: الدكتور خيام الزعبي 
وهو في أيامه الأولى، يفتتح الرئيس الأمريكي جو بايدن أولى تصريحاته بالهجوم على نظام الرئيس التركي "أردوغان"، واصفاً تركيا بأنها مصدر قلق لـ"الولايات المتحدة" والدول الأوروبية. لم يعد يخفى على أحد إشتعال الخلافات بين الإدارة الأمريكية وتركيا، ومن بين تلك القضايا حقوق الإنسان في تركيا، والتي انتقدها الديمقراطيون على وجه الخصوص، وشراء تركيا لنظام الصواريخ الروسي "إس-400" الذي أغضب حلفاءها في الناتو وأدى إلى عقوبات أميركية، وكذلك عملها العسكري ضد حلفاء أمريكا الأكراد في شمال سورية، ودعمها للجماعات المتطرفة التي تدافع أنقرة عنها بأنها ليست إرهابية وهي ضرورية لحماية مصالحها في المنطقة، بالإضافة إلى تحركات أردوغان العدوانية ضد اليونان وقبرص بسبب موارد الغاز في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن تفجر الخلافات حول قاعدة "إنجرليك" الجوية المشتركة، حيث تستضيف تركيا عدداً كبيراً من القوات والطائرات الأميركية، والتي هدد أردوغان بقطع الوصول إليها إذا تعرضت بلاده لعقوبات أميركية، وفي ضوء ذلك، وقع اردوغان المتجه بآمال كبيرة إلى واشنطن بفخ أمريكي محكم الصنع وعلى وجه الخصوص، الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب، الأمر الذي أراد اردوغان له أن يتوقف، وهو الخلاف الذي اعتبرته تركيا بمثابة تغير في السياسة الأمريكية وإعطاء الرئيس الأمريكي ظهره لمصالحة مع أنقرة، لتتبعه المزيد من الخلافات بشأن سورية والمواقف والتصريحات التركية المعادية لأمريكا، الأمر الذي وصل بالعلاقات الأمريكية التركية إلى حالة غير مسبوقة من التوتر، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة التركية عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات التركية مع أمريكا. ويبدو أن إدارة بايدن عازمة على اتخاذ مواقف أكثر صرامة من أردوغان حيث تجلى ذلك بوصف بايدن أردوغان بـ"المستبد"، وانتقد أفعاله تجاه الأكراد، قائلا: "إنه يتعين على القيادة التركية دفع الثمن ". كما أشار إلى ضرورة دعم واشنطن لقادة المعارضة التركية ليكونوا قادرين على مواجهة أردوغان وهزيمته، كما تعهد بايدن بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وهي قضية مثيرة للجدل بشكل كبير بالنسبة لأنقرة، وبالمقابل دعت إدارة بايدن حكومة أردوغان، لاحترام قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والإفراج عن زعيم الأكراد صلاح الدين دميرتاش، والمعارض التركي عثمان كافالا. مجملاً.... إن تركيا تعيش في الوقت الراهن أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة، مع انخفاض عملتها إلى مستويات قياسية، وتفاقم التضخم المرتفع والبطالة بسبب جائحة فيروس كورونا، لذلك فإن أي اشتباكات مع الولايات المتحدة تخاطر بفرض عقوبات تكون أكثر خطورة على الاقتصاد التركي، وهذا سوف يضعف موقف أردوغان بشكل كبير أمام بايدن. كحاصل نهائي يبدو أن أمريكا لا تعول كثيراً اليوم على تركيا لأنها بدأت تنظر بإستراتيجية جديدة في الشرق الأوسط ولربما توسيع نفوذها من خلال سيطرتها على بعض دول المنطقة، لذلك فأن هناك خيارات متاحة أمام الرئيس التركي، إذا كان يرغب في التعامل مع بايدن، فلن يُعطى بعد اليوم الحرية الكاملة لكي يحقق طموحاته الإقليمية الواسعة على غرار ما كان يفعل خلال رئاسة ترامب، حيث كانت الأعمال المتهورة وغير المسؤولة تمر من دون عواقب، وهو يعلم أن بايدن سيتصرف بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وأعضاء الناتو، حول مجمل القضايا تقريباً، وهذا يعطيه مساحة صغيرة جداً للمناورة وتحقيق الأهداف. وأختم بالقول، إن المنطقة مقبلة على تحولات وأزمات خطيرة، لأن أمريكا لن تسمح لتركيا بممارسة تحركاتها المستفزة وتحقيق خيوط لعبتها مهما كلف الأمر، لذلك فإن أردوغان يدفع بتركيا إلى حرب قد يجرفها إلى مستنقع عميق، قد تكون سبباً في إسقاطه مستقبلاً، وعاملاً أساسياً بتراجع وانهيار نمو الدولة الاقتصادي، خاصة بعد أن نظرت أمريكا بريبة الى ما تسميه " تمرد أردوغان"، وفي تقديري أن هذا العام سيشهد تدويراً للكثير من الزوايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك. 
 khaym1979@yahoo.com