بقلم: د. حسناء الحسين
عبثًا تُحاول الولايات المتحدة الأمريكية العودة إلى المربع الأول من تاريخ المؤامرة على سورية مستخدمة نفس السيناريوهات وتوزيع الادوار ما بين المرتزقة والخونة والمكنات الاعلامية التي تعمل على تمرير المشروع الامريكي الصهيوني في سورية وغرف العمليات الاستخباراتية التي عرفها الشعب السوري بإدارتها المتعددة الجنسيات لتنفيذ مشروع احتلال سورية وتقسيم اراضيها .
من الجنوب انطلقت قبل اكثر من عقد عناوين الاستعمار القديم الجديد ومن الجنوب ايضا تعمل واشنطن والكيان الاسرائيلي على العودة لتنفيذ مشروع أثبتت السنوات الاثني عشر فشله وان كان هناك من يسأل عن سبب عودة الغرب الامريكي المتصهين لإعادة العمل بالمشروع الأول الذي حلمت واشنطن حينها ببث الفوضى والدمار وهدم مؤسسات الدولة والبنى التحتية واسقاط النظام بهدف اسقاط الوطن نقول :
لحماية أمن الكيان الصهيوني وجبهته الشمالية الذي عبر قادة الكيان عن قلقهم المستمر من هذه الجبهة في حال حدوث اي حرب مستقبلية .
استمرار امريكا بدعم الكيان والعمل على صنع صمام أمان يتمثل بتغيير ملامح الجغرافية السياسية والديموغرافية لكافة الشريط الحدودي بين سورية وفلسطين المحتلة والذي كانت اداته ارهابية بامتياز ورأينا انتشار الجماعات الارهابية في معظم حدود سورية مع دول الجوار بما يلبي المصلحة العليا للغرب والكيان بقضم مساحات من الاراضي السورية في الجنوب السوري من خلال احتلالها من قبل عصابات الاجرام العالمي وبذا تكون اسرائيل قد أمنت جغرافية اضافية تشكل عامل ردع لأي عمل مقاوم لوجودها الاحتلالي .
عمدت واشنطن والغرب على استخدام الإرهاب الاقتصادي كأداة حرب شرعنتها للنيل من سورية قيادة وجيشا وشعبا بعد ان كانت فشلت في تحقيق طموحاتها من خلال الارهاب الداعشي والآلة العسكرية الامريكية الضخمة .
وجدت واشنطن في العقوبات الاقتصادية الغير شرعية والغير انسانية وسرقتها لثروات الشعب السوري في الشمال السوري وعمليات النهب والحرق سبيلها لتحقيق أحلامها بإذلال الشعب السوري واجباره للرضوخ للسياسات الامريكية الاسرائيلية من خلال تضييق الخناق عليه لاستثماره لاحقا في أي قرار امريكي اسرائيلي بإشعال الجبهات من جديد .
بالنظر للحراك الاخير في محافظة السويداء والشعارات وطريقة تعاطي اعلام البترودولار مع هذا الحراك نستطيع ان نرى أصابع الموساد في هذا الحراك الذي بدى ظاهره وباطنه على انه لا يرقى لمستوى المطالبة بتحسين الواقع المعيشي لأهالي السويداء بل هو مخطط هندسه الامريكي والغربي والصهيوني وقام بتحريك الخلايا النائمة تحت عناوين الغلاء والحياة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها كل ابناء سورية وليس فقط السويداء ، فكان السلاح حاضرا في هذا الحراك السلمي وشعارات الفتنة واعلام التقسيم واستهداف مؤسسات الدولة التي تقوم على خدمة المواطن وقطع الطرقات وشل حركة الحياة بين محافظة السويداء وبقية المحافظات.
هنا لابد من الاشارة الى الحراك الامريكي في الشمال السوري والتصعيد الأخير في هذه الجغرافية بهدف قطع الطريق امام دول تشكل محور المقاومة المناهض لأمريكا واسرائيل من خلال استهداف واحتلال واخضاع منطقة البوكمال ومعبر القائم الموجود على الحدود السورية العراقية مدعومة بعملائها .
هذا الحراك الامريكي الذي ارادت منه واشنطن ربط منطقة التنف المحتلة من قبلها بمعبر القائم بهدف قطع الطريق بين دول محور المقاومة ، الا ان هذا المشروع افشلته المقاومة الشعبية من خلال توجيه ضربة موجعة للقوات الامريكية داخل مناطق احتلالها ودفع بالأمريكي في المفاوضات التي حصلت بين واشنطن وطهران مؤخرا على التفاوض مع ايران على عدم استهداف هذه القواعد مرة اخرى من قبل المقاومة الشعبية بما يحفظ استمرارية احتلالها والحفاظ على ماء وجهها وهذا المطلب لن يحقق للمحتل الامريكي .
لتنتقل واشنطن لاستكمال احتلالها ومحاربة الدولة السورية في شتى الطرق الخبيثة والقذرة واستغلال حاجات الناس الذين ارهقتهم العقوبات الامريكية وجنون الاسعار وغياب مشروع للحكومة يلبي احتياجات هذا السواد الاعظم من الشعب السوري .
وهنا لا بد من ان نضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها دون تلميع لصورة أحد ما حصل خلال الايام الاربعة الماضية في محافظة السويداء مؤلم ومخجل لان من قام به و بهذه الطريقة الغوغائية من حمل للسلاح وتعطيل لمؤسسات الدولة من توجه لاشعال نار الفتنة ودعوة بقية المحافظات للنزول للساحات ماهو الا عميل للغرب الامريكي الصهيوني وخائن لتراب وطنه ودماء شهداء عشرية النار والدمار .
هناك صعوبات معيشية قاسية يعاني منها كل الشارع السوري لكن امريكا وحلفائها هم من تسببت بها وليس القيادة السورية والجيش السوري ولن يكون الحل من خلال رفع رايات الذل و العار كمن ينادي وطن للبيع هل من مشتري ليجد اسرائيل مستعدة لدفع سلال الاغاثة مقابل احتلال الارض ، هذا حال من حمل السلاح واعتدى على مؤسسات الدولة واهان رموز النصر .
وفي الختام لابد من الاقتداء بأهلنا في الجولان وهم خير من يقتدى بهم فلم يستطع المحتل بكل ما يملك من ادوات ارهاب وترهيب من تبديل هويتهم وكسر ارادتهم وسلخهم عن الأم السورية ويبقى الرهان الأكبر على الشرفاء وعلى من أخذ من عشرية النار العبر وتعلم الدرس فاعتبر .
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
الاستنساخ التآمري الأمريكي يتكرّر على سورية وبنفس الأدوات.. هل تنجح واشنطن؟
2023-08-25