2024-11-26 12:54 ص

أضرار جسيمة لاقتصادات المنطقة بسبب حرب غزة

لا تزال التداعيات الاقتصادية لحرب إسرائيل على قطاع غزة تحت السيطرة بصورة كبيرة في المناطق البعيدة عن العمليات العسكرية، لكن الأمر يختلف في الدول المحيطة بإسرائيل؛ إذ تضرر اقتصادها بصورة كبيرة، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وبحسب الصحيفة، فإن هجمات الحوثيين على سفن تجارية تستمر في تعطيل طريق تجاري حيوي وزيادة تكاليف الشحن، في الوقت الذي يتصاعد فيه التهديد كل يوم حول بؤر التوتر في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وإيران وباكستان.

تحت السيطرة
ورغم عدد القتلى "الصاعق" والبؤس "المؤلم"، وفق تعبير الصحيفة، الناجمَين عن أعمال العنف في الشرق الأوسط، إلا أن التأثير الاقتصادي الأوسع حتى الآن كان تحت السيطرة؛ فقد عاد إنتاج النفط وأسعاره -وهو محرك بالغ الأهمية للنشاط الاقتصادي والتضخم في جميع أنحاء العالم- إلى مستويات ما قبل الأزمة، ولا يزال السياح الدوليون يسافرون إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط، لكن بالنسبة للدول المجاورة لإسرائيل، مصر ولبنان والأردن، فإن الأضرار الاقتصادية جسيمة بالفعل.

وبحسب تقييم أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كلّفت الحرب بين إسرائيل وغزة الدول الثلاث خلال 3 أشهر فقط 10.3 مليارات دولار، أو 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعة، ومن المتوقع أن يقع 230 ألف شخص إضافي في هذه البلدان في براثن الفقر.

وحذر التقييم من أن التنمية البشرية قد تفقد ما بين سنتين إلى 3 سنوات من التقدم على الأقل في مصر والأردن ولبنان، مشيرا إلى تدفقات اللاجئين وارتفاع الدين العام وانخفاض التجارة والسياحة، وهذه الأمور مصدر حيوي للإيرادات والعملة الأجنبية وفرص العمل.

وبحسب الصحيفة، فإن الاستنتاج يعكس تحديثا أصدره صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، قال فيه إنه سيخفض توقعاته لنمو اقتصادات الدول الأكثر تعرضا للخطر عندما ينشر توقعاته للاقتصاد العالمي بنهاية هذا الشهر.

ونقلت عن مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأميركية، جوشوا لانديس قوله إن الضربات الاقتصادية الأخيرة جاءت في الوقت الأسوأ لهذه البلدان، فالنشاط الاقتصادي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كان في حالة تراجع بالفعل، وانخفض النمو إلى 2% في السنة الماضية من 5.6% في السنة السابقة عليها.

وكان لبنان في حالٍ وصفها البنك الدولي بـأنها "واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم منذ أكثر من قرن ونصف"، وكانت مصر على حافة التعسر المالي.

وقتل الاحتلال الإسرائيلي 25 ألفا و295 فلسطينيا وأصاب 63 ألفا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق وزارة الصحة في غزة، وقد تعرض القطاع لتدمير ودمار واسع النطاق.

تآكل الثقة
وبحسب الصحيفة، فإن حالة عدم اليقين بشأن مسار الحرب تؤدي إلى تآكل ثقة المستهلكين والشركات في الأردن ولبنان ومصر، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الإنفاق والاستثمار، حسبما كتب محللو صندوق النقد الدولي.

ولم تتعاف مصر -أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان- من تأثير ارتفاع كلفة الواردات الأساسية مثل القمح والوقود، وانخفاض عائدات السياحة، وانخفاض الاستثمار الأجنبي الناجم عن جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، وفق الصحيفة.

وتقول الصحيفة إن "الإسراف" الحكومي في الإنفاق على المشاريع "الاستعراضية" والأسلحة؛ أدى إلى ارتفاع ديون مصر، وعندما زادت البنوك المركزية حول العالم معدّلات الفائدة للحد من التضخم، زادت مدفوعات الديون بصورة كبيرة، في حين يستمر ارتفاع الأسعار داخل مصر في تآكل القوة الشرائية للأسر وخطط الشركات للتوسع.

ويقول لانديس: "لا أحد يرغب في الاستثمار، لكن مصر أكبر من أن تفشل"، فمن المستبعد أن تسمح الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي بتخلّف البلد عن سداد قروضها الأجنبية البالغة 165 مليار دولار، نظرا لأهميتها الإستراتيجية والسياسية"، حسبما نقلت عنه نيويورك تايمز.

حركة الشحن
ويعد انخفاض حركة الشحن العابر إلى البحر الأحمر من قناة السويس أحدث ضربة اقتصادية للاقتصاد المصري، وفي الفترة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب، حققت مصر إيرادات متوسطها 862 مليون دولار شهريا من القناة، التي يمر من خلالها 11% من التجارة البحرية العالمية، وفق الصحيفة.

ووفقا لرئيس هيئة قناة السويس، انخفضت حركة المرور بنسبة 30% هذا الشهر مقارنة بديسمبر/كانون الأول، كما انخفضت الإيرادات بنسبة 40% مقارنة بمستويات 2023، في حين نقلت الصحيفة عن جيمس سوانستون خبير اقتصاديات الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس قوله: "إن هذا هو أكبر تأثير غير مباشر".

السياحة
وبالنسبة لهذه الاقتصادات الثلاثة المتعثرة، فإن تراجع السياحة مثير للقلق بشكل خاص، وفق الصحيفة، ففي عام 2019، شكّلت السياحة في مصر ولبنان والأردن ما بين 35% إلى ما يقرب من 50% من صادراتها من السلع والخدمات مجتمعة، بحسب صندوق النقد الدولي.

أما الآن في الأردن، فانخفضت حجوزات الطيران بنسبة 18%. وفي لبنان، حيث يوجه حزب الله ضربات للقوات الإسرائيلية على طول الحدود، انخفضت الحجوزات بنسبة 25%.

ونقلت الصحيفة، عن أوليفييه بونتي نائب رئيس قسم الرؤى في شركة فورواردكيز، قوله: "المخاوف من المزيد من التصعيد الإقليمي تلقي بظلالها على آفاق السفر في المنطقة".

وفي لبنان، ساهم السفر والسياحة سابقا بخُمس الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد.

وقال المدير العام لشركة لبنان للسياحة والسفر في بيروت، حسين عبد الله: "الموقع السياحي رقم واحد في لبنان هو بعلبك.. إنه فارغ تماما".

وأضاف أنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تراجعت حجوزاته بنسبة 90% عن السنة الماضية، وتابع: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن العديد من منظمي الرحلات السياحية في بيروت سيتوقفون عن العمل".

ونقلت الصحيفة عن خالد إبراهيم، مستشار شركة أميسول ترافيل إيجيبت وعضو تحالف الشرق الأوسط للسفر، قوله إن عمليات الإلغاء بدأت تتدفق بعد بدء الهجمات. ومثل منظمي الرحلات السياحية الآخرين، قُدّمت خصومات على الوجهات الشهيرة مثل شرم الشيخ في الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، ووصل معدل الإشغال إلى حوالي 80% من المعدل الطبيعي.

المصدر : الصحافة الأميركية