يسعى الجيش الإسرائيلي إلى الانتقال لمرحلة جديدة من القتال في قطاع غزة تشمل عمليات عسكرية أقل حدة وأكثر توجيها، وذلك بسبب قرب انتهاء غالبية العمليات العسكرية المكثفة في القطاع.
تشمل المرحلة الجديدة بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، نقل قوات عسكرية للساحة الشمالية مع لبنان وإراحة جنود الاحتياط الذين قاتلوا لأشهر طويلة في غزة.
مع الحفاظ على عدد أقل من القوات العسكرية على الأرض والتي ستتيح بدء عمليات عسكرية دقيقة ومحدودة حسب الحاجة وبناءً على المعلومات الاستخباراتية.
متى ستبدأ هذه المرحلة الجديدة من الحرب؟
تقول هيئة البث الإسرائيلية إن المستوى السياسي وافق على توصيات المستوى العسكري بالانتقال للمرحلة الثالثة خلال الشهر الحالي.
ويسبق ذلك الانتهاء من العملية العسكرية البرية في مدينة رفح والتي طلب الجيش فيها مهلة إضافية من المستوى السياسي لأربعة أسابيع إضافية.
وبعدها يتوقع أن تبدأ المرحلة الثالثة من الحرب في غزة.
وتشمل ملامح تطورات العملية العسكرية في مرحلتها الثالثة البقاء في عدة محاور والتحرك وفق معلومات استخبارية وسحب معظم القوات الميدانية.
حضرت إسرائيل ما سمي بمحور نيتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، لإتاحة المجال للقوات الإسرائيلية مستقبلا للدخول في عمليات عسكرية دقيقة وسريعة.
تبقى القوات أيضا على طول محور فيلادلفيا الذي يمتد ل14 كيلومترا من كرم أبو سالم جنوبا إلى ساحل البحر المتوسط شمالا بطول الحدود بين مصر وقطاع غزة، دون وجود أي اتفاق بين مصر وإسرائيل حتى الآن حول مستقبل هذه المنطقة التي يستلزم التحرك فيها تنسيقا مسبقا وفق اتفاق السلام بين البلدين.
ويعتبر الجيش الإسرائيلي هذه المناطق مناطق سيطرة استراتيجية سيعتمد عليها في المرحلة القادمة بسبب اعتبار إسرائيل محور فيلادلفيا "شريان حياة " لحركة حماس.
بينما يظل محور نيتساريم نقطة المراقبة الأفضل لكل التحركات بين جنوب وشمال القطاع.
يقول مراسل هيئة البث الإسرائيلية للشؤون العسكرية إيال عليمة لبي بي سي، إن سيناريو المرحلة الثالثة سيشبه ما يجري في الضفة الغربية التي تشهد اقتحامات شبه يومية وعمليات عسكرية دقيقة وسريعة من خلال المعسكرات الموجودة على الأرض.
ما السبب من وراء هذا القرار؟
يعتقد عليمة بأن القرار بخصوص هذا الموضوع مرتبط بالحالة العسكرية والميدانية على الأرض وبتقييم مهني للجيش الإسرائيلي.
تشارف العملية العسكرية في رفح على الانتهاء، ما يعني بأنه لم يتبق أي مجال للقيام بعمليات توغل واسعة على غرار ما كان يحدث في الأشهر الماضية، بحسب ما يقوله المراسل الإسرائيلي.
هناك أيضا الحاجة لإراحة الجنود نفسيا وجسديا وإعادة ترتيب أوراق الجيش من ناحية العتاد العسكري والذخيرة التي قد تلزم لأي مواجهة ربما تحدث مستقبلا مع حزب الله.
وعند سؤالي لعليمة حول وجهة نظر المؤسسة العسكرية بخصوص الحرب على غزة، أجاب بأن الجيش لم يرد استمرار الحرب لتسعة أشهر وأكثر وأنه كان من المفترض أن تتوقف الحرب منذ فترة طويلة.
عامل الوقت بحسب مراسل الشؤون العسكرية، لا يلعب لصالح إسرائيل، العزلة الدولية وتحركات الجهات القضائية الدولية والأوضاع في الجبهة الشمالية، يعتقد إنها أمور تجيد حماس فهمها والتعامل معها.
كان الجيش يعتقد بأن العملية العسكرية في خان يونس ورفح ستؤدي إلى حشر حماس في الزاوية وأنها ستضطر للخروج مهزومة.
الواقع بحسب إيال عليمة قد أثبت أن هذه الفكرة لم تكن دقيقة وحماس لم تتصرف وفقا لتوقعات الجيش والمستوى العسكري.
فهل تعني المرحلة الثالثة بداية نهاية الحرب على غزة؟
يكرر رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفه الداعي لاستمرار الحرب حتى تحقيق كل الأهداف.
لكن المشكلة في الانتقال للمرحلة الثالثة للحرب بحسب ما تقوله صحيفة هآرتس، هو كيفية إقناع الإسرائيليين بالانتقال إلى مرحلة أقل حدة في ظل عدم التوصل لصفقة مع حركة حماس.
ولم تسفر العمليات العسكرية المكثفة عن إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى حماس، ولا حتى القضاء كليا على الحركة، ولكن هذا القرار بحسب الجيش "قرار عسكري مهني لا بد منه".
إلا أن يعكوف كاتس وهو باحث في معهد سياسات الشعب اليهودي يعتقد بأن الإسرائيليين لا يرون أن الانتقال لمرحلة ثالثة تعتبر مشكلة بالنسبة لهم.
إلا في حال انتهاء العمليات العسكرية بشكل كامل، فبالنسبة لبعض الإسرائييلين بحسب كاتس، فإن ذلك يبقى الأمل لإعادة الرهائن الإسرائيليين ويبقي عمليات محدودة ستضمن قتال حماس في المستقبل.
وتبقى المشكلة بحسب تحليلات إسرائيلية في عدم وجود قرار سياسي يتيح إنهاء الحرب على غزة وإيجاد بديل سياسي لحماس لإدارة القطاع دون وقوع فوضى أو مهاجمة إسرائيل مستقبلا.