منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عمل الاحتلال على تكثيف اغتيال الكوادر الحكومية في غزة أخيراً، لكن وتيرة استهداف طواقم الحكومة التابعة لحركة حماس، ازدادت في الأشهر الأخيرة مقارنة مع بداية العدوان، بما ينبئ بالمشهد المقبل في القطاع ومحاولة هندسته إسرائيلياً. وحدّد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إسقاط حكم حركة حماس أحد أهداف الحرب على قطاع غزة إلى جانب استعادة الأسرى الإسرائيليين والقضاء على المقاومة الفلسطينية، فيما معارك الأخيرة مستمرة للشهر التاسع على التوالي، وإن كان بآليات وتفاصيل مختلفة عن المعتاد.
وخلال الشهور التسعة الماضية، أعلن الاحتلال اغتيال عدد من الكوادر الحكومية في القطاع، لا سيما تلك العاملة في الأجهزة الأمنية والشرطية، فضلاً عن عمليات اعتقال طاولت آخرين من بينهم كوادر طبية، سواء خلال التوغلات البرية أو أثناء مرورهم على الحاجز الإجباري وسط القطاع (جنوب مدينة غزة).
اغتيال الكوادر الحكومية في غزة
ورغم أن اغتيال الكوادر الحكومية في غزة شمل مسؤولين حكوميين على اختلاف قطاعات عملهم، إلا أنها تركزت في صفوف قادة الأجهزة الشرطية ومسؤولين برتب متوسطة وعليا، وسط إعلان الاحتلال بشكل واضح عن هذه الاغتيالات. وعكس اغتيال الكوادر الحكومية في غزة والإعلانات الإسرائيلية الواضحة بشأنها، الرغبة في نشر حالة الفوضى وإخفاء أي جسم فلسطيني رسمي يتولى مسؤولية إدارة غزة في المرحلة الراهنة، أو حتى بعد انتهاء الحرب في ظل حديث إسرائيلي عن خطة لليوم التالي للحرب. غير أن الفصائل الفلسطينية وتحديداً حركة حماس وبالتعاون مع العشائر الفلسطينية، عملت في كثير من المناطق على تشكيل لجان شعبية. ورغم أن عمل تلك اللجان كان محدوداً، إلا أن الحركة سعت للتعامل مع حالة الفراغ القائمة.
وغابت حتى الآن إحصائيات رسمية دقيقة حول اغتيال الكوادر الحكومية في غزة وحجم تلك الاغتيالات، إلى جانب الاعتقالات في صفوفها، إلا أنها بالمئات على اعتبار أن العملية العسكرية الإسرائيلية كانت واسعة النطاق في مختلف مناطق القطاع. وكثيراً ما استهدف الاحتلال مركبات ومنازل العناصر الشرطية المسؤولة عن تأمين الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية، القادمة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم.
وسبق أن أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الشهر الماضي، أن الاحتلال عرقل عمل الطواقم الشرطية المدنية ورفض تعاونها مع المنظمة الأممية لتأمين إيصال المساعدات الغذائية للقطاع. وإلى جانب العناصر الشرطية فإن الاحتلال الإسرائيلي سبق أن نفذ عمليات اغتيال طاولت رؤساء المجالس المحلية والبلدية، كان من ضمنهم رئيس المجلس البلدي للنصيرات إياد مغاري، والمغازي حاتم الغمري، بالإضافة لمسؤولين سابقين في الحكومة.
استهداف القطاع الصحي
وبشأن اغتيال الكوادر الحكومية في غزة واستهدافها، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن الاحتلال "اغتال المئات من الكوادر الحكومية في مختلف القطاعات منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على القطاع والمتواصلة للشهر التاسع". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جميع القطاعات الحكومية كانت مستهدفة من قبل الاحتلال، سواء الأمني أو الصحي أو الاقتصادي وحتى الإعلامي، غير أن القطاعين الأمني والصحي هما الأكثر خسارة منذ بداية الحرب".
ووفق الثوابتة فقد اغتال الاحتلال أكثر من 500 شخص على صعيد الكوادر الصحية وحدها، عدا عن اعتقال 310 منهم، فضلاً عن بقية العاملين في القطاعات الحكومية ممن تم استهدافهم أو اعتقالهم. وأشار إلى أن الاحتلال سعى من وراء اغتيال الكوادر الحكومية في غزة أو الاعتقالات "إلى إحداث نوع من أنواع الفراغ الحكومي والإداري وتثبيت حالة الفوضى". واعتبر أن الاحتلال "سيفشل في تحقيق أهدافه في ظل استمرار نحو 25 ألف موظف محسوبين على الحكومة على رأس أعمالهم من بيت حانون حتى رفح، سواء في القطاع الصحي أو الزراعي أو الأمني أو التجاري".
وشدّد على الانعكاسات السلبية لعمليات اغتيال الكوادر الحكومية في غزة ومناطق القطاع، لا سيما الاغتيالات في صفوف رؤساء البلديات، موضحاً أنه "عند اغتيال رئيس البلدية فالعمل يتأثر سواء على الصعيد الميداني أو الممتلكات والمقدرات البلدية". ووفق تقديرات المؤسسات الحكومية في القطاع فإن الاحتلال دمر وأخرج عن الخدمة الصحية 130 سيارة إسعاف، عدا عن التدمير الذي طاول ممتلكات حكومية أخرى مثل سيارات الدفاع المدني أو سيارات الأجهزة الشرطية.
المصدر: العربي الجديد