نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً شارك فيه آدم راسغون وآرون بوكسرمان وإيوان وورد ومايكل ليفنسون علّقوا فيه على قرار حركة “حماس”، يوم الثلاثاء، اختيار يحيى السنوار، أحد مهندسي هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل، كرئيس للمكتب السياسي للحركة، ما يعزّز سلطته على “حماس”، بينما تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن السنوار، زعيم “حماس” في غزة منذ عام 2017، سيحلّ محل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي السابق للحركة، والمحاور الرئيسي في محادثات وقف إطلاق النار غير المباشرة مع إسرائيل.
وقُتل هنية، الذي كان يعيش في قطر، في انفجار في إيران، الأسبوع الماضي، نسب على نطاق واسع إلى إسرائيل.
وتضيف الصحيفة أن السنوار (61 عاماً) شخصية متشددة، ولد في غزة، وهو هدف رئيسي للقوات الإسرائيلية، ويعتقد على نطاق واسع أنه يختبئ في أنفاق غزة لتجنّب الهجوم الإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، يعتقد أنه كان يملي موقف المجموعة في محادثات وقف إطلاق النار.
وقالت الصحيفة إن اختياره لقيادة المكتب السياسي يتزامن مع استعدادات إيران ووكلائها، بما في ذلك “حماس” و”حزب الله” في لبنان، والحوثيون في اليمن، لضرب إسرائيل، رداً على مقتل هنية، الأسبوع الماضي، وقائد كبير في “حزب الله”، هو فؤاد شكر.
وتعلّق الصحيفة بأن “حماس” وإيران ألقتا باللوم على إسرائيل في زرع القنبلة التي قتلت هنية في العاصمة الإيرانية طهران، بعد حضوره تنصيب الرئيس الجديد للبلاد. ورفضت إسرائيل التعليق على وفاة هنية، لكن المسؤولين الأمريكيين قدّروا بشكل خاص أن إسرائيل كانت وراء ذلك.
ووعدَ المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، بالرد بـ “عقاب قاس”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده “ستفرض ثمناً باهظاً على أيّ عمل عدواني ضدنا، من أي جهة كانت”.
وفي خضم الجهود الدبلوماسية المحمومة لمنع العنف من التحول إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً، أمرت الولايات المتحدة بإرسال طائرات مقاتلة وسفن حربية إضافية قادرة على اعتراض الصواريخ والمسيّرات إلى الشرق الأوسط.
وتشير الصحيفة إلى أن قادة الجناح السياسي لـ “حماس”، كانوا، ولسنوات، يقيمون خارج غزة، أو في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، ما أدى إلى خلق هيكل سلطة منقسم؛ فمن عام 2007 حتى بدء الحرب، العام الماضي، حكمت “حماس” غزة، وتركزت قوتها العسكرية هناك.
ويبدو أن اختيار السنوار لخلافة هنية ينهي هذا الانقسام، ولكن بطريقة محفوفة بالمخاطر.
ومن غير المرجح أن يغادر غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي مطاردته.
وفي شباط/ فبراير، قال المتحدث العسكري الرئيسي الإسرائيلي، الأدميرال البحري دانيال هاغاري، “إن مطاردة السنوار لن تتوقف حتى نلقي القبض عليه، حياً أو ميتاً”.
وأشارت الصحيفة إلى أن السنوار، المولود في مدينة خان يونس، انضم إلى “حماس” في الثمانينيات من القرن الماضي. وسجن لاحقاً بتهمة قتل فلسطينيين متهمين بالتعاون مع إسرائيل، وقضى أكثر من عقدين في سجن إسرائيلي. وخرج من السجن في 2011، إلى جانب أكثر من 1000 سجين فلسطيني آخر، بموجب صفقة الإفراج عن جندي إسرائيلي كان محتجزاً لدى “حماس”.
في دوره كزعيم لـ “حماس” في غزة، كان السنوار أكثر نفوذاً داخلياً من هنية، رئيسه الاسمي. وقال محللون إن هنية عمل كوجه دبلوماسي لـ “حماس” في الخارج، بينما سيطر السنوار على العمليات على الأرض، وكانت له علاقات وثيقة مع الجناح العسكري لـ “حماس”.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أكد الجيش الإسرائيلي أنه قتل محمد الضيف، القائد المراوغ للجناح العسكري لـ “حماس”، في غارة جوية على مشارف خان يونس، الشهر الماضي.
وقال فؤاد خفش، المحلل السياسي الفلسطيني، إن ترقية السنوار إلى قيادة المكتب السياسي “قرارٌ رمزي يُظهِر أن حماس على خط السنوار”. وأضاف: “إنه أمر تشريفي أكثر منه عملي: لا أحد يعرف مكانه، حتى حماس”.
وقال أسامة حمدان، المتحدث باسم “حماس”، في مقابلة مع “الجزيرة” إن السنوار اختير بالإجماع، وإنه “مقبول من الجميع في الحركة”. وقال إنه من السابق لأوانه مناقشة كيف سيؤثر اختياره على محادثات وقف إطلاق النار، لكنه أشار إلى أن القليل سيتغير. وقال حمدان: “إن المفاوضات كانت تديرها القيادة، وكان السنوار حاضراً دائماً”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان، إن تعيين السنوار “سببٌ مقنع آخر للقضاء عليه بسرعة، ومحو هذه المنظمة القذرة عن وجه الأرض”.
ولم يتحدث السنوار علناً منذ أن دفعت هجمات “حماس”، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إسرائيل إلى شن حملة مدمرة متواصلة منذ عشرة أشهر في غزة، ودفعت “حزب الله” إلى شن هجماته الخاصة على إسرائيل، تضامناً مع “حماس”.
وقال زعيم “حزب الله” حسن نصر الله، في خطاب متلفز، يوم الثلاثاء، إن جماعته وإيران “ملزمتان بالرد” على مقتل شكر وهنية، “مهما كانت العواقب”.
وقال نصر الله، في خطاب ألقاه في تأبين شكر، الذي قُتل في الضاحية الجنوبية لبيروت: “المطلوب هو المواجهة. ردنا سيأتي إن شاء الله، وسيكون قوياً”. وأضاف: “الانتظار جزء من العقوبة”.
وقال عبد الله بو حبيب، وزير الخارجية اللبناني، يوم الثلاثاء، إن المسؤولين اللبنانيين سعوا إلى مناقشة الرد المناسب مع “حزب الله”، والذي لن يؤدي إلى حرب أوسع نطاقاً. ولكن بعد مقتل هنية في طهران، ما أثار غضب الزعماء الإيرانيين، قال إن القرار “أكبر من لبنان”.
وقال بو حبيب، في مؤتمر صحفي في مصر: “نحن نعمل على ألا يؤدي أي رد فعل إلى حرب شاملة. لن يفيد ذلك أي دولة، ولن يفيد إسرائيل”.
وحذر الدبلوماسيون والمحللون من أن سوء التقدير من جانب أي من الطرفين المتقاتلين قد يؤدي إلى إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا في لحظة متوترة بشكل خاص في الشرق الأوسط.
وفي محاولة لاحتواء التوترات، تحدث الرئيس بايدن، يوم الثلاثاء، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفقاً للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، شون سافيت.
وقال سافيت إن بايدن ناقش الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات الإقليمية، وتأمين صفقة لإنهاء القتال في غزة، وتحرير الرهائن المتبقين الذين تم أسرهم خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقالت مصر إن السيسي تحدث أيضاً إلى الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، وإن الزعيمين أكّدا على الحاجة إلى الهدوء، ووقف إطلاق النار الفوري في غزة.
المصدر: القدس العربي