مع تعثر المفاوضات بين حركة "حماس" و"إسرائيل"، وتعطل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ووسط التوترات المتزايدة، يبرز التساؤل حول شكل الحرب المحتملة إذا قرر الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان جديد على قطاع غزة.
وفي حال استئناف العدوان، من المتوقع أن يلجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى توجيه ضربات جوية مكثفة تستهدف ما تبقى من مواقع الفصائل الفلسطينية المسلحة، مع التركيز على مقرات القيادة والبنية التحتية العسكرية، مثل الأنفاق ومخازن الأسلحة.
ويتوقع أن تقوم دولة الاحتلال بتنفيذ عمليات اغتيال لقادة بارزين، من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، وقيادات فصائل فلسطينية مقاومة أخرى كما حدث خلال الحرب الأخيرة.
ويعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل رئيسي على سلاح الجو؛ نظراً إلى تفوقه وعدم امتلاك المقاومة الفلسطينية أي دفاعات متطورة ضده، ما يعني أن الغارات الجوية ستكون الأسلوب المفضل لديه، قبل التفكير في أي عمليات برية محدودة لتقويض قدرات المقاومة.
وفي الحرب الأخيرة على قطاع غزة، كان المدنيون هم الأكثر تضرراً، ومع استمرار الحصار والانهيار الحاد في القطاع الصحي، فإن أي عدوان جديد سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة. خاصة مع النقص الحاد في الغذاء والدواء واستمرار إغلاق المعابر، مما يمنع وصول المساعدات الطبية والإغاثية.
وعلى مدار أكثر من عام وثلاثة أشهر، ومنذ 7 أكتوبر 2023، ارتكبت "إسرائيل" إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.
إرهاصات الحرب المحتملة
ظهرت العديد من المؤشرات التي تعزز احتمالية استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة، من أبرزها تولي رئيس أركان جديد لجيش الاحتلال، الجنرال إيال زامير، المعروف بتوجهاته العسكرية المتشددة.
في اليوم الأول لتوليه المنصب، وجَّه زامير تهديدات مباشرة لحركة "حماس"، قائلاً: "حماس لم تُهزم بعد، والمهمة التي تسلمتها واضحة، وهي قيادة الجيش الإسرائيلي نحو النصر".
كما عقد زامير اجتماعاً موسعاً مع القيادات العليا للجيش، أكد خلاله أن "عام 2025 سيكون عاماً للحرب، مع التركيز على غزة وإيران"، مما يؤكد استعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي لمزيد من العمليات العسكرية.
وجاءت هذه التصريحات في سياق دعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أكد أن "إسرائيل تحتفظ بحقها في استئناف الحرب في غزة، بدعم أمريكي، إذا ثبت أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار لن تحقق أهدافها".
وأضاف نتنياهو عشية دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أن "المرحلة الأولى من الاتفاق هي هدنة مؤقتة، في حين تحظى إسرائيل بالحق في استئناف القتال بدعم كامل من إدارة ترامب".
كما شدد على أن "إسرائيل ستستخدم أساليب جديدة وأكثر قوة إذا اضطرت للعودة إلى القتال، ولن تتراجع حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن".
تكتيكات جديدة
ويقول الخبير في الشؤون العسكرية، يوسف الشرقاوي، إن جيش الاحتلال استنزف خلال الحرب الأخيرة معظم بنك أهدافه في غزة، سواء العسكرية أو المدنية، مما سيجعله يبحث عن أهداف جديدة خلال أي عدوان قادم.
ويضيف الشرقاوي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "مع استئناف الحرب، سيصعد جيش الاحتلال عملياته العسكرية بشكل شامل، بما يشمل غارات جوية مكثفة، وقصفاً مدفعياً مستمراً على مناطق متفرقة، إلى جانب تنفيذ مجازر بحق المدنيين".
كما يتوقع أن يعمل جيش الاحتلال على استهداف المنشآت المدنية، مثل المستشفيات، ومدارس النازحين، والمنازل، والخيام، بهدف رفع حصيلة الضحايا إلى أكبر عدد ممكن؛ في محاولة للضغط على المقاومة.
ويرجح أن الحرب المقبلة لن تكون طويلة، إذ إن عودتها ستدفع الوسطاء، مثل مصر وقطر والأمم المتحدة، إلى التدخل بقوة لمحاولة احتوائها وإعادة المفاوضات إلى مسارها، بهدف التوصل إلى تهدئة جديدة والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وعلى الجانب الآخر، لن تقف الفصائل الفلسطينية مكتوفة الأيدي، حسب الشرقاوي، إذ سترد بقوة عبر إطلاق رشقات صاروخية مكثفة باتجاه المستوطنات والمدن الإسرائيلية، وربما تنفذ عمليات نوعية خلف خطوط جيش الاحتلال، عبر استخدام الأنفاق أو الطائرات المسيّرة.
وإنسانياً يتوقع الشرقاوي، أن تتفاقم أوضاع السكان والنازحين، خاصة مع عدم إدخال كثير من مخزون الطعام، وتحكُّم الاحتلال في المعابر مع قطاع غزة، وانهيار المنظومة الصحية.
عن "الخليج أون لاين"