في الأيام القليلة الماضية قمت بزيارة الى المدينة الساحرة برشلونة " هي عاصمة مقاطعة كاتالونيا وثاني أكثر مدن إسبانيا من حيث عدد السكان, و واحدة من أجمل مدن العالم. بعد ثلاثة أيام لحظت أن الأمور عادة الى طبيعتها " بعد الأحداث الأخيرة " والهدوء والتعايش يظهر على ملامح الفرد ، وهو ما يريده الناس . اغتنمت هذه الفرصة واجريت الحوار التالي مع احد الناشطين في المسألة الكتالونية . سيدي بعد الأحداث الأخيرة : هل يمكننا أن نقول أن النزعة الانفصالية مازالت لدى الشعب الكتالوني ؟ ابتسم وقال " اعتقد أنك تعلم أن الدستور الإسباني ينص على أن إسبانيا دولة غير قابلة للتجزئة، وأن البرلمان المركزي في مدريد هو صاحب الاختصاص الأصيل في النظر في المسائل المتعلقة بالسيادة الوطنية " وهذا يعني أن الانفصال مستحيل . بعد دقائق تقهقه وقال انظر الى هذا الشارع العريض والطويل والحانات الكثيرة الموجودة فيه هيا بنا نشرب شيئا هنا .. جلسنا في احد الاركان الخلفية من الحانة حتى اتمكن من مراقبة كل شيء فيها.. كانت الحانة ممتلئة عن آخرها وحديث الناس كان يدور حول دخول " إيناكي أوردانغارين " صهر العاهل الإسباني السجن بتهمة اختلاس أموال " في هذا الصدد سمعت البعض يقولون : أنَّ العدالة في إسبانيا تُطبَّق على الجميع من دون استثناء وهذا دليل على وجود ديمقراطية حقيقية في اسبانيا " . بعد الكأس الثاني من البيرة رفع رأسه وقال أنظر الناس هنا كيف هم سعداء .. ما يهم المواطن الكتالوني هو قضاء ساعات هنيئة وسعيدة والعمل أكثر لكي يوفر الرفاهية لنفسه وهذا هو المهم ، والبعض الأخر كانوا يتحدثون على الكرة " كأس العالم في روسيا " ومسألة تغيير المدرب وامكانية فوز اسبانية بكأس العالم . كانت الساعة تشير الى منتصف الليل عندما خرجنا من الحانة والحانات مازالت ممتلئة . بعد دقائق من السير توقفت وقلت له ما قلته صحيح لكن كيف تفسر فوز الانفصاليون في انتخابات كاتالونيا على أغلبية من حيث عدد المقاعد من جديد؟ ابتسم وقال : هل تعلم أن اسهم السياحة هبطت بنسبة 30 بالمئة خلال الأحداث ... هذا يعني أن الانفصاليون لن يعودوا من جديد الى الاضرابات والمطالبة بالاستقلال .. وبالفعل فقد بدأت تعلو اصوات من قلب التكتل الانفصالي نفسه تؤكد ان (كتالونيا) غير مستعدة للاستقلال في لفتة مهمة جدا. كلمة اخيرة في هذا الصدد : صمت قليلا ثم قال : دستور عام 1978 ينص على احترام التعددية القومية والثقافية واللغوية ضمن اسبانيا الموحدة رغم أن البلاد عبارة عن 17 اقليما يتم ادارة كل واحد منها بواسطة سلطة منتخبة محليا فلماذا إذن الانفصال ؟.