2024-11-30 02:48 م

القمم تزاحم النكسات العربية… وغزة هي الأمة الآن!

2019-02-04
بقلم: طلال سلمان

مثلت القمة الاقتصادية ـ الاجتماعية التي عُقدت في بيروت، قبل أيام، مشهداً كاريكاتوريا بائساً لانقلاب الشعارات الوحدوية ـ الثورية إلى نقيضها تماماً.. فلم يأت من الملوك والرؤساء العرب إلا رئيس موريتانيا، في حين حضر أمير دولة قطر جلسة الافتتاح وغادر متعجلاً.. تاركاً خلفه “قنبلة موقوتة” على شكل “وديعة” بخمسمائة مليون دولار بتصرف الحكومة اللبنانية، في مصرف لبنان.

أما القمة العربية العتيدة التي يُفترض أن تعقد بعد شهرين في تونس، فإنها ستواجه مأزق سوريا فيها، بعد أن تحللت بعض الدول العربية من عقدة الارتهان لقطر التي قادت حملة “طرد” سوريا من الجامعة العربية، قبل بضع سنوات ومن المرجح أن تُدعى سوريا التي نفترض انه سيكون لها شروط لهذه العودة بما يمسح الاساءة التي لحقت بهذه الدولة المؤسسة للجامعة.

لقد تفرق العرب أيدي سبأ، وليس أكثر من الحروب العربية ـ العربية إلا الخلافات الكامنة بين “الأشقاء” والتي يمكن أن تتفجر في أية لحظة، في منطقة الجزيرة والخليج، اضافة إلى العدوان السعودي ـ الاماراتي المفتوح على اليمن، فهناك ازمة قطر المستعصية على الحلول، وقد أفادت تركيا من هذا الواقع “فشاركت” الاميركيين في قاعدة العيديد… بينما يتصاعد التوتر بين الامارات وقطر (ومعها تركيا) بسبب خلاف على “كاسر الموج”!

طبيعي والحالة هذه أن يفيد العدو الاسرائيلي من هذا التبعثر العربي فيسوح بنيامين نتنياهو بين سلطنة عُمان وتشاد، مؤكداً أن الحواجز قد أسقطت وان اسرائيل باتت مقبولة وان مندوبيها مرحب بهم في العديد من العواصم العربية والافريقية (فضلاً عن دول عدم الانحياز) التي كانت مغلقة من قبل والتي تستقبل الآن الوفود الاسرائيلية بالترحاب..

إن خريطة الخصومات والتحالفات العربية، هذه الايام سوريالية.. فالعراق يحالف سوريا، متشككا في نوايا السعودية والامارات وامبراطورية قطر، ولبنان الذي “يستضيف” حوالي مليوني مهجر سوري، يرفض ـ حتى هذه اللحظة ـ أن يقوم بمبادرة تجاه دمشق، كأن يزورها وزير الخارجية، رسميا، علماً بأن عددا من الوزراء يذهبون اليها، كما أن وزير الدولة لشؤون الرئاسة يزور دمشق كل يوم إثنين، اسبوعياً… لكننا نفضل ان نلتزم بالتعليمات الاميركية.

كذلك فإن القاهرة الباقية على تواصل مخابراتي دائم مع دمشق، تتردد في توجيه الدعوة اليها للمشاركة في القمة العتيدة في تونس، لأنها تحرص على ازالة آثار قرار “الطرد” حرصاً على “كرامة” قرار الجامعة بطرد سوريا منها.

سفسطة عربية مبتذلة ومهينة: مصير الامة جميعاً على المحك، واسرائيل تتباهى بقوتها، وتتحرش بالمقاومة المجاهدة، في الجنوب، من فوق رؤوس قوات الطوارئ الدولية، بذريعة انها اكتشفت خنادق ممتدة داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وتقدر أن المقاومة قد حفرتها.. لتكون جاهزة متى لزم الامر!

على الضفة الأخرى، يواصل العدو الإسرائيلي غاراته الصاروخية على الاراضي السورية بذريعة “ضرب قواعد صواريخ ايرانية” فيها.. فلا تتحرك اية دولة عربية، ولو بإصدار بيان شجب او استنكار.. وكيف تستنكر وهي ترحب بنتنياهو وتفرش له سجادة السلطان في المطار؟!

بالمقابل فان الحرب السعودية ـ الاماراتية على اليمن مستمرة، برغم أن المحادثات لوقفها حققت خفضا للتصعيد، لكن الحديدة تكاد تندثر، وكذلك تعز والبيضاء، وأخيراً صنعاء التي شملتها غارات الاشقاء بالطائرات الحربية الاميركية والفرنسية والطيارين من المرتزقة.

ولقد بلغ من شأن القوة العسكرية لدولة الامارات، وكذلك قطر، أن كلا منهما تمول جيوش مرتزقة تقاتل في ليبيا، وتحديدا في منابع النفط، دون أن تعرف الاهداف الفعلية لهذه الحرب، خصوصاً وان الدولتين الشقيقتين أغنى من أن تحتاجا إلى مزيد من الثروة المنهوبة من ليبيا..

…في انتظار أن يقرر الرئيس الجزائري المقعد ما اذا كان سيخوض معركة تمديد او تجديد رئاسته فوق كرسي متحرك ليحكم بلاد المليون شهيد..

الحمدلله: بين قمة عربية وأخرى تزداد اوضاع العرب بؤساً، ويتعمق الشقاق بين الدول الشقيقة، وتتوطد اركان دولة العدو الاسرائيلي، ويواصل الشهداء الاحياء في غزة تظاهراتهم كل يوم جمعة: يأتون إلى نقطة الحدود بالحجارة يرشقون بها جيش العدو، ثم يغادرون وهم يحملون الشهداء الجدد.. في انتظار يوم الجمعة التالي، من دون أن يخلفوا الميعاد.

كاتب وناشر ورئيس تحرير صحيفة السفير