ما يجري في الحسكة اليوم، لا يمكن عزله عن الأحداث التي تعيشها سورية، فالحرب واحدة وممتدّة ومتصلة، فبعد كل هذه السنوات التي راهن فيها الكثير على سقوط المقاومة، ثبت أن هذه المقاومة خرجت أقوى مما كانت عليه، وبإمتحان الحسكة الآن نجحت في البرهنة -كالعادة- أن الحسكة هي قلب وقبلة المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة،: المقاومة الشعبية السورية ضد الاحتلال الأمريكي في الحسكة... كيف ستنتهي؟.
الكلمة هنا هي للتاريخ، وكلمة التاريخ انه لا مفر من هزيمة الاحتلال الأمريكي طال الزمان أو قصر، فالمحللون والخبراء السياسيون والعسكريون السوريون يجمعون على أمر واحد هو أن أمريكا ليس بمقدورها مهما فعلت أن تلحق الهزيمة بالمقاومة الشعبية السورية، وليس أمامها من خيار إلا أن ترحل عن سورية، لأنها لم تعرف قدر سورية ولم تدرك مكانتها الإقليمية والدولية التي تحرق كل من يريد الإقتراب منها.
على خط مواز، أثار مقتل الطفل السوري فيصل خالد المحمد برصاص قوات الاحتلال الأمريكي أثناء تظاهرة مع مجموعة كبيرة من سكان القرية والقرى المحيطة بها خلال منع عناصر الجيش السوري لدورية أمريكية حاولت المرور عبر الحاجز العسكري السوري استياء شعبيا عاما وينبئ بانطلاق شرارة المقاومة الشعبية قريباً، في هذا السياق علق محافظ الحسكة، على الأحداث التي حصلت هناك، بقوله: إنه "من رحم الرفض الشعبي للاحتلال الأمريكي سوف تنطلق شرارة المقاومة المسلحة ضد الجيش الأمريكي شرق الفرات"، وأن "الحرب على العدوان والاحتلال الأمريكي، هي عبر القاعدة الشعبية الرافضة له".
الأهم في مشهد ما بعد العدوان، هو هذا التضامن الواسع بين أبناء المقاومة الشعبية ضد الوجود الأمريكي على الأراضي السورية ، فلم يتأخر قيام المواطن السوري فتحي البرهو بتصديه للجنود الأمريكيين بيديه، ونزع العلم الأمريكي عن إحدى عرباتهم العسكرية، مؤكدا بأنه ليس للأمريكي مكان في الجزيرة التي هي جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية، وأن الحسكة بكل أطيافها يرفضون الأمريكي وعلمه الذي جاء للتخريب وتجزئة سورية إلى دويلات.
نحن أمام انتصار عسكري وميداني كبير جداً...هذه العبارة القصيرة تلخص في اعتقادي خلاصة الرسائل المتلاحقة التي وجهها الرئيس الأسد على أن الجيش السوري ورجال المقاومة أصبحوا اليوم أقوى وأقدر على إلحاق الهزيمة بالأعداء، فهم لن يتسامحوا مع الإرهاب وسيردون بقوة وفعلوا ذلك بتضحيات الأبطال الذين أوفوا بالوعد للوطن ونذروا أرواحهم فداء لأرضهم لطرد العصابات التكفيرية، مؤكداً الرئيس الأسد أن سواعدهم ستكمل المشوار بتطهير بقية الأراضي من رجس الجماعات التكفيرية ومخلفاتها.
إن ما جرى على الأرض السورية من معارك هو إنعكاس وصدى لكل المخططات التآمرية التي ظلت لوقت من الزمن مخبأة في الأدراج السرية، فدفعت ثمن الفوضى والقتل والتدمير التي سادت البلد منذ عدة سنوات، لذلك أدرك الشعب السوري الحقيقة، وتأكد من أن العدو الأول له هم دعاة التدمير والتخريب والتفجير والقتل الأعمى، كما أدرك طريقه وأنجز خطوته الأولى في مشوار الألف خطوة، ولن يوقفه أحد، فسورية استيقظت وبدأت تنهض، ولن تسمح لأي ما كان بتعطيل المسيرة.
وعلى نفس المنوال،إن استمرار الاحتلال الأمريكي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام حرب عصابات يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية. ......هذه هي سورية وهذه هي ثقافة شعيها.
وأختم بالقول: انه كما عادت سايجون حرة لأحرار فيتنام، ستعود سورية حرة أبية للشعب السوري...و كما هرب الأمريكيون من سايجون مهزومين أذلاء، سيأتي يوم يهربون فيه من سورية مهزومين أيضا، هذه هي كلمة التاريخ، لذلك فإن الذي يدور على الأرض السورية يجعلني متاكداً إن حسم المعركة لم يعد إلا مسألة وقت ليس أكثر.
khaym1979@yahoo.com
.