2024-11-26 05:42 م

ما تداعيات فصل القيادي ناصر القدوة على حركة فتح؟

2021-03-11
عكست المواجهة المعلنة بين لجنة حركة فتح المركزية والقيادي البارز فيها ناصر القدوة -والتي أفضت إلى فصله- المعركة الشرسة التي تخوضها الحركة لمواجهة محاولات بناء قوائم فتحاوية غير رسمية.

وصباح الخميس، انتهى الحوار الذي حددته قيادة الحركة بين ممثلين عنها -هم محمود العالول وجبريل الرجوب مع ناصر القدوة- إلى إعلان الحركة فصله نهائيا، وذلك على خلفية نيته تشكيل قائمة لخوض الانتخابات التشريعية خارج قائمة فتح الرسمية.

وقال بيان صادر عن اللجنة المركزية للحركة إنها قامت بفصله "حفاظا على وحدة الحركة" وبعد إمهاله 48 ساعة للتراجع عن مواقفه المعلنة المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها، وبعد هذا الإعلان كتب القدوة على صفحته في تويتر "فلسطين أولا وآخرا".

قرار مثير للشفقة
وقال القدوة في تصريح مقتضب "إن القرار الذي اتخذته جهة متنفذة في اللجنة المركزية يثير الحزن والشفقة على ما آلت إليه الأوضاع في الحركة، دون احترام للنظام الداخلي أو المنطق السياسي والتقاليد المتعارف عليها".

وشدد على أنه سيبقى "فتحاويا حتى العظم، ولن يغير ما حدث شيئا، وسيبقى حريصا على مصالح الحركة، وقبل ذلك مصالح الوطن".

لكن مصادر مقربة من القدوة قالت للجزيرة نت إن اللجنة المركزية اشترطت عليه التراجع عن تشكيل قائمة مستقلة لخوض الانتخابات خارج قائمة فتح، وحل الملتقى الوطني الديمقراطي الذي سعى لتشكيله خلال الأسابيع الماضية، وأن يوجه نداء إلى أبناء الحركة بضرورة الالتفاف خلف قيادة الرئيس محمود عباس وقائمة اللجنة المركزية للانتخابات.

لكن القدوة -حسب المصادر- حاول إقناع زملائه في اللجنة المركزية بأن المؤشرات تقول إن الرئيس عباس يتجه إلى تأجيل الانتخابات بسبب الظروف الصحية وتفشي وباء كورونا، وبالتالي لا داعي لثنيه عن خطواته بشكل يمس بصورة الحركة.

فصل تعسفي
بدوره، يرى مدير مركز مسارات للدراسات السياسية هاني المصري -الذي يشارك القدوة في تشكيل الملتقى الوطني الديمقراطي- أن "الانتخابات لم تبدأ بعد، وما جرى هو فصل تعسفي على نية المشاركة فيها".

وقال المصري للجزيرة نت إن فصل القدوة يعني أن محاولات قيادة فتح لم تنجح لثنيه عن قراره بتشكيل الملتقى وتمثيله بقائمة في المجلس التشريعي.

وبحسب المصري، فإن الملتقى همه التغيير في الواقع السياسي الفلسطيني، وإذا أجريت انتخابات أو لم تجر فسيتم تشكيله، لأن التغيير حاجة ماسة لإنقاذ المجتمع الفلسطيني.

خارج الإجماع
وبينما فضلت قيادات اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح عدم التعليق على فصل القدوة قال رئيس المكتب الإعلامي للحركة منير الجاغوب للجزيرة نت إن القدوة هو من أعد مشروع النظام الداخلي للحركة، ومن ضمنه نظام العقوبات على الأفراد والقادة الذين لا يلتزمون بقراراتها.

وحسب الجاغوب، فقد خرج القدوة عن الإجماع الفتحاوي وعن النظام الداخلي للحركة، وقال إن الفصل جاء بقرار من اللجنة المركزية، لكن يجب أن يصوت عليه المجلس الثوري للحركة أيضا، مشددا على أن البنية الداخلية للحركة متماسكة وقوية.

غير أن عبد الفتاح حمايل القيادي في فتح والعضو السابق في مجلسها الثوري قال على صفحته في فيسبوك إن "فصل القدوة تنقصه الحكمة، ويخالف نظام الحركة الداخلي".

قائمة نبيل عمرو
من ناحيته، قال القيادي في الحركة نبيل عمرو للجزيرة نت إن فصل القدوة قرار مؤسف، وكان بالإمكان معالجة قضيته بطرق مختلفة، مضيفا "لا أعتقد أن العلاجات الجراحية ستحل مشاكل حركة فتح، بل على العكس ستعرضها لنتائج عكسية".

ونبيل عمرو أيضا من القيادات الفتحاوية المتوقع أن تشارك في الانتخابات التشريعية بقائمة خارج قائمة الحركة الرسمية، لكنه قال "ما زالت خططي كما هي، وفي الوقت المناسب أعلن خلاصة مواقفي".

وتأتي هذه التطورات بعد أن طفت الخلافات بين القيادي الأسير مروان البرغوثي وقيادة الحركة على السطح في الأسابيع الأخيرة أيضا، حيث أعلن نيته خوض الانتخابات الرئاسية، فيما دعاه القدوة إلى دعم قائمة يشكلها الملتقى الوطني الديمقراطي لخوض الانتخابات التشريعية.

لكن فُهم في الأيام الأخيرة أن البرغوثي تراجع عن دعم أي قائمة خارج الرسمية للحركة، إذ كتب ناصر القدوة على صفحته في تويتر "حاولنا منذ اليوم الأول ضم مروان البرغوثي إلى الملتقى وقيادته، ونحن معه إذا ترشح للرئاسة، أما إذا لم يترشح وحصلت الانتخابات فلكل حادث حديث".

ورغم ذلك فإن فصل القدوة من حركة فتح ينذر بإمكانية تأجيل الانتخابات الفلسطينية في حال لم تستطع اللجنة المركزية للحركة الحد من القوائم التي يشكلها أعضاؤها خارج قائمتها الرسمية كقائمة متوقعة للقيادي المفصول سابقا من الحركة محمد دحلان.

مخاوف فتح
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر إبراهيم أبراش أن مخاوف فتح مبررة، فتعدد قوائمها يعني تشتيت الأصوات، وهو ما سيكون لصالح حركة حماس التي ستشارك بقائمة موحدة وسيصوت لها أبناؤها والمتعاطفون معها، فيما يصوت أبناء فتح لقوائم متعددة، بعضها لن تصل إلى نسبة الحسم.

كما أن وجود أكثر من قائمة لفتح يعكس غياب وحدتها ويؤكد انقسامها من وجهة نظر أبراش، وهذا يمس بصورتها وقدرتها على قيادة الشعب الفلسطيني.

ويقول أبراش إن ما جرى مع القدوة قد يأتي بنتائج عكسية على فتح، فهو من ناحية ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومن ناحية أخرى هو ابن الحركة الذي تولى مناصب مهمة كوزير خارجية فلسطين وممثلها في الأمم المتحدة، ولكنه أيضا الرجل الثاني الذي يفصل من الحركة من أبناء قطاع غزة بعد محمد دحلان.

ويعتقد أبراش أن فصل القدوة "سيردع الآخرين، ومن ضمنهم نبيل عمرو"، خاصة أن مروان البرغوثي لن يخوض الانتخابات التشريعية، وهو ما يوفر لفتح خوض الانتخابات بقائمة واحدة، لكن بموقف شعبي ضعيف.

ويرى أن تأجيل الانتخابات يظل خيارا واردا، ففتح متخوفة من خوض الانتخابات وتشاركها حركة حماس، لأن الفصيلين الأكبرين على الساحة الفلسطينية يذهبان مكرهين لخوضها، فلا فتح متأكدة من الحصول على أغلبية بسبب انقسامها ووصول برنامجها السياسي إلى طريق مسدود، ولا حركة حماس -التي تواجه آثار الحصار في قطاع غزة- متأكدة من الحسم في ظل تدهور الأوضاع هناك.

المصدر : الجزيرة