2024-11-27 11:42 م

ما بعد حرب غزة لا يشبه ما قبلها

2021-05-28
بقلم: د. سنية الحسيني 
فرضت حرب غزة الرابعة معطيات جديدة، لم تكن ضمن حسابات إسرائيل، استدعت ضغطاً أميركياً عليها لوقف الحرب، بوساطة مصرية. هذه ليست المرة الأولى التي تضغط فيها الولايات المتحدة على إسرائيل لوقف الحرب في قطاع غزة، إلا أنها المرة الأولى التي تتحرك فيها الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل وسط أصوات عديدة علت بشكل ملحوظ في الكونغرس والإعلام والشارع الأميركي ضد عدوان إسرائيل على الفلسطينيين، وفي مظهر غير مألوف في الولايات المتحدة. لم يأتِ غضب الأميركيين من ممارسات إسرائيل ودمويتها في حربها الأخيرة ضد غزة منفرداً، فقد اقترن بمئات النشاطات المشابهة وعلى المستويات المختلفة في بلدان العالم أجمع. لا يمكن فصل ذلك الحراك العالمي خلال فترة الحرب عن التراكمات التي خلفتها سياسية إسرائيل الاستعمارية الإحلالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي انعكست بوضوح في التقرير الأخير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، وآخر قبله مشابه صدر عن مؤسسة «بيتسلم» الإسرائيلية، وغيرهما من التقارير لمؤسسات حقوقية دولية ركز جميعها على انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين. ورصدت هذه التقارير انتهاكات إسرائيل الصريحة لحقوق الإنسان الفلسطيني فوق أراضيه المحتلة، فاتهمتها بعضها بممارسة سياسة التمييز العنصري، وأخرى بجرائم حرب أو حتى إبادة جماعية. من المرجح أن هذا الزخم في التفاعل والدعم العالمي للفلسطينيين خلال حرب غزة الأخيرة تبلور بفعل النهج الفلسطيني الشعبي العفوي، السياسي والإعلامي التصادمي مع الاحتلال، الذي برز في الأسابيع الأخيرة قبل حرب غزة، وبشكل محدد في أحداث حي الشيخ جراح ومن بعدها في المسجد الأقصى وما حوله، واستكمل بأداء الفلسطينيين خلال تلك الحرب، الذي أبرز جرائم الاحتلال خلالها، بشكل عكس نظاماً تكاملياً شعبياً وطنياً عفوياً بامتياز. يأتي ذلك رغم أن ممارسات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تمييز لم تتوقف ليوم واحد طوال عهد الاحتلال، والتي كثيراً ما ثار ضدها الفلسطينيون بين الفينة والأخرى، إلا أن تبحح الاحتلال في حي الشيخ جراح، وتصاعد ممارساته بشكل عام في جميع المناطق الفلسطينية في الآونة الأخيرة، في ظل انعدام لأي أفق سياسي، فجر الشارع الفلسطيني اليائس. منذ توقيع اتفاق أوسلو، والاحتلال الإسرائيلي يسابق الزمن في حرب ضروس ضد الوجود الفلسطيني وفرص استمراره، لتغيير واقع الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967. في القدس، ما بين إجراءات المصادرة والهدم وترحيل وقمع السكان الفلسطينيين، تسعى إسرائيل لتهويد المدينة المقدسة وإزالة مظهرها الفلسطيني ومحو الحدود ما بين شرق المدينة وغربها. وفي الضفة الغربية، يعمل الاحتلال على فرض واقع مصادرة معظم أراضيها والتي تشكل أكثر من 60