أثار وصول برنار هنري ليفي الصحفي والكاتب الفرنسي الذي يحظى بأذني الرئيس ماكرون إلى وادي بنجشير ولقائه مع أحمد مسعود زعيم المقاومة ضد طالبان التكهنات بشأن دور فرنسي محتمل في أفغانستان بعد انسحاب أمريكا.
إذ إن ليفي، البالغ من العمر 72 عاماً، ليس مجرد صحفي أو كاتب أو فيلسوف عادي، فالرجل يعتبر "المبعوث السري" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن تأثيره على السياسة الخارجية لفرنسا يعود إلى سنوات طويلة مضت.
من هو برنار هنري ليفي؟
وُلد ليفي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1948 في مدينة "بني صاف" الجزائرية، أثناء الاحتلال الفرنسي، لأسرة يهودية غنية، وانتقلت الأسرة للعيش في باريس بعد أشهر قليلة من ولادته.
ودرس ليفي الفلسفة في معهد الدراسات السياسية في باريس وهي جامعة فرنسية راقية. وعمل ليفي صحفياً وروائياً ورجل أعمال ومخرجاً سينمائياً وممثلاً أيضاً، واشتهر كأحد "الفلاسفة الجدد"، وهي جماعة انتقدت الاشتراكية بشكل عنيف واعتبرتها "فاسدة أخلاقياً"، وهو ما عبَّر عنه في كتابه الذي تُرجم لعدة لغات تحت عنوان: "البربرية بوجه إنساني".
وتزوج الفيلسوف الملياردير من الممثلة الفرنسية "أرييل دومباسل" وأنجبت له ابنتين قبل أن يطلقها ويتزوج الممثلة سيلفي بوسكاس. وفي عام 1995، توفي والد ليفي تاركاً له شركة باعها بعد عامين بمبلغ 750 مليون فرانك.
وبدأت شهرة ليفي داخل فرنسا عام 1971 عندما عمل مراسلاً حربياً في بنغلاديش أثناء الحرب التي أدت إلى انفصال بنغلاديش عن باكستان، وكانت تلك التجربة مصدراً رئيسياً لكتابه الأول "بنغلاديش – القومية في الثورة".
لكن كتابه عن الأيديولوجيا الفرنسية، المنشور عام 1981، كان له تأثير كبير على اشتهار ليفي، حيث أثر الكتاب تأثيراً كبيراً على الفرنسيين، وتعرض ليفي لانتقادات كثيرة من أكاديميين فرنسيين بارزين اتهموه بصياغة التاريخ الفرنسي بصورة غير متوازنة وبنهج غير علمي.
الفيلسوف الملياردير ودوره في ليبيا
كواحد من الفلاسفة الجدد في فرنسا، كان لليفي تأثير كبير على الأحداث السياسية، خصوصاً أنه ناشط سياسي ذائع الصيت، وكان دائماً في طليعة المنادين بالتدخل العسكري في أي أزمة حول العالم، خصوصاً أنه يرى في استعمار الدول الكبرى لدول العالم الثالث "أمراً إنسانياً" وليس إمبريالية وغزواً.
وكان كتابه "يسار في أزمنة مظلمة: موقف ضد البربرية الجديدة"، المنشور عام 2008، زعم ليفي أن اليسار بعد سقوط الشيوعية قد فقد قيَمه واستبدلها بكراهية مرضية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود، وزعم أن ما سماها "النزعة الإسلامية" تهدد الغرب تماماً كما هددتها الفاشية يوماً ما.
وهكذا كان ليفي في طليعة الداعين الفرنسيين إلى التدخل في حرب البوسنة عام 1990. كما أن دوره في تقسيم السودان وعلاقته الوثيقة بجون جارانج رئيس جنوب السودان السابق أمر يفاخر به الملياردير الفرنسي، الذي يتمتع أيضاً ببصمات غير خافية في كل مكان شهد حروباً وأزمات.
لكن دوره في ليبيا بشكل خاص كان حاسماً وتعرض بسببه إلى انتقادات ولعنات ظلت تلاحقه لسنوات. وكان ليفي موجوداً في القاهرة عندما اندلعت الثورة في ليبيا ضد معمر القذافي، وتوجه إلى بني غازي ومنها إلى باريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي وقتها نيكولا ساركوزي وقال له: "إن التدخل الإنساني في ليبيا ليس كافياً بل يجب أن يكون الهدف الحقيقي هو الإطاحة بالقذافي"، ووافق ساركوزي بالفعل، وعين ليفي مبعوثاً له إلى ليبيا.
وفي ذلك الوقت كان يطلق على ليفي "وزير الخارجية رقم 2