بات تغيير المشهد العربي والإسلامي لمدينة القدس المحتلة وإخفاء معالمها هدفًا استراتيجيًا لحكومة الاحتلال الإسرائيلي تسعى لتنفيذه على قدم وساق خلال العام الجاري، وصولًا لمحو هويتها وحضارتها وخارطتها الهيكلية، وصياغة مشهد عبري جديد.
وأخطر ما تسعى حكومة الاحتلال لتنفيذه، مصادقة "لجنة التخطيط والبناء" في بلدية الاحتلال على إيداع خطة لإنشاء مجمع استيطاني في منطقة باب الخليل، أحد أبواب البلدة القديمة، ضمن مخطط شامل لتهويد كل أبواب البلدة التاريخية والتغطية عليها بشكل كامل.
وقالت بلدية الاحتلال إن مشروع "باب الخليل السياحي" تم الانتهاء منه، وقد أنهت لجان التخطيط عملها، ووضعت الخرائط والأمور اللوجستية، وبدأت بوضع الآليات والجرافات لأجل تنفيذ هذا المشروع خلال العام الجاري.
وأضافت أنها تعتزم تنفيذ مشروع سياحي ضخم في محيط باب الخليل يتضمن إقامة ساحات وأسواق ومجمعات تجارية وسياحية ومتحف تحت الأرض، لوصول السياح اليهود والأجانب من خلال عدة ساحات قريبة وقاعات زجاجية ومعارض فنية وتراثية.
ويعد باب الخليل ثاني أكبر الأبواب وأجملها في سور القدس بعد باب العامود، يقع في الحائط الغربي للبلدة القديمة، ويشكل المدخل الرئيس للمدينة وتاريخها العريق، كان يُعرف في العصر الإسلامي المبكر باسم باب محراب داود، وباب داود في فترة الفرنجة، واليوم يعرف بباب الخليل أو باب يافا.
تهويد شامل
وعن تفاصيل المخطط الجديد، يقول الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة "صفا" إن تغيير المشهد العربي والإسلامي للقدس بات على أولويات أجندة حكومة الاحتلال، حيث تتعرض المدينة لتهويد شامل وعمليات متسارعة لتغيير هويتها وتاريخها الحضاري.
ويوضح أن "إسرائيل" تُصعد على كل المستويات لطمس تاريخ وهوية القدس، وتشويع معالمها الإسلامية في محاولة لصياغة مشهد يهودي جديد، خاصة في المنطقة الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة، عبر تطويقه بمشاريع تهويدية.
ويعمل الاحتلال –وفقًا لأبو دياب- على مخطط واسع سيشمل كل أبواب البلدة القديمة، وسيتم تنفيذه على عدة مراحل، بحيث تبدأ المرحلة الأولى من منطقة باب الخليل المدخل الوحيد من الناحية الغربية لداخل البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وللبلدة القديمة 13 بابًا، ثمانية مفتوحة وخمسة مغلقة، فالأبواب المفتوحة هي باب العامود، باب الأسباط، باب الخليل، باب النبي داوود وباب الدمن، بالإضافة إلى ثلاث فتحات أُحدثت بالسور وسميت لاحقًا أبوابًا، وهي باب الساهرة، باب المغاربة وباب الجديد.
وأما الأبواب المغلقة، فهي باب الرحمة، باب الجنائز، الباب المفرد، الباب المزدوج والباب الثلاثي.
وبحسب أبو دياب، فإن الاحتلال رصد مبلغ 40 مليون شيكل لتهويد ميدان عمر بن الخطاب وباب الخليل، ضمن المخطط الشامل لتهويد كل أبواب البلدة القديمة.
ويُشرف على المخطط كل من بلدية الاحتلال وما تسمى "سلطة الآثار" الإسرائيلية، وعدة جمعيات استيطانية، والتي شرعت طواقمها وآلياته في تهيئة المنطقة، لإقامة المجمع الاستيطاني.
ويلفت إلى أن بلدية الاحتلال ادعت أن ذلك يتم بحجة "التطوير وتهيئة المنطقة لاستقبال السياح والزوار اليهود والأجانب"، مؤكدًا أن ذلك سيكون على حساب التاريخ العربي الإسلامي.
أهداف مبرمجة
ويشمل المخطط بناء أقواس وأعمدة في منطقة ميدان عمر بن الخطاب، وحفر نفق للقطار الكهربائي يبدأ من المحطة المركزية من قرية لفتا غربي القدس، لسرعة وصول المستوطنين والسياح الأجانب إلى حائط البراق والمسجد الأقصى.
ويبين أبو دياب أن المخطط يشمل أيضًا، إقامة جسر هوائي سيتم البدء فيه من منطقة مأمن الله، بالإضافة إلى إقامة موقف للسيارات قرب دير الأرمن، وإنشاء بنايات ومقاهي ومطاعم ومسارات سياحية داخل الميدان وأمام باب الخليل، وكذلك قاعات للترويج لروايات تلمودية وتاريخ مزور.
ويهدف الاحتلال من خلال المشروع الجديد، إلى إخفاء المعالم العربية في البلدة القديمة وتهويدها ومحاصرتها بالكامل، وحجب الرؤية البصرية عن باب الخليل والمنطقة بشكل عام، وتزوير تاريخها، لإثبات أحقية وجود اليهود في المنطقة، وكذلك تطويق الأقصى بحزام من الأبنية والساحات ذات دلالات يهودية. يقول أبو دياب
ويؤكد أن سلطات الاحتلال بهذا المشروع الخطير، تستهدف عقلية السياح اليهود والأجانب، وتسهيل وصول المستوطنين إلى داخل البلدة القديمة وباب الخليل، والمسجد الأقصى.
ويشدد الباحث المقدسي على أن "إسرائيل" تقوم بعملية إعدام ممنهجة ومبرمجة للثقافة العربية والتراث والتاريخ الإسلامي في القدس، بالإضافة إلى محاولة تغيير التركيبة السكانية في المدينة المقدسة.
المصدر: صفا نيوز