تعيش البنوك الفلسطينية العاملة في قطاع غزة فترة هي الأصعب منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وسط انتشار القتل العشوائي الذي يرتكبه الجيش الإسرائيلي، وغياب مقومات عمل البنوك وأهمها الطاقة والإنترنت.
عشرة مصارف محلية ووافدة، تملك 56 فرعا تنشط بالقطاع وتخضع لرقابة سلطة النقد الفلسطينية، تواجه واقعا لم يسبق أن تعرضت له خلال الحروب السابقة، وسط عجز عن تنفيذ أساسيات عملها المتمثل بالسحب والإيداع.
وأعلنت سلطة النقد الفلسطينية تعرض عدد من فروع المصارف ومقراتها للتدمير نتيجة للقصف الإسرائيلي المستمر في كلّ أنحاء قطاع غزة.
وأضافت في بيان، أنه تعذر على البنوك فتح ما تبقى من فروع للقيام بعمليات السحب والإيداع في محافظات القطاع كافة، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.
ويعاني القطاع من أزمة انعدام الطاقة في كافة المرافق المالية والمصرفية، بسبب نفاد الوقود وتعرض مصادر الطاقة المتجددة إلى القصف الإسرائيلي، ومعها انعدمت خدمة الإنترنت.
أمام هذه الحرب والتجويع اللذين يتعرض لهما السكان، فإن أزمة غير مسبوقة يواجهونها تتمثل في شح وفرة السيولة النقدية بين أيديهم وفي الأسواق، وتفاقمت الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة.
وحتى مطلع فبراير/شباط الماضي، كانت هناك 6 أجهزة صراف آلية (ATM) من أصل 91 تقدم خدماتها في القطاع، بحسب تصريحات سابقة لمحافظ سلطة النقد فراس ملحم.
وتظهر بيانات سلطة النقد أن إجمالي ودائع العملاء في غزة حتى ديسمبر/كانون أول الماضي، يبلغ 1.8 مليار دولار، تشكل نسبتها 10.5 بالمئة من إجمالي ودائع القطاع المصرفي الفلسطيني البالغ 17.4 مليار دولار.
بينما تبلغ محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية 990 مليون دولار، تشكل نسبتها قرابة 9 بالمئة من إجمالي التسهيلات المصرفية لدى القطاع المصرفي ككل، البالغ قرابة 11.3 مليار دولار.
وأمام هذا الواقع، انتشرت في غزة ظاهرة مرتبطة بعمليات ابتزاز يقوم بها أشخاص وتجار وبعض أصحاب محلات الصرافة غير المرخصة، باستخدام أجهزة الخصم المباشر في نقاط البيع، أو التحويلات المالية على التطبيقات البنكية.
وبحسب بيان سلطة النقد فإن "هؤلاء يستغلون حاجة المواطنين إلى النقد، مع استمرار تعذر وصولهم إلى أفرع البنوك والصرافات الآلية، ويتقاضون نسبة تصل إلى 15 بالمئة على أي مبلغ يتم سحبه من حساب المواطن بواسطة البطاقات البلاستيكية أو الحوالات، مقابل تسليمه الجزء المتبقي نقدا".
وزادت: "تؤكد سلطة النقد أنها تدرس كلّ الخيارات الممكنة، لحماية حقوق المواطنين من كلّ أشكال الابتزاز، وستعلن عن خطوات وإرشادات في هذا الشأن في القريب العاجل".
وبحسب بيانات لسلطة النقد، اطلعت عليها الأناضول، ارتفعت قيمة ودائع العملاء في قطاع غزة خلال فترة الحرب، مقارنة مع عشية 7 أكتوبر/تشرين ثاني الماضي، من متوسط 1.7 مليار دولار إلى 1.85 ملياراً.
ويعود ذلك إلى لجوء مواطنين لنقل أموالهم إلى داخل القطاع المصرفي، ففي حالة الحرب، "يصعب على المواطنين النازحين حمل الأموال والانتقال بها من مكان نزوح إلى آخر.. البنك هو الملاذ الآمن في هكذا ظروف"، وفق ملحم.
وزاد: "المسألة الأخرى الهامة والتي نود التأكيد عليها، أن ودائع العملاء كافة في قطاع غزة مضمونة ومؤمنة.. حتى الفروع التي تعرضت للقصف فإن ودائع العملاء فيها مضمونة".
وإلى جانب الخسائر البشرية، تسببت القيود والحرب الإسرائيلية في شح إمدادات الغذاء والدواء والوقود في غزة؛ مما أوجد مجاعة مستمرة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتُصر إسرائيل على مواصلة حربها على قطاع غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني، رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".