بقلم: د. فايز أبو شمالة
خذلونا يا الله، نحن عبادك المخلصين، نحن الفلسطينيين أهالي قطاع غزة الطائعين الصابرين، خذلونا العرب والمسلمون وقد كنا نحسبهم من أهلنا، ومن قومنا، ومن أتباع نبيك محمد، ومن أولياء دينك المخلصين.
لقد تخلى عنا القريب والبعيد يا الله، وتركونا وحدنا نصارع الوحش الصهيوني، ونرفع رايات الفجر من تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية، ومن فوق أعمده البيوت المدمرة، وقد امتلأت قلوبنا بالشوق إلى لقائك، وتملكنا اليقين.
خذلونا يا رسول الله، خذلتنا أمتك العربية والإسلامية، هم لم يتوجعوا لوجعنا، وهم لم يصرخوا لصرختنا، وهم لم يهبوا لنجدتنا، وهم يرون لحم أطفالنا ممزقاً بين الخيام وخلف الركام، خذلونا وهم يرون أرواحنا معلقة بحل وريد المعابر الإسرائيلية والمساعدات الإنسانية، خذلونا وهم يرون دماء نسائنا تسيل أنهاراً، وتصير طوفاناً يغطي باحات المسجد الأقصى، بعد أن غطت سحابة المتطرفين الصهاينة دور عبادتك بالأوهام وأكاذيب السنين.
خذلتنا أمتك يا رسول الله، أمة العرب والمسلمين، ومع ذلك لم تخذلنا إرادتنا نحن الفلسطينيين، ولم يخذلنا صبرنا وصمودنا؛ نحن أهالي قطاع غزة، ولم تخذلنا قدرات مقاومتنا، ولم ترتعد عظام صدر أبطالنا، عشاق الفجر، وهم يدافعون عن وطنهم، التزاماً بتعاليم دينك يا رسول الله، نحن في غزة نرفع شعار دعوتك يا محمد، خاشعين ضارعين، بعد أن قطع العرب والمسلمون حبل التواصل بيننا وبينهم، وتركونا وحدنا، وغرقوا في غيابهم تائهين.
خذلونا يا سول الله، نحن أهل قطاع غزة الذين لم نخذل القيم الإنسانية التي تأسس عليها دينك، ولم نتخلَ عن المسجد الأقصى، الذي بارك الله حوله، ولن نتخلى لا عن مقدسات المسلمين، ولا عن مقدسات المسيحيين، وما زلنا نشهد ان لا إله إلا الله، وأن محمدا ًرسول الله، ونؤمن أن فلسطين بعض أرض المسلمين، ونؤمن أن المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين، فأين هم عبادك العرب والمسلمون؟ أين هم التابعون والصوفية والقانطون، والقاطنون في ديارك، والزاهدون والمطوفون؟ وهل ما زالوا في محراب الإسلام ـ كما عهد الصحابة ـ يتعبدون؟ أم نسوا أن الجهاد فريضة، ودون الجهاد مذلةٌ، لا يرتضيها عربٌ ولا مسلمون!
كاتب فلسطيني/ غزة
المصدر: رأي اليوم