2025-04-25 04:00 ص

الإصلاح التجميلي.. وحزب الجمود الوطني

2025-04-24

بقلم: نبيل عمرو
كل الترتيبات التي يجري الحديث عنها، وأكثر ما هو متداولٌ منها استحداث منصب نائب رئيس المنظمة.

تحاول الطبقة السياسية إلباسها رداءً ملوناً لا يلبث وأن يُكتشف بأنها لا تُحدث الإصلاح المنشود.

المطلوب فعلاً لإصلاح الحال الفلسطيني، ينبغي أن يبدأ بإصلاح النظام السياسي الذي اضمحل وضعف وتشتت جرّاء الانقسام والجمود والإهمال.

الإصلاح الحقيقي المقنع مجاله ثلاث حلقات مترابطة، ولا غنىً عن أي منها، لا بالتأجيل ولا بالإلغاء ولا بالتحايل.

الحلقة الأولى حركة فتح

التي تدرك قاعدتها وقيادتها مدى التدهور الذي اعتراها وخصوصاً على مستوى وحدتها الداخلية، ومكانتها الشعبية، هذه الحركة لا يصلحها عفوٌ عام، لم يستجب إليه أحد، ولا تصلحها إجراءات ومناقلات الوظائف والمهام والمسميات، بين بعض أعضائها ممن يوصفون بالقياديين.

إن أقرب اجتهاد إصلاحي يُتداول قاعدياً بشأنها هو عقد مؤتمر عام يضم كل الفتحاويين وخصوصاً "المطرودين" منهم، وهذا المؤتمر المنشود ينبغي أن يكون تأسيسياً وتوحيدياً، واضعين في الاعتبار أن كل المؤتمرات وخصوصاً تلك التي عُقدت على أرض الوطن، كانت فاشلةً بفعل التدخل الفظ من قبل النافذين في مدخلاتها ومخرجاتها، وحتى مساراتها التنظيمية.

إذاً.. وعلى ضوء النتائج السابقة فالمؤتمر الحقيقي حاجة شرعية وضرورية بل وإلزامية كحاضنة صحية لاستعادة الحركة الكبرى لوحدتها ودورها في الحياة الوطنية الفلسطينية بإجمالها، وليس فقط فيما يتصل بالنفوذ السلطوي المتراجع أصلاً لدى الجميع.

الحلقة الثانية.. منظمة التحرير

لن يقتنع أحد إلا إذا سلّح نفسه بسذاجة مفرطة، بأن حال المنظمة سوف يكون أفضل إذا ما سُمّيَ فلانٌ أو علان نائباً لرئيسها، ودون الحديث عن الأسماء التي يجري تداول عدد منها، فهي كلها من قماشة واحدة، ومن ذات المؤسسة المتهالكة التي تحتاج إلى إصلاح جذري شامل، أساسه عودة الحياة إلى مؤسسات المنظمة، التي حمتها في السابق وأوصلتها لتكون وبلا منازع الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني باعترافٍ واعتمادٍ من العالم كله.

ينبغي عقد مجلس وطني توحيدي تُدعى إليه كافة الفصائل والقوى والفعاليات الوطنية وذلك يعد تحضيرٍ جيدٍ ومكثف لإعادة إحياء المنظمة كمرجعية أساسية عليا للحركة الوطنية الفلسطينية بكل فروعها وقواها وتشكيلاتها، ذلك بعد تأكيدٍ من جميع المشاركين على الالتزام بكل ما صدر عن المنظمة من برامج ومواقف سياسيةٍ وما سيصدر عنها.

الحلقة الثالثة.. السلطة الوطنية

التي هي الآن سواءٌ في غزة أو الضفة، هدفٌ للتصفية أو الاحتواء الإسرائيلي، فهي ممنوعةٌ إسرائيلياً عن أن تكون في غزة، وممنوع عليها ممارسة صلاحياتها حتى ضمن الحدود التي نصّت عليها الاتفاقيات التي أنتجتها أوسلو، أمّا القدس.. فمنذ زمن وإسرائيل لا تتوقف عن العمل لإلغاء كل وجود وطني فيها حاضراً ومستقبلاً، وفرض واقعٍ يحول دون تحقيق الحلم الفلسطيني وحتى العالمي بأن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة.

هذه السلطة وهي بهذا الحال لا تنفع معها الإصلاحات السطحية التي غالباً ما يقترحها المانحون، لقاء التنقيط في حلقها ببعض مساعدات الحد الأدنى، كما لا ينفع معها المناقلات والترضيات الممنوحة لبعض عناصر الحالة الرسمية، التي تجمّعت كل المسؤوليات في أيدي قلةٍ منهم، مع أنها تحتاج إلى الآلاف للوفاء بها.

إن لإصلاح السلطة باباً واحداً ووحيداً لابد من الدخول منه وهو الإعداد الجدي ومن اليوم لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، دون انتظار إذنٍ من بن غفير وسموتريتش لإجرائها في القدس، وينبغي أن تكون انتخابات تحدٍ في القدس أولاً، وفي كل الوطن، وإذا كان صعباً إجراؤها اليوم وغداً في غزة فلتكن الانتخابات هي الأولوية الأساسية للقرار السياسي الوطني، وأن يكون الإعداد لها جدياً ودون ذلك، فكل الترتيبات الموحى بها من المانحين الذين يزدادون بخلاً لن تكون أكثر من مساحيق تجميلية سرعان ما تختفي وتتلاشى دون أن يلمس المواطن الفلسطيني أي أثر فعلي لها.

هذا ما ينبغي أن يحدث، إذا ما كان الإصلاح وطنياً وحقيقياً، أمّا إذا كان كل شيء في حياتنا مرتبطاً بإرضاء المانحين وغيرهم، فالنتيجة الحتمية أن نظل نلف وندور داخل دائرة مفرغة لا مخرج منها.

ملاحظة لابد منها.. إن في حياتنا الوطنية حزبا متماسكاً ومنتشراً دون إعلانٍ رسمي، هو حزب الجمود الذي مبدأه أن كل فكرة إصلاحية جدية، لا مكان لتحقيقيها بفعل المعيقات التي يفرزها الواقع وأساسها إسرائيلي، حيث الاحتلال هو المشجب الذي يصلح لتعليق كل التقصير عليه، إن سدنة هذا الحزب الفعّال وإن لم يكن معلناً هم المخترعون الدائمون لبقاء الجمود الذي هو بالضبط بقاؤهم حيث هم.