2025-03-09 04:01 ص

قمة القاهرة تكرّر المكرّر: ثرثرة لا تغْني الفلسطينيين

2025-03-05

تحت عنوان «قمة فلسطين»، بنتائج وصفتها مصادر مطّلعة بـ«الهزيلة»، مقارنة بحجم التوقعات معها، بعد تحضيرات استمرت خمسة أسابيع، وعقدت عليها القاهرة «آمالاً» بإمكانية الخروج بموقف عربي موحّد وقوي قادر على التأثير الفعلي في مسار القضية الفلسطينية، رداً على التهديد بالعودة إلى الحرب في قطاع غزة، والتهجير القسري للفلسطينيين منه، والحديث عن الضمّ الإسرائيلي للضفة الغربية.

وعلى الرغم من تلك «الأهمية» التي أُحيطت بها القمة، ترى المصادر أن غياب دول المغرب العربي، وخصوصاً الجزائر وتونس والمغرب، ألقى بظلاله على المشهد، وعكس «تبايناً كبيراً» في مواقف الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية. كما لم يكُن مستوى التمثيل العربي، بشكل عام، بـ«القوة» المتوقّعة مصرياً، في ظلّ تراجعه خليجياً، والتباين في الخطابات الصادرة عن الزعماء العرب، على رغم حديث هؤلاء عن «دعم» القضية الفلسطينية.

 

وفي هذا السياق، بدا الموقف الخليجي «متحفّظاً» تجاه الفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركة «حماس»، التي غابت عن القمة بشكل كامل. ويعود هذا الغياب إلى موقف عربي متصاعد يرفض التعامل مع الحركة كـ«طرف شرعي» في أي ترتيبات مستقبلية للقطاع، بشكل يتّسق مع المواقف الغربية. كما أن الحديث العربي الرسمي لم يخرج عن سياق التأكيد على دعم السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مع تجاهل واضح لتمثيل «حماس» أو أيّ من فصائل المقاومة في المشهد السياسي الجديد الذي تحاول بعض الدول العربية رسمه.

 

وفي المقابل، ثمّنت المصادر كلمة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، نظراً إلى أنه شدّد فيها على ضرورة قيام «تحرك فعلي» لحماية الفلسطينيين ومنع تهجيرهم، علماً أنه لم يخفِ استياءه من غياب خطوات عملية واضحة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.

وتركّزت المناقشات، خلال اجتماعات القمة، حول «الخطة المصرية لمستقبل غزة»، والتي تمّ اعتمادها في مسوّدة البيان الختامي، علماً أنها تقوم على تشكيل لجنة غير فصائلية تتولى إدارة قطاع غزة لمدة ستة أشهر، مع الإشراف على الإغاثة وإعادة الإعمار، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية بشكل كامل إلى القطاع. كما تضمّنت الخطة إجراءات لتدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية في مصر والأردن، بهدف تمكين الأجهزة الأمنية من فرض الاستقرار، في ظل المطالبات بتوحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة واحدة.

 

وإلى جانب ذلك، شدّدت القمة على ضرورة دعم إعادة إعمار غزة، وتم الاتفاق على استضافة مؤتمر دولي في القاهرة خلال الشهر المقبل لحشد الموارد المالية وإطلاق عملية إعادة الإعمار. وفيما أشارت المسوّدة الختامية للقمة إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تُقدّر بحوالي 53 مليار دولار، تتضمّن مشاريع تطويرية تشمل بناء مساكن ومرافق عامة ومراكز اقتصادية، تبقى هذه الخطة «مرهونة» بالتطورات السياسية والموقف الإسرائيلي من أي ترتيبات جديدة في القطاع.

 

وبشكل عام، ركّز البيان الختامي على أربعة محاور رئيسية، شملت: رفض تهجير الفلسطينيين، ودعم خطة إعادة إعمار غزة، وتعزيز دور السلطة الفلسطينية، والتأكيد على مسار «حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام». غير أن هذه العناوين العريضة، والتي لم تتطرّق القمة إلى آليات واضحة لتنفيذها، تبدو أقرب إلى «ثرثرة بروتوكولية» منها إلى مخرجات قادرة على إحداث تغييرات حقيقية إزاء المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية، ومساعي تصفيتها. كما أن البيان الختامي لم يتطرق إلى أي خطوات تصعيدية تجاه إسرائيل، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، ما نمّ عن فقدان القمة رؤية استراتيجية حقيقية، في وقت بات فيه مسار «حل الدولتين»، والذي لا يزال يُنادى به عربياً، يواجه عراقيل متزايدة في ظلّ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ورفض الحكومة الإسرائيلية لأي مسار تفاوضي يؤدي إلى إقامة «دولة فلسطينية مستقلة» حتى على حدود 1967.

عن الاخبار اللبنانية