باريس/ يواجه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضغطا متناميا تفرضه المعارضة عليه بخصوص إدارته للملف السوري وقراره المشاركة
في العدوان المرتقب على سوريا، دون الرجوع إلى الشعب عبر البرلمان أو انتظار نتائج تحقيق الفريق الأممي الذي انتقل إلى مكان المجزرة بالغوطة. في حين أجمعت العديد من الصحف الفرنسية على أن هولاند وقع في الفخ بعد أن قرر الرئيس الأمريكي العودة إلى الكونغرس للبت في قرار الضربة العسكرية، ما جعل هولاند في مواجهة ضغط جديد يخص ملفا خارجيا، يضاف إلى ضغوط الجبهة الداخلية.
تعالت عدة أصوات من أحزاب المعارضة خاصة حزب اليمين المعارض وحتى نواب من الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه هولاند، بضرورة إجراء تصويت داخل البرلمان من أجل أعطاء الضوء الأخضر لهولاند بالمشاركة إلى جانب الولايات المتحدة في عملها العسكري المحتمل ضد سوريا أو لا، بالرغم من أن الدستور الفرنسي لا ينص في مواده على ضرورة استشارة البرلمان عبر التصويت لاتخاذ قرار مماثل.
لكن هذا المطلب تم تداوله بعد خطوة رئيس الوزراء البريطاني، دافيد كامرون، الذي عاد إلى البرلمان، الذي رفض أن تكون لبريطانيا يد في ضرب سوريا، وكذلك إحالة أوباما الملف إلى الكونغرس الأمريكي من أجل منحه الضوء الأخضر، بالرغم من أنه غير مجبر على ذلك.
وكان جون فرانسوا كوبي، رئيس حزب “الاتحاد من أجل حركة شعبية” اليميني المعارض، قد طلب من هولاند “انتظار الاستنتاجات التي سيصل لها مفتشو الأمم المتحدة قبل اتخاذ قرار بشأن التدخل العسكري”، وقال في تصريحات صحفية “إنه يتعين على فرنسا أن تحتفظ بحريتها في اتخاذ المبادرة”، مضيفا أن سيناريو ما حدث في العراق، في عام 2003، يحضر في الأذهان. ومن نفس الحزب قالت النائب ناتالي كوسيسكو مورزيت إن الرئيس في موقف ضعف وعليه أن يضع القرار للتصويت داخل البرلمان.
ولم تقتصر الاعتراضات فقط على الأحزاب المعارضة بل حتى من قبل حزب هولاند، إذ قال باتريك مينوتشي عضو الحزب الاشتراكي “إنه يؤيد إجراء تصويت برلماني قبل أي تدخل عسكري في فرنسا”، وأضاف في بيان صحفي له أن “عدم مشاركة بريطانيا في الضربة المحتملة بعد رفض مجلس عمومها، والقرار الأمريكي بالرجوع إلى الكونغرس الأمريكي للبت في الأمر، وعدم وجود تفويض من جانب الأمم المتحدة، جميعها أمور تثير قلق الفرنسيين وتساهم في زيادة شكوكهم حول التدخل العسكري”. وخلص بالقول “إن أي تدخل في سوريا لن يكتسب الشرعية عبر تصويت البرلمان الفرنسي ما من شأنه أن يفقد الدعم الشعبي”.
وإن كان بعض السياسيين انتقدوا تسرع هولاند في اتخاذ قرار المشاركة في العدوان على سوريا، فهناك شخصيات سياسية انتقدت أصلا قرار ضرب سوريا على غرار جون لوك ميلونشون، رئيس الجبهة اليسارية الفرنسية، الذي قال إن “التدخل العسكري في سوريا يمثل خطأ فادحا قد يجعلنا على أعتاب أكبر حرب في المنطقة لم يسبق لها مثيل”.
إعلاميا قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن هولاند يوجد حاليا في “الفخ” بعدما أعلن نظيره الأمريكي باراك أوباما قراره بالرجوع إلى الكونغرس، قبل توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا. وأضافت “خلال مشاركة الرئيس الفرنسي يومي الخميس والجمعة القادمين في قمة العشرين في بترسبورغ بروسيا، فإن هولاند الذي أصبح على حين غرة أفضل حليف لواشنطن، سيواجه الرياح القطبية التي تهب بين أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين”.
أما صحيفة “ليكسبريس” قالت إن فرانسوا هولاند، الذي أظهر نفسه عازما على ضرب سوريا فورا، يجد نفسه اليوم مجبرا على انتظار الضوء الأخضر الذي قد يعطيه الكونغرس للحليف الأمريكي”، وأضافت “أن فرنسا كانت الدولة الوحيدة التي أعلنت رغبتها المشاركة المباشرة، مع الولايات المتحدة، في العملية العسكرية ضد نظام بشار الأسد، إلا أن قرارها بات معلقا الآن انتظارا لقرارات واشنطن”.
وانتقدت الكثير من الأصوات الفرنسية قرار هولاند، وحذرته بأن سوريا ليست مالي، واستغربت كيف أن حكومة اشتراكية توافق على المشاركة في عدوان مماثل مع أن جاك شيراك اليميني كان ضد العدوان على العراق في 2003، واستغربوا كيف أن فرنسا التي طالما كانت متميزة في مواقفها ولا تداري الولايات المتحدة، أصبحت سياساتها تابعة لواشنطن، وتظهر في ثوب التابع.
"الخبر" الجزائرية