2025-04-25 05:27 ص

الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة

2025-04-24

بقلم: هاني الروسان

يعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم الخميس القادم اجتماعا يسبقه اجتماعين للجنة المركزية لحركة فتح يرأس الثاني منهما الرئيس محمود عباس لاستحداث منصب لنائب الرئيس كان الرئيس ابو مازن قد اعلن عن عزمه استحداثه في القمة العربية التي انعقدت في الرابع من مارس الماضي بالعاصمة المصرية القاهرة، واختيار الشخصية التي ستملأ هذا المنصب حيث على الارجح انها ستكون الرئيس القادم للسلطة الوطنية الفلسطينية وفقا لكثير من التقديرات.

وقد سبق قبل هذا كله ما قيل انها لجنة حوار ل”منظمة التحرير” قد شكلها الرئيس ابو مازن برئاسة روحي فتوح وعدد من الشخصيات القيادية الفصائلية والوطنية الفلسطينية لضبط مخرجات اجتماعات المجلس المركزي على المستويين التنظيمي والسياسي، هذا فضلا عن التغييرات التي سبقت وشملت معظم قادة الاجهزة الامنية ومجموعة من الاجراءات التي تندرج في اطار ما تسمى بعملية اصلاح واسعة في اجهزة وعمل السلطة الفلسطينية.

ومنذ ذلك الحين وربما قبل ذلك والاعلام المحلي والاقليمي وحتى الدولي يخوض حرب تكهنات حول الشخصية التي سيتم الاتفاق عليها لشغل منصب نائب الرئيس او الرئيس القادم على الارجح بالاستناد الى ما يسميه هذا الاعلام بموازين القوى داخل حركة فتح وتأثير المحيطين الاقليمي والدولي، واختزال ذلك في اشخاص او شخصيات بعينها دون اعتبار لعدد من المتغيرات العميقة التي طرأت ايضا على الصعيدين الدولي والاقليمي، لانه ومنطقيا لا يمكن لنا فهم الجزئيات الا في اطارها الكلي اذ من المستبعد ان يحدث عكس ذلك.

فمما لا شك فيه ان عودة ترامب الى البيت الابيض لم تكن الا استجابة لتغيرات عميقة في آليات عمل الدولة العظمى – وان لم تكن ملموسة او مرئية بالعين المجردة وخاصة للبعض – بعد تراكم ازمات النظام الدولي الراهن التي كاد بعضها ان يزج العالم في اتوان مواجهة ساخنة، كما ان تداعيات هجوم السابع من اكتوبر 2023 ستأخذ مع عودة ترامب منحنى مختلفا عما كان سيكون عليه لو ان كامالا هاريس هي من تولى ادارة البيت الابيض، وفوق كل ذلك فان تصورات ترامب او بعضها على الاقل مثل تصوره لحل القضية الفلسطينية والملف النووي الايراني هي الاخرى قد خضعت لتغيرات عميقة ما كانت لتقع لو تسارع الاحداث على مستوى النظام الدولي وفشل الآليات القديمة للدولة الاميريالية في التصدي لها، حتى صارت ضرورة البحث عن آليات جديدة ضرورة مصيرية وهي ما يجربها ترامب حاليا رغم المخاطر التي قد يواجهها من الدولة العميقة والتي يمكن ان تنطوي على كل الاحتمالات بما فيها الاغتيالات حيث يقال ان تاريخ صدام الرئاسة الامريكية مع سلطة رأس الماال كان داميا في معظم المرات.

وفي هذا السياق فانه لا يمكن القفز عن حقيقة ان تصور ترامب لحل القضية الفلسطينية الذي كان اقرب لتصورات اليمين الديني الاسرائيلي قد طرأ عليه بعض التغير على مستوى الشكل بصورة اساسية وفي العمق على مستوى اقل، حيث بات على قناعة بان استقرار الشرق الاوسط واحتواء ازماته وتوظيفه في معركته التجارية الطاحنة مع الصين لن يتم دون ايجاد حل يحقق الحد الادنى من الرضا الفلسطيني.

وهنا وان كان من غير المرجح ان يذهب ترامب بعيدا في تصوره لحل يرضي الشعب الفلسطيني الذي يعني اثارة غضب اليمين الديني الاسرائيلي، فانه سيكون مضطرا للبحث عن حل يحقق وجود كيانية فلسطينية لا تتفارق مع خصائص الدولة وان لم تعكسها تماما، غير انها كيانية لن تكون محط رضا هذا اليمين وحكومته برئاسة نتنياهو الذي يبدو ان مسار الاطاحة به قد قطع شوطا متقدما.

في الجانب الاخر لهذا التصور الاحتمال فان الاستجابة الاقليمية والمحلية له ستنعكس حتما وبصورة اساسية على طبيعة الشخصيات السياسية القادرة على تحمل المسؤولية التاريخية في ادارة مراحل بلورة هذا الحل الذي لن يكون حلا يمينيا كما كان يتمنى او يعتقد اليمين الاسرائيلي بعد عودة ترامب، كما انه لن يكون ثوريا بعد ان طوى خيار محور المقاومة خيامه.

والارجح على هذا الصعيد ان هذا الفهم هو الذي سيطغى على تفكير وآليات عمل اعضاء الهيئات القيادية الفلسطينية في بلورة رؤية للتعامل مع المرحلة القادمة واختيار الشخصية او الشخصيات الاقدر على الانجاز فيها، وان البعد الشخصي سيخلي مساحات وجوده وتقديم المصلحة الوطنية للشعب عليها، لان عكس ذلك سيكون فرصة جديدة لليمين الاسرائيلي للعودة بقوة وفرض تصوره التاريخي لدوره في الاقليم كله

استاذ الاعلام في جامعة منوبة
عن رأي اليوم