2025-06-18 07:53 ص

عندما تصلي أمريكا من أجل الملوك العرب ..

2015-08-13
بطرس الشيني
يزين ملك الأردن بزته العسكرية بعدد هائل من الأوسمة المتنوعة , وتحتل تلك الأوسمة التي نالها الملك كامل صدره حتى قبل أن يبدأ بتحويل بلده الى مقر لتدريب الإرهابيين الذين يتدفقون الى الجنوب السوري تحت ناظريه الملكيين كل يوم ,و عندما يصابون في المعركة يسارع العدو الإسرائيلي الحليف الموثوق للملك لمعالجتهم في مشافيه تحت حماية وزارة الحرب الإسرائيلية . ليس من المعروف أين سيضع الملك أوسمته الجديدة لخدماته المتعددة التي يقدمها لإسرائيل وأمريكا وأوروبا وبعض دول الخليج الداعمة للإرهاب إذ ليس من الدبلوماسية في شيء أن يزيل النياشين والأوسمة القديمة , ففي الممالك العربية يقال للملك " طويل العمر " وهو مازال في ربيع عمره كملك وأمامه متسع من الوقت وفرص لا تحصى للحصول على أوسمة جديدة خاصة وأنه يشارك بتنفيذ إستراتيجية أمريكية تهدف الى تغيير جغرافية المنطقة لخدمة إسرائيل والغرب . أنشأت إمارة الأردن التي تفتقد الى عمق تاريخي من لاشيء وبلا مقومات سكانية أو اقتصادية واستطاع الانكليز الذين منحوا اليهود وعد بلفور في وقت مبكر من القرن الماضي إيجاد حاجز سياسي بين الكيان الصهيوني وقبائل البادية التي كانت ما تزال تحمل صفات الشهامة والكرامة والحمية وكلها صفات ربما تدفعها في يوم من الايام للدفاع عن القدس المرتبطة تاريخياً بعقيدتهم وبثقافتهم كمكان مقدس . يقول " روبرت د . كابلان " الصحفي والكاتب الأمريكي وأحد صانعي الرأي في أمريكا وخاصة ما يتعلق بسياسة أمريكا في المنطقة العربية وبالتحديد تلك المتعلقة بإسرائيل وهو الى ذلك عضو سابق في مجلس السياسات الدفاعية في البنتاغون وهو يهودي ملتزم بولائه لإسرائيل وسبق له وخدم في جيشها رغم انه أمريكي من مواليد نيويورك.. يقول في كتابه المعنون " انتقام الجغرافية " ترجمة د. ايهاب عبد الرحيم علي " سلسلة عالم المعرفة يناير 2015 ص 373 " وفي مثل هذا العالم يجب أن تكون القيم العالمية متوقفة على الظروف نحن نصلي من أجل بقاء الأردن هاشمياً كما نصلي من أجل نهاية ديكتاتورية الملالي في ايران وفي ايران من المرجح أن تكون الديمقراطية صديقنا . في الأردن من الصعب أن نتصور نظاماً أكثر اعتدالاً وموالاة للغرب من النظام الملكي غير الديمقراطي الحالي . وبالمثل فإن الديمقراطية في المملكة العربية السعودية يرجح أن تكون عدواً لنا .." الأسطر السابقة المقتبسة من كتاب " كابلان " تعكس حقيقة " قيم وأخلاق " السياسة الأمريكية تجاه صنم " الديمقراطية " الذي تستخدمه كواجهة جميلة لأعمالها القذرة عبر العالم , ومما ورد في كتاب " كابلان " وتأكيده أن القيم العالمية يجب أن تتوقف على الظروف يتضح كيف أن أمريكا ومن خلفها أوروبا الهرمة تستخدم " الديمقراطية " كأداة للسيطرة فهذه الديمقراطية مطلوبة جداً في إيران المناوئة للهيمنة الغربية ولإسرائيل , والديمقراطية غير مرغوبة بالمرة في دول مثل السعودية والأردن وعشرات الدول التابعة المثيلة لها فهنا المصلحة " والظروف " تقتضي الحفاظ على الحكم الفردي المطلق الذي لا مثيل له في العالم إلا عند العرب الموالين لأمريكا ويصبح " الاعتدال " وهو التعبير الموارب للتحالف مع الغرب وإسرائيل يصبح هذا الاعتدال صفة " حميدة " في العلاقات السياسية في المنطقة ومن أجل هذا الاعتدال تمنح الألقاب والصفات الحسنة للأنظمة غير الديمقراطية ،وتعطى النياشين والأوسمة بغير حساب لملوكها وتصبح "حقوق الإنسان "وحرية التعبير عن الرأي وحقوق المرأة في دول مثل السعودية وقطر والبحرين ترفاً لغوياً وحشواً زائداً لا مبرر له فالظروف الدولية الراهنة تقتضي من صناع السياسية الأمريكية الحفاظ على الملكية والمشيخات التابعة من أجل الحفاظ على الطاقة الرخيصة من نفط وغاز وهي تتابع منح "صكوك الغفران "للعرب الذين يبيدون أطفال اليمن وحتى للذين قتلوا الآف المدنيين الأمريكيين الأبرياء في 11/أيلول والحقيقة ان الخوف من "أخلاقيات "السياسة الأمريكية والغربية يكمن هنا بالتحديد فإذا كانت أمريكا تغاضت بشكل فاضح عن القاتل الحقيقي لمدنييها في 11/أيلول واقصد هنا الفكر المتطرف ومن يرعاه فإنها لن تبالي بعشرات آلاف المدنيين الذين تقتلهم عصابات القاعدة داعش والنصرة وما تسمى المعارضة المعتدلة في سورية والعراق ودول وسط وشمال افريقيا خاصة وأن ما يجري يصب في النهاية في صالح خطط السياسة الامريكية التي تستمد قيمها وأخلاقياتها من "الظروف"وليس من أي مصدر سام سبق للسياسيين الامريكيين نهاية ستينيات القرن الماضي أن سلكوا في اخلاقياتهم "المتأقلمة مع "الظروف"سلوكاً مشابهاً في السكوت على ضحايا من مواطني امريكا في سفينة التجسس الالكتروني الامريكية "ليبرتي"التي دمرها الطيران الاسرائيلي في المياه الدولية بالمتوسط خلال حرب 1967 ،فالظروف كانت يومها ومازالت تقتضي مراعاة تأثير اللوبي اليهودي الامريكي على انتخابات الكونغرس والرئاسة الامريكية واعطيت اسرائيل صك غفران وذهب الضحايا الى النسيان ، يخبرنا التاريخ المعاصر إن أي حاكم تابع للغرب وامريكا غير حكام اسرائيل هو مجرد بيدق صغير في لعبة كبيرة ،هو مجرد أداة تستخدم حسب الظروف لتحقيق هدف معين ،هذا ما حدث لدكتاتور الفلبين و شاه ايران نهاية القرن الماضي وهذا ما حدث لبينوشيه في تشيلي وغيره العشرات في امريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا واختتم بحفلة عربية أطاحت بحاكم مصر بعد خدمات كبيرة عبر ثلاثة عقود من الولاء المطلق لأمريكا وبحاكم تونس وبالقذافي بعد توبته وايداعه ما يزيد عن /160/مليار دولار في بنوك الغرب باسم الشعب الليبي وهذا مبلغ ذهب مع الريح حتى لو عاد القذافي من موته ... هؤلاء وغيرهم كانوا آلة ولاء وطواعية لأمريكا والغرب ولكن ساسة الغرب لم يخصصوا لهم أية صلاة كما يدعو السيد "كابلان"وهو عندما يقول "نحن نصلي من أجل بقاء الأردن هاشميا"والسعودية غير ديمقراطية ...ربما يشك في ان كل الدعم والمحاولة قد لا تفيد في وجه تطلعات الشعوب لذلك فهو يطلب ايضاً معونة السماء عن طريق الصلاة ...لبقاء الملوك والأنظمة التي يعترف بأنها غير ديمقراطية. يعلم السيد كابلان هو وادارته ان ما يحافظ على بقاء "طويل العمر "في هذه المملكة أو تلك المشيخة ليس صلاة ساسة امريكا والغرب بل الدعم الاستخباري والعسكري الذي تقدمه أمريكا لتابعيها من أنظمة الحكم الفردي المطلق . وفي زيارات السيد "كابلان" لاسرائيل قد م الكثير من الصلوات والأمنيات ولا شك "حسب العادة "وضعها في شق في "حائط المبكى "ولا يذكر ما إذا كانت تلك الأمنيات تتعلق بتحويل إسرائيل إلى دولة يهودية أم فقط للحفاظ على الأنظمة الملكية "المعتدلة "غير الديمقراطية"حسب تعبيره " أظن أن صلاة ذلك المؤيد بشده لإسرائيل ستتوقف حالماً يحقق الكيان الصهيوني حلمه بالتحول إلى "دولة يهودية"عند ذلك و"وفق الظروف والقيم المستنبطة منها من المتوقع ان يصلي السيد كابلان ليس للحفاظ على الحكم الهاشمي في الاردن بل لتحويل ذلك البلد إلى وطن بديل للفلسطينيين ,وعندها يمكن ان يحظى الملك بدفعة جديدة من النياشين والأوسمة الذهبية .  

الملفات