2025-06-17 06:31 م

أين كنتم يا عرب عندما أطلقت دمشق صيحتها لا للإرهاب؟

2015-09-05
بقلم : جمال رابعة*
مخطئ من يعتقد بأن كل ما يدور في المنطقة العربية وما زرع وخطط له وما وقع من أحداث وكوارث ومصائب وما تم استحداثه واستيلاده من العصابات والمجاميع الإرهابية التي طال اذاها ونار حقدها ولظى حممها مجتمعاتنا لم يكن بعيداً عن العين الاميركية والغربية تتراكم ثرواتها وتترف شعوبها على حساب فقر وجوع واضطهاد وذل ودم وأمن شعوب العالم في الماضي ومن أجل تحقيق ذلك كانت تجهز جيوش جرارة تحرق وتدمر وتقتل وتشرد لكن بالمقابل كانت هناك كلف مادية وبشرية تقع على عاتق شعوبها ودولها كضريبة لتحقيق نتائج العدوان على الشعوب والاحتلال واضطهاد فقراء العالم . اليوم هم بغنى عن هذا الأسلوب التقليدي في السيطرة على الشعوب , وكان البديل جيوش تقاتل عنهم بالإنابة فلا أثمان مادية ولا بشرية. فاتورة لابد من دفعها في ظل عدم وجود هكذا جيوش فتم اختراع واختلاق واستيلاد جيوش القاعدة بفرعيها النصرة وداعش , هذه المرحلة هي ضمن الخطط المراد تنفيذها والتي كانت من نصيب منطقتنا العربية تحت ما سمي (ثورات الربيع العربي) كما كانت بالأمس في تسعينات القرن الماضي في أفغانستان خدمة للمشاريع الامبريالية , إذ كان الهدف آنذاك الاتحاد السوفيتي فيما كان يمثله من قوة استراتيجية لكل الشعوب المستضعفة وحركات التحرر العالمي من ظلم العنجهية والاستغلال الاميركي والغربي , وتحت مسمى ثورات الربيع كانت المحاولة قائمة في عام 2009 , هذه المرة لتطاول الجمهورية الإسلامية الايرانية بعد فشلهم بتحقيق أهدافهم العدوانية على تلك الدولة الثائرة بوجه الشيطان الأكبر والكيان الصهيوني., في حرب عدوانية (حرب الخليج الأولى) قدمت اميركا والغرب ومشيخات وممالك الخليج وفي مقدمتهم ال سعود كل الدعم المادي والمعنوي والسياسي, لكن الجبهة الداخلية وايمان الشعب الايراني بوطنه ودوره الحضاري والانساني استطاع أن يجهض كل هذه المحاولات والمؤامرات للنيل من حقوقه السيادية والوطنية رغم كل التصدعات التي تعرض لها بدعم هذه القوة الخارجية واستطاع أن يحقق انتصار أكبر بعد إبرام الاتفاق النووي مع السداسية الدولية والحفاظ على حقوقه بتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية . و كان وقوف الدولة السورية الى جانب الثورة الايرانية في هذه الحرب الظالمة عاملاً هاماً و اساسياً و مميزاً متن و صلب عوامل الصمود لتحقيق النصر للثورة الايرانية بعد أن وضعت الحرب أوزارها . أما في منطقتنا العربية فالأمر مختلف تماماً, إذ استطاع هذا الغرب وبعد دراسات مستفيضة ودقيقة عن مجتمعاتنا ايجاد نقاط الضعف التي تغلل من خلالها لزرع القاعدة بفرعيها داعش والنصرة مادياً وفكرياً, ارتكازه فكرياً كان على الوهابية التكفيرية , بينما اعتمد في الجانب المادي العملاني على أرضية دينية طائفية واقليمية تغذي الصراعات , وتشتعل نيرانها لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات من حيث يعلم أو لا يعلم هؤلاء الأغبياء من ملوك وأمراء بأن النار المشتعلة قادمة اليهم عاجلاً أم آجلاً فالطائفية الاقليمية تكمل وتترجم نظرية الفوضى الخلاقة التي اطلقتها رايس لتشكيل شرق أوسط جديد فهي تعزز من وجود اذرع الارهاب في المنطقة كداعش والنصرة وما تفرخ عنها , وكذلك تعبئ اجتماعياً في الوطن العربي ضد الدولة السورية , والعدو المفترض ايران , هذه الطائفية التي هي نتاج المشروع الأمريكي قد أعطت القاعدة بشقيها داعش والنصرة حرية التصرف وأصبحت إيران اولوية على داعش والنصرة للعديد من الأنظمة العربية وضمن الخط المرسوم لتوجهات تلك الانظمة خدمة للمشروع الصهيو- أمريكي , وصرف النظر عن العدو الحقيقي للأمة العربية الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين وشرد شعبها. تأسست داعش كما النصرة في اروقة البنتاغون كما يتضح ذلك في تقرير لوكالة الاستخبارات العسكرية المؤرخ في شهر أب 2012 بعد رفع السرية عنه , وما نشر في صفيحة نيويورك تايمز لخريطة روبن في شهر ايلول 2013 في جلسة سرية للكونغرس ذكرتها وكالة رويترز في شهر كانون الثاني عام 2014 الهدف هو انشاء كردستان وسبع دول بين سورية والعراق بأهداف سياسية واقتصادية. ال سعود بدورهم كانوا ضالعين بتمويل المجموعات الارهابية , أما الرأي العام السعودي فهو بالحقيقة والواقع الملموس لا يتعارض ولا يتنافى ولا يخالف فكر تنظيم داعش والنصرة غير أنه من خلال المعطيات التي تشير الى أن ال سعود يخصصون سنويا منذ عام 1975 , ما بين مليارين وثلاثة مليارات جينيه استرليني من اجل نشر الفكر الوهابي, الاب الروحي لكل هذه العصابات التكفيرية المنتشرة في العالم. تقوم استراتيجية داعش والنصرة التي رسمت خطوطها العريضة وتفاصيلها الدقيقة في أقبية المخابرات الاميركية والبنتاغون على الحرب النفسية الموجهة بشكل خاص الى الجندي السوري , ربطاً مع قناعة هذا الاميركي باستحالة هزيمة هذا الجيش العقائدي بعد طول حرب قذرة تجاوزت الأربع سنوات , هذه التنظيمات التكفيرية تعتمد على منطق الضغط والرعب في المرحلة الأولى تمارس فيه وتسخر له كل الإمكانيات والثقل العسكري أما في المرحلة الثانية فتعتمد بالدرجة الأولى على التفجيرات والاغتيالات بمختلف صنوف الاسلحة بحيث تكون كافة شرائح المجتمع تحت رماية القتل والإرهاب , وتهدف هذه الاستراتيجية للسيطرة على منطقة البحر الأحمر وكذلك قناة السويس , إذ أوكلت هذه المهمة لما يسمى ولاية سيناء وتاليا تأمين شريط استراتيجي للمنطقة كما حدث في الماضي أثناء الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الأولى , وهذا ما يوفر ويمنح المنطقة امتياز العمق الجغرافي الاستراتيجي من أجل الدفاع عن مركز الخلافة المزعوم وهي مكة والمدينة كما يتوهمون وكما يحلمون هم ومعلميهم , وبعد الانتهاء من سورية والعراق والأردن ولبنان سوف يتمددون باتجاه السعودية واليمن لدمج بلاد الشام وشبه الجريرة العربية واليمن وهدفهم المعلن والحقيقة المطلقة والمراد تنفيذها هو واقع جيو سياسي صورته الأوضح ما يحصل ويدور في ليبيا , حروب لا تنتهي ونيران لاتنطفئ . في السياق ذاته فإن المعلومات المتوفرة ومن مصادرة دولية متعددة تشير إلى خروج داعش عن سيطرة داعميه ومعديه الغربيين والخليجيين وما شاهدناه من احداث في الكويت وتونس والعراق وفي دول أوروبا الغربية يؤكد ذلك , هذه الدول التي باتت المتضرر الاكبر من سياسة اوباما الذي لا يريد ولا يحاول ولا يفكر بالقضاء على هذه العصابات التكفيرية من داعش والنصرة لان القضية تحكمها توازنات واذا اختلت هذه التوازنات ستكون خطيرة على استراتيجية المصالح الاميركية. أطلقت دمشق صيحتها مدوية محذرة من هذا المشروع والسيناريو الذي رسمه اعداء الأمة لإجهاض اي مشروع عربي أو اسلامي تنموي ونهضوي وتحرري , في المرة الأولى اطلقتها بلسان السيد الرئيس بشار الأسد في القمة العربية الخامسة عشر في شرم الشيخ 2003 بقوله : الجميع سيكون في قلب الخطر وسيكون مستهدفا ربما ليس مباشرة ومن المرحلة الأولى ولكن على مراحل , بعد إثني عشر عاما وفي خطاب القسم بتاريخ 1772014 , عاد وذكر وحذر بقوله : ( منذ بداية الأحداث حذرنا بأن ما يحصل هو مخطط لن يقف عند حدود سورية بل سيتجاوزها عبر انتشار الإرهاب الذي لا يعرف حدود, حينها قال البعض أن الرئيس السوري يهدد العالم , يومها تحدثت عن خط الزلزال الذي يمر من سورية وقلت أن المساس بهذا سيؤدي لزلزال لن تتوقف ارتداداته في سورية ولا عند الجوار بل ستذهب لمناطق بعيدة واعتبروا أن الرئيس السوري يهدد لمجرد التهديد) . بعد كل ذلك ما حدث في المنطقة وتداعيات ما سمي بالربيع العربي الذي حامله الاساس هذه العصابات التكفيرية , فهل بقي مجال للشك بذات الأهداف من خلال الواقع وهل تأكد العالم ان الاسد عندما كان يتكلم ويتحدث بلغة العارف حرصا على مصير المنطقة كل المنطقة لم يكن يهدد لمجرد التهديد. رأيي هنا له خصوصية وموجه الى الشارع العربي و دور المواطن العربي الحر وليس لتلك الانظمة المتآمرة الغارقة بالعمالة والتآمر لذاك السيد الاميركي على مصالح وحقوق ومصير شعوبها, ولسان حالي فيه يسأل ؟ اين كنتم يا عرب عندما أطلقت دمشق صيحتها لا للإرهاب ؟؟ وما انتم فاعلون ؟؟ .
*عضو مجلس الشعب السوري

الملفات