تختلف أشكال التدخل الأمريكي في الدول حسب الهدف الذي تمارسه تلك الإدارة على هذه الدولة أو تلك فمثلاً في الدول العربية تدخّل الإدارة يبدو وقحاً وعلنياً وفي دول أخرى تظهر دبلوماسيتها عن طريق الملحقيات والهيئات الرسمية التي تبلّغ رغبات الإدارة الأمريكية في هذا الشأن أو ذاك في حين تبدو على شكل صفقات مع الدول الكبرى التي تتقن لعبة الأمم حسب المردود المادي أولاً الذي ينال الرئيس ومن حوله ومن ثم مصلحة الدولة التي تعدّ في مرتبة ثانية وهذا ما لحظناه في الصفقات التي عقدت بين بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية مع الرئيس الفرنسي الفاسد جاك شيراك الذي خضع لمحاكمة بعد انتهاء ولايته الدستورية بعيد الاتفاق على قتل الحريري الأب وإلصاق التهمة بسورية وهذه التهمة جاءت برغبة أمريكية ، ومع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي جاء خلفاً لشيراك واستفاد من تمويل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي لحملته الانتخابية ونجح فيها ولم يكن هذا الأمر سبباً في توطيد العلاقات بين الرئيسين بل إن(ساركوزي ) غدر بمن موّل حملته الانتخابية وتآمر عليه وأسقطه بالتآمر مع الإدارة الأمريكية ونال حصته من الأموال الكثيرة التي كان يضعها القذافي في البنوك الأجنبية ، وكذلك فإن هولاند يجيد أدوار اللعب التي أتقنها أسلافه الذين سبقوه ، لذلك فقد بدا كلباً مطيعاً للأمريكان منذ اللحظة الأولى من توليه كرسي الرئاسة في الإليزيه وكالببغاء حين ردد اسطوانة العداء لمعادي الإدارة الأمريكية معلناً قبل فوزه ولاءه لإسرائيل وأن زيارته إلى إسرائيل "ستكون جزءا من مشاريعه وولائه لمهندسي السياسة الأمريكية في العالم ويعتبرون حسب زعمه القطب الأوحد الذي يدير السياسة العالمية ويمسكون بكافة خيوط اللعب على مساحة الكرة الأرضية ، ولم يقرأ هو لاند وبعض الذين يسيرون في هذا الركب أن شمس الإدارة الأمريكية بدأت بالأفول منذ عام ال2000 حين دحرت المقاومة الوطنية اللبنانية الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني وجعلته يفر هارباً من عمليات المقاومة النوعية وقبل ذلك بسنوات فقد تم جلاء المارينز من الجنوب بعد عدة عمليات أسقطت عشرات القتلى جعلت الرأي العام في أمريكا يستشيط غيظاً من سياسة إدارته الغبية التي تدفع بالجنود الأمريكان للموت في لبنان .
على الرغم من أن العالم كله أصبح يعترف بأنه لا وجود الآن لقطب وحيد في العالم وأن السياسة العالمية يجب أن تحكمها القوانين والأنظمة في العالم ، والوقائع تشير إلى أن التفاهمات والمصالح المشتركة هي التي تضع النقاط على حروف الواقع وهذا يعني أن الفساد يطال رؤساء الدول الكبرى الذين ما زالوا يخضعون للمعادلات التي يفرضها الأمريكي عليهم من خلال الصفقات المشبوهة فيما بينهم والتي يحصل من خلالها على مواقف مؤيدة لرغباته التي لا تبقي على من يعارض سياساته في مختلف أنحاء العالم سواء بأساليب الترغيب التي تقدم خلالها الرشاوى والصفقات المختلفة أم من خلال أسلوب الترهيب والضغط للرضوخ والخنوع بتهيئة ملفات فساد وشهود زور وتهديد بالقتل أو الخطف أو خسارة المنصب الذي يشغله هذا المسؤول أو ذاك وهذا ما تقوم به دوائر الCIA التي تتعهد بملفات كثيرة حول العالم ومنها ملفات الاغتيالات وملفات الضغط على الأشخاص والهيئات بمساعدة بعض الأشخاص الذين يسهلون هذا العمل بالرشاوى التي يتقن العديد لغتها وكذلك لغة التآمر التي تصبح سهلة أمام بريق المال المغري .
باختصار الفساد لا يكون على مستوى الأفراد فقط بل هو على مستوى الرؤساء الذين يبيعون بلدانهم وأوطانهم في سبيل البقاء على كرسي الحكم وهذا ما يتبدى بشكل جلي في اللعبة الدولية فمعظم رؤساء العالم فاسدون لأنهم يمررون الكثير من القرارات والصفقات للإدارة الأمريكية التي تحيك وتدير المؤامرات في العالم ، ولعلنا لا نسمي ما يفعله بعض الرؤساء العرب بالفساد لأنه أقرب إلى الخيانة بل هي الخيانة بعينها.
كاتب وصحفي سوري
marzok.ab@gmail.com