2025-06-17 06:23 م

الحرب في اليمن للمزيد من التصعيد

2015-09-09
بقلم : حماد صبح
تتجه الحرب في اليمن التي يشنها ما يسمى التحالف العربي نحو المزيد من التدهور والتصعيد إثر الضربة الصاروخية القاتلة التي تعرضت لها قوات التحالف في معسكر صافر في محافظة مأرب شمال شرقي صنعاء الجمعة الماضية في الرابع من الشهر الحالي . مثلت الضربة تنفيذا لما هدد به الحوثيون وقوات صالح من احتمال اللجوء إلى خياراتهم الاستراتيجية . تتباين الأخبار حول عد القتلى والجرحى في قوات التحالف حسب تباين مصادرها . الإمارات اعترفت ب 45 قتيلا ، والبحرين ب 5 ، والسعودية ب 10 ، ولم تذكر أرقام الجرحى . مصادرعسكرية يمنية لم تحدد هويتها قالت إن قتلى التحالف 300 . بعد الضربة اشتد القصف على مختلف المناطق اليمنية في عشوائية ميزت ضربات طائرات التحالف منذ بدء الحرب في 26 مارس / آذار الماضي ، ويوم الأحد ضربت تلك الطائرات خيمة عزاء في محافظة الجوف شمالي اليمن ، فقتلت 80 وجرحت 50 من المدنيين . الخسارة الكبيرة في الأرواح لقوات التحالف في معسكر صافر إشارة حمراء للعواقب الكارثية للتدخل البري في اليمن . وظلت خسائر السعودية البشرية قليلة في الاشتباكات البرية المحدودة في منطقتي نجران وجيزان قبل التدخل البري الحالي الواسع الذي أعقب انتزاع عدن من الحوثيين وقوات على صالح . ضربة صافر كانت فرصة لإعادة النظر في عواقب التدخل البري ، والبحث عن حل سياسي يجنب شعب اليمن اتساع الدمار وازدياد أعداد القتلى المدنيين الذي تقدرهم الأمم المتحدة ب 4500بينهم مئات الأطفال ، ويمنع انجراف بقية دول الخليج إلى محرقة كبيرة للأرواح والأموال . بدلا من التعقل وإعادة النظر في هذه الحرب العدوانية على اليمن تدفع السعودية ومعها البحرين والإمارات وقطر نفسها إلى مزيد من الانجراف إلى تلك المحرقة . ففي الأخبار أن قطر أرسلت 1000جندي مع أكثر من 200 مدرعة ، وتنوي إرسال المزيد من قواتها ، والسعودية منهمكة في إرسال المزيد من قواتها البرية قبل الضربة وبعدها . هذه حرب بدئت بحماقة وتهور وتتواصل بمضاعفة الحماقة والتهور ، والذين بدؤوها أخطؤوا حساباتهم ، وكانوا غير مؤهلين لها لا خبرة ولا صحة تقدير للمخاطر الكامنة في الحروب . نظروا للفارق المالي والتسليحي بينهم وبين الحوثيين وقوات على صالح ، فوجدوا تفوقهم كاسحا فاندفعوا إلى الحرب . وفحص سريع للتصريحات التي صدرت عن مسئولي الدول الخليجية المشتركة في الحرب بعد ضربة صافر يوقفنا على نوعية هؤلاء المحاربين وضحالة فهمهم لمفهوم الحرب ومبرراتها الوطنية والأخلاقية . الإمارات توعدت ب " الانتقام الفوري " ، وقال ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان : " ثارنا ما يبات " ، وولي عهد البحرين هدد بالثأر ، وسار أحمد عسيري الناطق باسم قوات التحالف في نفس اتجاه التصريحات السابقة حين قال إن ما حدث في صافر لن يثني قوات التحالف عن مهمتها في اليمن ، بل سيكون حافزا لها للمضي قدما " وفاء لأرواح القتلى " ، لكنه بدا ألطف لهجة من أقرانه الخليجيين الذين أوردنا ما قالوه . ألا تلحظون في ما قيل ثقافة قبلية ممثلة في التركيز على الثأر؟ وفعلت الإمارات شيئا طريفا مستغربا ، فنكست علمها وحدت على قتلاها . ليس من تقاليد الدول تنكيس أعلامها والحداد على قتلاها في الحروب التي تدخلها قناعة بعدالتها وشرعيتها . المفترض أن القتلى ضحوا لرفع العلم الذي يرمز لبلادهم لا لتنكيسه ، لكنها الحرب التي بدئت بعشوائية وارتجالية وضعف المبرر الحقيقي لها ، ومن ثم فلا غرابة في ما يفعله مفتعلوها بعد ذلك . ولعل غياب الملك سلمان في إجازة طويلة في المغرب تخللتها زيارة سريعة إلى أميركا التقى خلالها أوباما أكبر الأدلة على الاستخفاف بمخاطر الحرب في اليمن . كيف يغيب رأس بلاد عنها وهي في حالة حرب ؟ هل هي محاولة لبث رسالة نفسية إلى مواطني البلاد بأن الحرب مهمة عادية لا تستوجب وجوده فيها ؟ إن كان الأمر كذلك فهو سلوك بعيد عن حكمة الصواب . الحرب في اليمن ليست مهمة عادية . كيف تكون عادية وقد دخلت شهرها السادس ، وبابها مفتوح على زمن يعلمه علام الغيوب ؟ وكيف تكون عادية وجنود البلاد يموتون فيها ؟ مقتل 10 جنود سعوديين ، والتقدير أن العدد أكبر ، وحده كان كافيا لأن يقطع الملك إجازته ويعود إلى بلاده . وكيف تكون عادية وتكلفتها بدأت تؤثر على الوضع المالي والاقتصادي للبلاد متوافقة مع الانخفاض الحاد لأسعار النفط الذي تمثل عوائده 90 % من دخلها ؟ وإنما الأمر مثلما قلنا إن هذه حرب بدأت بحماقة وتهور ، وإن مشعليها لا خبرة لهم ولا صحة تقدير للمخاطر الكامنة في الحروب ، وإنها تدار بعقلية وثقافة قبلية . وحرب من هذا النوع خسائرها ومخاطرها بلا حد ، وكفى نذيرا بشرورها أنها مندفعة نحو مزيد من التصعيد .

الملفات