2025-06-17 12:14 م

السيف الداعشي .. والمقبض الأمريكي

2015-09-16
بقلم : جمال رابعة
المتابع و المدقق والمواكب لنشأة داعش يستخلص نتيجة في غاية الأهمية أن مجمل هذه المخرجات والموبقات الداعشية لم تكن من فراغ , وما يحمله الفكر الداعشي من تعصب ٍ وتكفيرٍ وإقصاء ٍ وإلغاء ٍ للآخر منبعه الأساس الوهابية السعودية . في نظرة معمقة للشراكة الاستراتيجية الأمريكية- الخليجية فإن كل ملتبس يستطيع الإجابة على أسئلة كثيرة تغزو خاطر المتسائل والمتتبع للأحداث التي تدور رحاها في جغرافيا محددة دفعت أثماناً باهضة ولاتزال من دماء شعبها وقوتها واستقرارها وأمنها , تركت وراءها شروخاً اجتماعية وتنموية يطول زمن إصلاحها وترميم بثورها الطافية على السطح , كالجدري الذي يضرب الجسد . وإن أحداً يستطلع دعوة صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية لتشاركز ويلسون مؤسس تنظيم القاعدة لأن يرقد في قبره بسلام , ولأنّ من تولى بعده هذه المهمة مايكل فيكرز وهو القائد الفعلي والحقيقي لتنظيم داعش وكافة التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تجتاح العالم العربي والإسلامي , يستطيع كذلك أن يحل كل العقد التي تتوارد إلى الذهن فيما يتعلق بحيثيات وجوهر وفكرة تأسيس القاعدة ولواحقها التي انبثقت عنها , لم تختلف عن الأب الروحي لها سوى بالإسم فقط . المهمة الرئيسة التي تصدر لها مايكل فيكرز هذا هي إدارة كافة حروب أمريكا بالوكالة , وبالطبع لتنفيذ الخطط والاستراتيجيات الأمريكية بكافة مراحلها وسيناريوهاتها وبمختلف روادها وأبطالها من منطقة إلى أخرى حسب التسمية الشائعة ( حروب الجيل الرابع ) , وكل ذلك تطبيقاً لأفكار ونهج بريجنسكي المعلم الأول لفيكرز, التي تتخلص فيها الفكرة الأساسية لجهة تقسيم دور القاعدة إلى فصيلين هما داعش والنصرة , يكون الجامع بينهما العقيدة الوهابية ذاتها , أهم استراتيجيتها ولبنتها الأساسية هي القيام بحروب بالإنابة بكلف طفيفة وبأقل الأثمان . تشير الإحصائيات إلى أن الجندي الأمريكي يكلف 6000 دولار , في حين يكلف الذي يتم تجنيده من قطعان التكفير من النصرة وداعش وغيرها 300 دولار , كما أنه وبحسب الواشنطن بوست , وتحديداً في29 أيلول من العام 2010 وقبل اندلاع ما سمي بالربيع العربي فإن أوباما عين فيكرز مساعداً لوزير الدفاع الأمريكي وهو في الحقيقة وحسب الصحيفة قام بصناعة تلك الشخصية التي أصبحت الشغل الشاغل للعالم ومحط الأضواء ابراهيم البدري السامرائي الملقب بأبي بكر البغدادي, بعد إدخاله للسجن ليخرج منه قائداً عاماً لجيش أمريكي بديل اسمه داعش, وهنا يمكن فهم الانخراط الخليجي كعامل أساسي في تحقيق ما يصبو إليه الأمريكي في استراتيجية حروبه بالوكالة في المنطقة , هذا الانخراط والاندفاعة التي سارع فيها أمراء ومشيخات النفط لتخريج دفعات كبيرة جداً من الخارجين عن القانون والمجرمين من سجونها وإلحاقهم في صفوف داعش لإذكاء العامل البشري في تلك التنظيمات وتالياً تقوية ودعم الإرهاب ومده بكل مقومات الحياة والتغلغل والبقاء . أستطيع القول في الختام أن داعش والنصرة وكافة التنظيمات التكفيرية ليست مجموعات متمردة أو ثائرة كما أسماها مشغلوها في سورية والعراق وكافة المناطق الذي يضربها هذا الوباء, جاءت لنصرة الشعوب أو حتى إعلان ما يسمى داعشيا ً خلافة إسلامية , إنما هي في الحقيقة حركة سياسية عابرة للحدود وليست دينية , لكنها تستخدم النهج والفكر واللغة الدينية من أجل جذب واستقطاب الأتباع والمناصرين والمؤيدين وتبرير كافة أعمالهم الشنيعة والغرائزية كفتاوى جهاد النكاح وغيرها من الأمور التي لاتمت للدين الحنيف بصلة , بالتوازي مع منظومة إعلامية ضخمة تروج لفكر هذا الإرهاب تغزو عقول المتابعين وحيث تتوفر الحاضنة الشاذة والمريضة التي سرعان ما تتأثر بتلك السموم وتنساق للحشود التكفيرية , وكل ذلك وصولاً للأهداف غير المعلنة , ومن المؤكد أنها أهداف ٌ سياسية بامتياز تشكل فيها تلك التنظيمات في الواقع مسرحاً سياسياً مصمماً ومبنياً على أساس الوصول إلى نتيجة سياسية سقف استهدافاتها هو تقطيع أوصال المشروع القومي العربي والمشروع الإسلامي النهضوي بالسيف الداعشي الذي يدير قبضته الشيطان الأمريكي للوصول إلى مبتغاه , وأخفض ذلك السقف ترحيل القضية الفلسطينية إلى أجل غير مسمى , وهذا ما يحدث بحذافيره .
*عضو مجلس الشعب السوري

الملفات