2025-06-17 12:37 م

العودة إلى الأخلاق الأمريكية!!!!!

2015-09-18
بقلم: بطرس الشيني
عندما تحدث الرئيس الأمريكي "أوباما " بداية رئاسته الثانية عن ضرورة العودة إلى الأخلاق الأمريكية والعمل على سحب الجيوش الأمريكية من العراق وأفغانستان ، ظن البعض أن ثمة نية للقطب الأقوى في العالم للاتجاه نحو السلام ، وربما يكون هذا الظن الخاطىء سببه عدم فهم معنى "الأخلاق الأمريكية" أو بالأحرى "أخلاق ساسة أمريكا" بشكل صحيح .. وإذا كانت أخلاق ساسة أمريكا " وهم جميعهم تم انتخابهم بشكل ديمقراطي" ومن المفترض أنهم يعبرون عن الشعب الأمريكي إذا كانت أخلاقهم تمثل أخلاق الشعب الأمريكي فإن ثمة كارثة تهدد ليس منطقتنا فقط بل والبشرية، إذ إنه وخلال ثلاث سنوات من عودة ساسة أمريكا إلى أخلاقياتهم سالت أنهر من الدماء بفعل الأخلاق الأمريكية في العراق وغزة ومصر وليبيا وسورية وأوكرانيا واليمن وجنوب السودان .. الخ ...، صحيح أن أمريكا سحبت معظم قواتها من العراق وقللت من تلك الموجودة لدى أصدقائها في أفغانستان ولكنها اعتمدت لتحقيق أهدافها وسياستها على أسوأ الإرهابيين في العالم لتحقيق إستراتيجيتها في السيطرة على الشعوب ومقدراتها الاقتصادية .. تحت عناوين براقة أهمها "الحرية" والديمقراطية " و"الدفاع عن حقوق الإنسان" ورغم حديثها المسبق عن "الشرق الأوسط الجديد" فقد استطاعت جر شعوب كاملة للفوضى والقتل معتمدة على سلاحها السري الجديد "اليمين المتطرف" لتحقيق أهدافها . وأوجدت عبر مجموعة من الحكام العرب التابعين لها مئات المنظمات الإرهابية في العراق وسورية وليبيا واليمن وأمنت لها الدعم السياسي والإعلامي وزودتها بأحدث الأسلحة في وقت تتحدث فيه بلا كلل عن محاربة الإرهاب والتطرف!!؟.. وربما هذا بالضبط يعطي الصورة المثلى عن "الأخلاق الأمريكية" . عودة أمريكا إلى أخلاقياتها بينت فضائل أمريكا غير الأخلاقية عندما كانت ترسل جنودها مباشرة لاحتلال الدول منذ حرب فيتنام وصولا ً إلى العراق ، على الأقل كانت الإدارة الأمريكية تضع في حساباتها دوما ً عدد القتلى من جنودها وتأثير ذلك على الناخبين الأمريكيين، أما مع "الأخلاقية الأمريكية الجديدة" فلا خوف من ذلك وهو سلوك يشبه سلوك زعماء منظمات الإجرام ومافيات المخدرات كما يتم تصويرهم في "الأفلام الأمريكية" هم دوما ً أشخاص من علية القوم يحركون من بعيد مجموعة من المجرمين ويستثمرونهم لتحقيق غاياتهم .. التطرف اليميني سلاح أمريكا السري الذي قتل حتى الآن في دول العالم أضعاف ماقتلته المحرقة النووية الأمريكية في اليابان ...ليس جديدا ً ... إذ سبق لأمريكا واستخدمته في أفغانستان عبر دعمها المنظمات المتطرفة لمحاربة الاتحاد السوفييتي "بحجة محاربة الإلحاد" وكان بن لادن" المقاتل الأول لديهامن أجل الحرية" ثم حولته بعصاها السحرية إلى الإرهابي الأول واعتمدت كما يحدث اليوم على دول الخليج العربي للتمويل ... مع عودة أمريكا إلى أخلاقياتها دعمت المنظمات المتطرفة في ليبيا عبر منظومة من الدول العربية والأوروبية وجعلت هذا البلد يتشظى بعدد قبائله وهي تسعى بكل ما تملك من "أخلاق" لتفتيت سورية والعراق وتدمير اليمن عبر وكلائها الأوفياء الذين يتمتعون بأخلاق لا تقل وطأة " . بعد تمرد" بن لادن" على أصدقائه وتفجير برج التجارة العالمي وقتل الآلاف من الأمريكيين في " أيلول" ظن بعض المتفائلين أن أمريكا ستعمد فعلاً للقضاء على المنبع الرئيسي للارهاب في العالم " الفكر المتطرف" ورغم أن معظم من قاموا بخطف الطائرات وتفجيرها في نيويورك كانوا من السعوديين فإن أمريكا وثقت علاقتها أكثر مع الدولة الأولى الداعمة للارهاب والمصدرة له ، ووجدت أن الشر ليس في من قتل مواطنيها بل في دول سمتها محور الشر بدأت من كوريا الشمالية مروراً بايران ثم سورية .... ،.. وكانت القائمة تطول وتقصر وفق مقتضيات السياسة و"الأخلاق" الأمريكية . ربما من أجل ذلك تم سحب التصريح الشهير لوزير الخارجية الأمريكي "كولن باول" من التداول الاعلامي والذي أدلى به بعد فترة من أحداث /11/ أيلول وشكر فيه سورية يومها قال إن المعلومات التي قدمتها سورية أنقذت أرواح آلاف الأمريكيين ... طمس تصريح "كولن باول" بعد فترة وجيزة من اذاعته ينسجم مع الأخلاقية الأمريكية إلى أبعد حد خاصة وأن أمريكا عادت واستخدمت المنظمات الارهابية التي قتلت مواطنيها في عمليات لصالحها عبر العالم في الدول العربية تحديداً .. لا بل واستقبلت بشكل رسمي ودعمت وشجعت وسلحت هؤلاء الذين هللوا وصفقوا لمقتل آلاف الأمريكيين في برج التجارة العالمي واعتبرتهم " مقاتلين من أجل الحرية ". ردت أمريكا المعروف الذي أنقذ أرواح آلاف الأمريكيين بما يتناسب وأخلاقيات ساسة أمريكا إذ بعد أن أصدرت الدولة السورية عفواً عن الذين افتعلوا الأحداث وقاموا بحمل السلاح ضد الدولة ودعتهم لتسليم سلاحهم خرجت وزيرة الخارجية الأمريكية " هيلاري كلينتون" لتدعوا المسلحين في تصريح رسمي إلى عدم تسليم أسلحتهم وزادت الدعم السياسي والإعلامي والعسكري لهم . منذ عدة سنوات التقيت بدبلوماسية أمريكية تعمل في السفارة الأمريكية بدمشق خلال حفل موسيقي سألتها يومها ما إذا كانت السينما الأمريكية التي تمجد القتل والعنف تعكس حقيقة أخلاق المجتمع الأمريكي ... تمهلت تلك السيدة قليلاً ثم قدمت جواباً دبلوماسياً " شديد التعقيد" فيه الكثير من الكلمات والقليل من المعاني ولكن أمكنني أن أحل ألغاز جوابها وأنا أتابع ردات الفعل " غير الانسانية " لساسة أمريكا على الجرائم التي ترتكبها مئات المنظمات الارهابية المدعومة من أمريكا ضد المدنيين السوريين وكيف يقوم الاعلام الأمريكي بتحوير وتزوير الواقع وتجاهل دماء أطفال المدارس الذين يقتلون يومياً بقذائف أصدقاء أمريكا التي تسميهم " المعارضة المعتدلة" هذا غير الآلاف الذين قتلتهم جبهة النصرة وتنظيم داعش والمنظمات الشبيهة المدعومة من تركيا والسعودية وقطر والاردن وغيرها من الدول الحليفة لأمريكا في حربها الدموية على الانسانية . هل تحارب أمريكا الارهاب حقاً .. هل يشعر الأمريكي " الأخلاقي" بذنب تجاه المذابح التي تنظمها إدارته عبر العالم .. تحت مسميات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وإذا كان جهد أمريكا صادقاً بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان فلماذا لا تبدأ بتطبيقه على أصدقائها في دول الخليج الذين يحكمون وفق أساليب العصور الوسطى قبل أن تطبقه على أعدائها ...

الملفات