بقلم: بطرس الشيني*
"هجوم نوعي للمعارضة السورية على بلدتي الفوعة وكفريا بأربع سيارات مفخخة وكانت المعارضة مهدت لذلك بقصف هاتين القريتين بـ /250/ صاروخاً اليوم " هذا كان الخبر الرئيسي لنشرة أخبار بعد ظهر يوم الجمعة في محطة فرانس /24/ تلته المذيعة " المبتسمة " وكأنها تتحدث عن انجاز رياضي دولي حققه فريقها المفضل .. ولم تذكركم طفلاً قتل ولم تتحدث عن لوعة ودموع الأمهات الثكالى ولا ما فعلته صواريخ " المعارضة " !!؟
المحطة تجنبت ذكر اسم جبهة النصرة في خبرها كالعادة ولكنها اجبرت على ذكره في اليوم التالي بعد ان تبين ان احد قادة النصرة (تونسي الجنسية )قتل اثناء الاعتداء والرجل كان مساعدا لرئيس تنظيم القاعدة وحارب في افغانستان والعراق ومع ذلك تّصر فرانس 24 كما شقيقتها بي بي سي البريطانية ان هذه معارضة سورية كذلك تجاهلت المحطة ان الهجوم شاركت فيه منظمات (حزب تركستان الاسلامي- منظمة جند الاقصى -والعديد من المنظمات الاخرى التابعة لتركيا وتجاهلت ان ذلك الجيش (التركي) قصف البلدتين بحوالي 1000 صاروخ وقذيفة 500 منها في الساعة الاولى للهجوم وفق ماذكرت وسائل اعلام (المعارضة) هي تجاهلت في اليوم نفسة مقتل 65 مدنيا يمنيا بينهم 17 طفلا في قصف (قوات التحالف العربي )على صنعاء وتعز , واعتبرت ان اعتداء الجنود الاسرائيليين على المصلين في المسجد الاقصى هو(مواجهات)!!!!!!!؟؟؟وكانت اعتبرت احراق المستوطنين لعائلة الدوابشة الشهر الماضي (حادثة))
لم تخرج تلك المذيعة عن التوجه الإعلامي لمحطة فرانس 24 بل هي لخصت بطريقة الأداء وترداد كلمات هيئة تحرير تلك القناة , سياسة القناة في دعم المنظمات الإرهابية منذ خمس سنوات وحتى الآن خاصة وأن هذه المحطة كانت إحدى المحطات الدولية الرئيسية التي ساهمت في التحريض ضد سورية وساهمت باستقطاب آلاف الإرهابيين من المغرب العربي وأوروبا وتحريضهم عن طريق الفبركات والأكاذيب الإعلامية للذهاب الى سورية والمشاركة في الحرب الإرهابية ..
تقول أم أحد المقاتلين التونسيين" وفق تعبير المحطة" في لقاء مع برنامج " هي الحدث " تقول باكية " ابني الوحيد توجه للقتال في سورية وانقطعت أخباره كان يمضي يومه وهو يشاهد التلفزيون على قنوات فرانس 24 والحدث وتونس وأصبح متشنجاً يوماً بعد يوم الى أن اختفى في أحد الأيام وتحدث معي من سورية حيث ذهب " للجهاد "
شهادة هذه الأم ودموعها تشير بالتحديد الى المساهم الحقيقي في دفع عشرات آلاف الشباب من مختلف دول العالم للمشاركة في ذبح الشعب السوري و لم تتضمن حلقة " هي الحدث "
التي بثتها محطة فرانس 24 منذ حوالي شهرين أية إشارة إلى أعمال القتل والذبح التي تقوم بها المنظمات الإرهابية في سوريةالتي انضم لها ذلك التونسي هي أشارت فقط إلى " دموع " أم فقدت ابنها وربما تكون شهادة تلك الأم هي واحدة من " الحقائق " التي فلتت من مقص الرقابة الفرنسية ولا أظن أنها كانت ستمر لو أن المادة كانت في نشرة أخبار من نشرات المحطة . خاصة وأن شهادة هذه الأم التونسية تناقض توجهات وسياسة المحطة وتكشف دورها الحقيقي في الحرب الارهابية الدائرة.
لاشك أن محطة فرانس24 وهي محطة منتشرة ومسموعة بشكل خاص في دول المغرب العربي وأوروبا ساهمت مساهمة مباشرة في تحريض الشباب المتطرف على الانضمام للتنظيمات الإرهابية وهي كما بقية المحطات الغربية الناطقة بالعربية لم تترك وسيلة مناقضة لأسس العمل الإعلامي وأخلاقياته إلا واتبعتها في سبيل التحريض واثارة الفتن واعتمدت لمدة ثلاثة أعوام على ما سمته" شاهد عيان " كمصدر رئيسي للأخبار ومعظم شهود العيان كما تبين لاحقاً كانوا أعضاء في المنظمات الارهابية المحاربة على الأرض .
ورغم أن هذه المحطة تعمل ضمن توجه اعلامي موحد فيما يتعلق بسورية واليمن وفلسطين يشمل الحرة- بي بي سي- إضافة إلى المحطات الخليجية ويتبين ذلك من خلال الحملات الاعلامية الموحدة والمصطلحات والتعابير الاعلامية الموحدة أيضاً ورغم أن المحطات الغربية تابعة وممولة من حكومات تصنف القاعدة على أنها منظمة ارهابية فإن هذا لم يمنعها من تحقيق الاستراتيجية الاعلامية للقاعدة في إثارة الرعب والخوف واستقطاب المزيد من المقاتلين إلى صفوفها ويمكن ملاحظة ذلك بشكل خاص في أداء محطة فرانس 24 التي تعمل منذ عدة أشهر على تعويم جبهة النصرة وتبييض صفحتها بشكل فج ولكنه يتناسب مع توجهات السياسة الفرنسية وخاصة توجه الرئيس الفرنسي هولاند وحكومته .
خلال الأشهر الأربعة الماضية ارتكبت جبهة النصرة مجازاً مروعة بحق المدنيين في حلب وادلب وجسر الشغور وقرى الغاب وقتلت مئات المدنيين من النساء والأطفال في قصف على القرى والأحياء السكنية ومع ذلك لن يجد المتابع أي ذكر لجبهة النصرة في نشرات أخبار فرانس 24 ومثيلاتها في الاعلام "الحر" فهي مع كل مجزرة تتحدث عن " تقدم المعارضة " أو استهداف " النظام" ولكنها لا تشير اطلاقاً إلى أن المكون الأساس لتلك المعارضة في الشمال السوري هي جبهة النصرة فرع القاعدة في سورية وجميع أخبارها المتعلقة بهذه المنظمة المصنفة إرهابية في مجلس الأمن والأمم المتحدة وأوروبا ومعظم دول العالم تشبه ذلك الخبر المتعلق ب" هجوم نوعي على الفوعة وكفريا بأربع سيارات مفخخة".
في/5/ آب الماضي قتلت جبهة النصرة والمنظمات الإرهابية المتحالفة معها /55/ مدنياً في قرية البحصة بسهل الغاب وقبلها ارتكبت مذبحة طالت سكان قرية اشتبرق في جسر الشغور وقبلها قتلت العشرات في جسر الشغور وادلب ومنذ بداية آب وحتى الآن قتلت المئات من المدنيين عشرات منهم من الأطفال في أحياء حلب والفوعة وكفريا وسيل الدم هذا الذي صنعته" المعارضة " وهو الاسم المفضل في فرانس 24 للنصرة سيل الدم هذا لم يكن دافعاً لخبر صغير أو برنامج تحليلي أو اشارة من قبل محطة فرانس 24 لجرائم جبهة النصرة.
في مجزرة مدرسة عكرمة المخزومي بحمص العام الفائت قام انتحاري من المعارضة المدعومة من الغرب بتفجير نفسه في تجمع لأطفال المدرسة أثناء خروجهم فقتل حوالي ما يزيد عن / 70/ طفلاً وجرح أكثر من هذا العدد ، وتلا الجريمة انفجار ثلاثة سيارات مفخخة خلال الأشهر اللاحقة أودت بالعشرات من المدنيين نسبة منهم من طلبة الجامعة في حيي النزهة والزهراء وبما أنني شاهدت الأشلاء والدماء عن كثب وتابعت أداء فرانس 24و والحرة وبي بي سي يمكنني القول إما أن هؤلاء لا يعلمون ما هي أسس العمل الصحفي وهذا "غير صحيح بالمرة " أو أنهم الواجهة الإعلامية الناعمة " المتحضرة " لأشد المنظمات الإرهابية خطورة في تاريخ البشرية وهذا هو الأصح
. ماذا وراء حماس فرانس 24 للترويج " لانتصارات " جبهة النصرة و هجماتها " النوعية " أظن أن الأمر يتعدى دور هذه المحطة في نقل وجهة نظر السياسة الفرنسية حيال قضايا المنطقة إذ من الواضح أن بعض العاملين فيها يحملون الفكر الإرهابي عينه و يقومون " بالجهاد " بالكلمة على طريقهم و لنتذكر... في ذكرى الإبادة الأرمنية التي اعترفت بها رسمياً فرنسا هذا العام بعد مرور مائة عام على ابادة العثمانيين للارمن , أوردت فرانس 24 تقريراً حول الإبادة جاء اخطر ما فيه " إعلامياً" على لسان المذيع الذي قال بالحرف : هرب الأرمن إلى منطقة دير الزور و هناك حدثت المجزرة ؟؟؟هي جملة واحدة نسفت التقرير و معناه من جذوره يستنتج المتابع أن المجزرة حدثت في سورية و هذا ما لم يقله أي مؤرخ أو إعلامي قالته فقط فرانس 24 و لكن لماذا قالته .. يكفي متابعة أسماء من قام بإعداد التقرير لمعرفة كيف تسربت الأكذوبة الفضيحة التي تعكس انتماءات بعض العاملين في المحطة و توجيهاتهم الفكرية و هذا ينطبق على جميع الأخبار المتعلقة بسورية. فرانس 24 تقوم بدورها المرسوم بدقة و تعمل بأموال دافعي الضرائب الفرنسيين الذين تصفهم كتب التاريخ لدينا بأنهم " بناة حضارة "و تنسجم هذه المحطة تماماً مع السياسة الفرنسية في اصطفافها مع الإرهاب تحت مسميات شتى
و مع ذلك لا يعاني بعض المسؤولين السوريين من أي خجل في إعطاء تصريحات لهذه المحطة التي تصبح إسرائيلية أكثر من أي محطة إسرائيلية إذ تعلق الخبر بغزة أو المسجد الأقصى و تصبح وهابية و سعودية أكثر من أي محطة سعودية إذا تعلق الأمر بخمسة آلاف قتيل و خمسة و عشرين ألف جريح يمني معظمهم من المدنيين " وفق تقرير الأمم المتحدة " و تصبح كقطة تموء مع كل صفقة أسلحة مع دول الخليج عندها يفتقد جميع من يعمل بها مصطلحات و تعابير " حرية "عدالة " حقوق الإنسان و يفتقدون بشكل أساسي لمصطلح " ديمقراطية " و تصبح حقوق المرأة مجرد نكتة سمجة .. و هي تعمل بجهد لتصل إلى مستوى انحطاط " الجزيرة و العربية .. أليست هي و غيرها مما يعرف بالإعلام الحر شركاء في سفك دم السوريين و العراقيين و معاناة اللاجئين و تدمير البنية الاقتصادية
يخبرنا التاريخ القديم و الحديث إن ما من دولة أو أمة دعمت الإرهاب إلا و جاء وقت واكتوت بناره وفرنسا ليست أقوى من الولايات المتحدة التي زرعت الإرهاب في أفغانستان "لمحاربة الشيوعية"و حصدته في برج التجارة العالمي حيث دفع الابرياء ثمن غباء الساسة.
* صحفي سوري