2025-06-17 07:51 ص

أردوغان ينقلب على موقفه... الأسد والسيسي وجهاً لوجه قريباً

2015-09-27
بقلم: الدكتور خيام الزعبي*
يتحدث الجميع تقريباً، من موسكو إلى واشنطن ومروراً بباريس حتى لندن، عن الحل السياسي للأزمة السورية عبر المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، ولم يعد خافياً على أحد أن فشل التحالف الدولي ضد الإرهاب أحد أسباب تعزيز تواجد روسيا في سورية، لكن في الإتجاه الآخر يجب ان لا ننسى على أن الموقف الغربي برمته بات ينظر الى الرئيس الأسد بإعتباره جزءاً من الأمر الواقع في سورية، وأن مصيره رهن إرادة الشعب السوري الذي وحده يملك حق إتخاذ قراره بشأنه، فالسؤال المهم الذي يتبادر الى أذهاننا هو: أين تقف تركيا من هذا، وهل يلتقي الرئيس الأسد بنظيره السيسي قريباً؟. إن إرتداد الإرهاب على الدول التي دعمته وأزمة اللاجئين والإتفاق النووي الإيراني وتصاعد وتيرة التحالف السوري- الروسي بالإضافة الى صمود سورية وحلفائها لمدة خمس سنوات هي سبب التحولات الحاصلة اليوم في المواقف الدولية تجاه سورية، وأمام هذه التحولات والتغيرات، نحن اليوم أمام إنعطافة حادة في مسار الحرب على سورية، أبرز ما فيها أن كل الأطراف أصبحت مقتنعة أنه لا يمكن لطرف التفرد في ترتيب واقعه الإفتراضي كما يريد، بدليل تغيير الخطاب الأمريكي في إعطاء دور أكبر لروسيا في إيجاد مخرج لأكثر الحروب وحشية في تاريخ المنطقة، وإعتراف واشنطن بدور موسكو الإيجابي تجاه الأزمة السورية من حيث ترحيبها بمشاركة كل من روسيا وايران فى الجهود الراهنة لحل الأزمة السورية وتكثيف الجهود المشتركة لمواجهة داعش، وصولاً الى تحقيق الأمن والإستقرار في سورية والقضاء على الإرهاب وإجتثاثه من جذوره. فبعد أشهر من إنطلاق شرارة الأزمة السورية وضع أردوغان نفسه في موقع العداء مع الرئيس الأسد وحكومته مطالباً إياه بالتنحي، وذهب أبعد من ذلك ليفتح أبواب بلاده أمام المعارضة السورية المسلحة منها والسياسية، وطريق عبور المقاتلين نحو سورية ومعسكراً لتدريبهم باعتراف الغرب، كما كانت أنقرة أول من طالب بإقامة منطقة عازلة في سورية من دون نتيجة، في هذا السياق ومع تزايد الحديث عن تحول لافت في الوجود الروسي على الأرض السورية تشير كافة المعطيات الأمنية الى تحول نوعي تركي في التعاطي مع الأزمة السورية، فقد أعلن الرئيس التركي أردوغان الذي طالب على الدوام برحيل الرئيس الأسد عن السلطة, بأن الأسد يمكن أن يشكل جزءاً من مرحلة إنتقالية في إطار حل للأزمة السورية، كما أكد إنه من الممكن ان تتم هذه العملية الإنتقالية بدون الأسد كما يمكن ان تحصل هذه العملية الإنتقالية معه، وتشير هذه التصريحات الى أن الموقف التركي حيال الرئيس الأسد طرأ عليه بعض التغييرات التكتيكية، فالنظام التركي بدأ ينظر بشكل أكثر واقعية إلى الأمور، في هذاالإطار يمكن القول إن قرار دخول موسكو الحرب الى جانب حليفتها دمشق، قلبت الطاولة على تركيا بما عليها من إستراتيجيات ومخططات، ويمكن تلمس حالة التخبط التركي من خلال إعراب وزير خارجيتها، عن قلقه لوجود مستشارين عسكريين روس الى جانب القوات السورية، معتبراً تواجد هؤلاء المستشارين سيساهم في تأجيج النزاع والفوضى في سورية وقد يجهض الحملة ضد داعش، هذه الطريقة من الكلام تكشف وتدل على مدى العجز والقلق الذي تشعر به تركيا وحلفاؤها في المنطقة. في سياق متصل الكل يبذل الكثير من الجهود في المشاورات والمباحثات الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي في سورية، لذلك أرى نرى أن هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، خاصة بعد أن عدة دول غربية بدأت تعيد حساباتها وتغير موقفها من النظام السوري، فقد إعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري أن الرئيس السوري يجب ان يتنحى عن السلطة لكن ليس بالضرورة فور التوصل الى تسوية لإنهاء النزاع الدائر في سورية، وأدلى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بتصريحات مماثلة، من جهتها دعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الى إشراك الأسد في الحوار لحل الازمة السورية. اليوم ما تتعرض له مصر لا يقل خطورة عن ما تواجهه سورية، إنه الإرهاب الذي يستهدف قدرات ما تبقى للأمة العربية من أمل، لذلك فإن ظهور داعش أحيا روح إتفاقية الدفاع المشترك بين سورية ومصر، وقد إعتاد الرئيس السيسي، التأكيد على أهمية الحل السلمي للأزمة في سورية بما يضمن حمايتها وسلامة أراضيها وإنهاء خطر المتطرفين محذراً من الآثار السلبية لإستمرار هذه الأزمة على دول المنطقة، وفي إطار ذلك تفضل مصر بقاء النظام والجيش في سورية موحداً، لأن تفتيت الجيش وسقوط النظام يعني سيطرة داعش والإخوان وباقي الجماعات على سورية وهذا يهدد النظام في مصر، وفي الإتجاه الآخر وصلت الإتصالات السورية المصرية لأعلى مستوياتها خلال الأشهر الماضية، إذ شهدت هذه العلاقات تطورات كبيرة حيث زود الجيش المصري نظيره السوري بذخائر ومعدات عسكرية كبيرة، في وقت سعت فيه القاهرة لايجاد صيغة تواصل بين الحكومة السورية وبعض أطياف المعارضة المعتدلة، فهناك تحضيرات ومشاورات خاصة وتفاهم سوري مصري لعقد قمة سورية – مصرية تجمع الرئيسين السوري والمصري ستعلن عنها في الأيام القليلة المقبلة، لبحث آخر التطورات على الساحة العربية والإقليمية وآخر مستجدات الأزمة السورية. في هذا الإطار يمكنني القول إذا كنا نتطلع إلى حل جذري لمشاكل الأمة، فلابد من مصر أولاً ثم زيادة التعاون بين مصر وسورية، ونعلم ماذا يعني ربط المشرق والمغرب العربي عبر مصر وسورية، كما أننا نراهن على دور القاهرة في وقف الإرهاب في ليبيا، وفي العراق وكل الدول العربية الأخرى، ولكن لا يجوز أن نستعجل الأمور ونطلب من مصر أكبر من طاقاتها في هذه الظروف، ولكننا نتطلع للمستقبل ليعود لمصر دورها القومي على الصعيد العربي، فمكافحة الإرهاب أصبح مسؤولية قومية عربية، وأصبح لزاماً على مصر ان تعيد حساباتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية وأن تشرع لإعادة علاقاتها مع سورية وقوى المقاومة في المنطقة لإعادة إستنهاض المنطقه للتصدي لكل محاولات إعادة ترسيم المنطقة بما يخدم أهداف المشروع الغربي ومحصلته تحقيق أمن إسرائيل. مجملاً...روسيا ترى الدور المصري في الحل مستنداً إلى تطابق سوري مصري، لذلك فإن التحرك الروسي والمصري لحل الأزمة في سورية هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص، ويساعد على مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية، وإنطلاقاً من ذلك فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح الروسي لحل الملف السوري يدعمه التوافق المصري والإيراني والدول الصديقة المختلفة.
* عضو بمنتدى القانون الدولي بجامعة القاهرة 
Khaym1979@yahoo.com