2025-06-17 08:02 ص

التغيير الديمغرافي اداة تركية اسرائيلية للتوسع

2015-09-28
بقلم: بطرس الشيني*
لا يختلف ما قامت به عصابات" الهاغاناه وشتيرن" الصهيونية في اربعينيات القرن الماضي من مذابح ضد المدنيين الفلسطينيين بهدف اثارة الرعب وتهجير السكان من قراهم ومدنهم مع ما قامت به "جبهة النصرة"و"الدولة الاسلامية والتنظيمات الارهابية التابعة لتركيا في تهجير سكان مناطق واسعة محاذية للحدود التركية في محافظتي حلب وادلب ،وربما يكون الاختلاف الوحيد أن الصهاينة ارتكبوا مجازرهم في عدة قرى أودت بحياة المئات ،فيما ارتكبت التنظيمات التابعة لتركيا أو تلك التابعة للدول الخليجية مجازر دموية فاقت الأولى آلاف الأضعاف في عنفها ووحشيتها ودفعت ملايين السوريين للنزوح إلى المناطق التي تقع تحت سلطة الدولة أو إلى الهجرة الخارجية . وكما قامت المنظمات الصهيونية بتوطين اليهود مكان السكان الاصليين واحتلت ارضهم وبيوتهم ،قامت المنظمات الارهابية وراعيتها الأولى تركيا باستقدام مجموعات تركمانية وقوقازية وشيشانية ومن تركستان وغيرها من مناطق أواسط آسيا للسكن في قرى ومناطق حلب الشمالية وريف ادلب ومدنها . وشكلت في الوقت عينه نواة لقوات تركمانية في الشمال السوري وجهزتها لتكون القوة المسيطرة فيما تسميه "المنطقة الآمنة التي تعمل بقوة لانشائها في ريف حلب ومحافظة ادلب . لجأت تركيا منذ بداية الازمة في سورية وهي أزمة كان لتركيا أردوغان الدور الاساسي في احداثها لجأت منذ البداية لاستخدام المدنيين كورقة للمساومة وعملت على تهجيرهم بالترغيب تارة "في البداية "حيث تم اقامة مخيمات لجوء داخل تركيا في وقت لم تكن هناك اية حركة نزوح ،واستقبلت هذه المخيمات في البداية اسر عناصر التنظيمات الارهابية ونظمت تركيا حملة اعلامية للاشادة بجودة الخدمات والرفاهية المقدمة في تلك المخيمات ،ولما بدأ بعض سكان هذه المخيمات بالعودة إلى الوطن لجأت تركيا عن طريق المنظمات الارهابية لاثارة الرعب مما دفع مئات الآلاف للهجرة وخاصة مع تمدد داعش والنصرة ومئات المنظمات الأخرى التي خرجت من عباءة الاخوان المسلمين والسلفية الوهابية ، عملية أفراغ الشمال السوري من سكانه واحلال قوميات ذات اصل تركي يمثلون اسر الارهابيين الاجانب الذين يقاتلون تحت مسمى "المعارضة السورية "هذه العملية تمثل خطوة تكتيكية لتحقيق الاستراتيجية التركية في التوسع واحتلال الارض ووجود بعض السوريين ضمن التنظيمات المسلحة لن يشكل لتركيا أي مشكلة فهم كانوا منذ البداية اداة وورقة مساومة بيد السلطات العثماني الجديد ويمكن التضحية بهم "بتهمة الارهاب "في الوقت الذي تريده تركيا .ومن الواضح ان ثقة تركيا بهؤلاء هي موضع شك وإلا لماذا اصبحت معظم مكونات "المعارضة المسلحة "في الشمال السوري من الأجانب وهل هي صدفة ان يكونوا بمعظمهم من قوميات ذات أصل تركي بينما كانت معظم تلك التنظيمات مكونة بداية الازمة من ارهابيين تونسيين وليبيين وخليجيين وأوربيين وسوريين كانت تركيا العثمانية صاحبة باع طويل في القتل والتهجير وإذا كانت ابادة العثمانيين للارمن والتي اودت بما يزيد عن مليون انسان بداية القرن الماضي تلخص اخلاق العثمانيين وعدم انسانيتهم فإن تركيا المعاصرة ما زالت تنكر تلك الجريمة المروعة بحق الانسانية وهي صنعت في عهد أردوغان ما يماثلها بحق الشعب السوري عبر دعمها واحتضانها وإدارتها لأسوأ المنظمات الإرهابية التي عرفتها البشرية .. و مع عودة تركيا الى عثمانيتها الهمجية برز نهم التوسع الجغرافي والذي سبقه تفريغ الشمال من مقوماته الاقتصادية إما عبر تدميرها وغالباً عبر سرقتها وكان من المألوف لعدة أشهر بعد استيلاء "المعارضة" على المدن الصناعية بحلب مشاهدة آليات النقل التركية الثقيلة المحملة بمعامل حلب وهي تغادر عبر معبر باب الهوى ومعبر السلامة الى الداخل التركي في أضخم عملية سرقة موصوفة قامت بها دولة حتى إبان الحرب العالمية الثانية أكسبت " أردوغان " لقب " لص حلب " عن جدارة . الإجراءات التي تقوم بها تركيا على الأرض في التغيير الديمغرافي تشبه تلك التي سبقت احتلال لواء اسكندرون واحتلال شمال قبرص . وربما يلخص المحلل السياسي " محمد زاهد غول " وهو رجل يتحدث " من فم أردوغان " ربما يلخص ذهنية العثمانيين الجدد عندما قال في برنامج حواري في محطة فرانس 24 منذ شهرين مخاطباً محاورته وهي معارضة سورية داعمة للتنظيمات المسلحة : أعطونا حلب .. وخذوا .. لواء اسكندرون بعلوييه ............ وضحك طويلاً .. قدمت تركيا نفسها في بداية الأزمة كصديقة ومدافعه عن " الشعب السوري " ومطالبه .. وأثبتت الوقائع حتى الآن أنها خدعت الأغبياء فقط وهجرت البسطاء ومن لا حول لهم ولا قوة ودفعتهم من مخيماتها للهجرة باتجاه أوروبا لأهداف تتعلق بأطماعها في أرضهم ولأهداف سياسية تتعلق بعلاقتها مع أوروبا وخاصة مع ألمانيا .
* صحفي سوري

الملفات