2025-06-17 01:36 ص

سيد القلق العميق ..!!؟؟

2015-10-01
بقلم: بطرش الشيني
بات السيد " بان كي مون " الأمين العام للأمم المتحدة ينافس بقوة على تصدر قائمة السياسيين " القلقين " في العالم , ولكن ورغم " قلقه العميق " المستمر منذ وصل إلى أهم منصب دولي عليه بذل المزيد من " القلق " لمنافسة الزعماء العرب وخاصة عندما يجتمعون في جامعتهم العربية وتتفتق عبقريتهم في التعبير عن القلق والاستنكار والإدانة وهي أكثر التعابير تداولاً في أي اجتماع لجامعة الحكام العرب منذ وجدت منتصف القرن الماضي وحتى اليوم . " القلق " الذي طبع الأمانة العامة للأمم المتحدة في عهد السيد بان كي مون هو أداة لغوية استخدمها السيد " كي مون " بكثرة تجاه الضحايا المدنيين في جميع دول العالم غير التابعة للولايات المتحدة وأوروبا الغربية واعتمدها كتعبير حل مكان " إدانة " و " استنكار " هو فقط عبر عن القلق وأغدق قلقه بلا حساب على أطفال غزة والضفة الغربية وأطفال اليمن والعراق ..وضحايا بعض وليس كل المجازر الارهابية في سوريا ,ولم يستخدم إلا نادراً عبارة " إدانة" لقتل هؤلاء المدنيين الأطفال فالقلق عبارة مطاطة تجنبه الإحراج أمام ولي نعمته الأمريكي .. قد أكون مخطئاً ولكنني لم أسمع حتى الآن رغم السنوات الطويلة عبارة إدانة واحدة من السيد بان كي مون لسياسة الولايات المتحدة وأتباعها التي دمرت بعض دول الشرق الأوسط من أفغانستان الى ليبيا بشكل مباشر عن طريق الاحتلال أو غير مباشر عن طريق العملاء والتنظيمات الإرهابية ,السيد الأمين العام " القلق " جداً اكتفى في كل مرة بإغداق " قلقه العميق " على عشرات آلاف الضحايا من الأطفال و المدنيين العزل ... . العام الفائت عبر الأمين العام عن الكثير من القلق لمقتل وجرح ما يزيد عن عشرة آلاف مدني معظمهم من الأطفال في الحرب الإسرائيلية على غزة وفي الوقت عينه وقف مبتسماً مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني في لقطة تذكارية في الأمم المتحدة إبان الحملة الدبلوماسية الضخمة التي قامت بها اسرائيل لتبييض صفحتها بعد الحرب .. في الحرب التدميرية الغربية على ليبيا كان الأمين العام للأمم المتحدة أشبه بعضو فاعل في جامعة الحكام العرب حتى أن مقتل عشرات الآلاف من الليبين " غير الديمقراطيين !!" لم يمثل مناسبة إلا لبعض القلق ، وبما أن الطرف الرئيسي في الحرب على ليبيا كان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبعض الممولين من دول الخليج العربي فإن التعبير عن " الكثير من القلق " كان يمكن أن يشكل إحراجاً للسيد بان كي مون الحريص على اللباقة الديبلوماسية .. " القلق " الذي صار السمة الرئيسية لتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة مجرد تعبير لغوي لا مفاعيل قانونية له في ميثاق الأمم المتحدة ، وهذا التعبير برز بصورة رئيسة في خطابات الأمم المتحدة مع نهاية عهد الأمين العام " فالدهايم " الذي كان الأمين العام الأكثر رصانة واحتراماً وقوة والأهم من كل ذلك " الأكثر حيادية " ونزاهة وبين الأمناء العامين للأمم المتحدة .. بدأ القلق يخيم على الأمم المتحدة في عهد " بطرس غالي " الذي استخدم هذه العبارة المواربة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والرجل كان وزير خارجية " أنور السادات " صانع كامب ديفيد والذي حاز طاقمه على رضى أمريكا والغرب وإسرائيل واستمر " الرضى " إلى أن أصر الرجل في موقعه الأممي على إصدار تقرير رسمي عن الأمم المتحدة حول مجزرة قانا التي ارتكبتها إسرائيل في جنوب لبنان ضد مئات المدنيين تحت علم الأمم المتحدة وأدت أيضاً لمقتل العديد من موظفي الأمم المتحدة .. تقرير الأمم المتحدة كان يضم عبارات أشد من " القلق " ومعه " انتهى دور ذلك الأمين العام " العربي " الذي أنجز شيئاً أكثر من القلق في بداية عصر الرضوخ للقطب الواحد ولسياسة الغرب الموالية لإسرائيل , بعده جّذر السيد " كوفي عنان " الأمين العام " الأفريقي " للأمم المتحدة تقاليد اجديدة من خلال منصبه جعل بموجبها هذه الهيئة الدولية وكأنها قسم استعلامات وعلاقات عامة لوزارة الخارجية الأمريكية . وهو إضافة إلى "القلق الكبير " الذي أبداه دوماً تجاه الفلسطينيين أبدى المزيد من القلق تجاه العراقيين إبان احتلال أمريكا للعراق وأغدق على ضحايا " قانا الثانية " وأطفال لبنان إبان الحرب الإسرائيلية العدوانيةعلى لبنان " قلقه الدائم " وبين هذا وذاك وزع شيئا من القلق على بعض الأفارقة، وليس من المعروف ماهو التعبير أو الموقف الذي اتخذه وأثار سيده الأمريكي الذي فجر له فضيحة أموال " النفط مقابل الغذاء " العراقية والتي تبين أن لابنه علاقة مباشرة بها ، وهذا حدث رغم أن الرجل كان طيعاً إلى درجة أصبح معها يشبه دمية أمريكية أكثر من كونه أي شيء آخر . ما إن حل السيد القلق أو " سيد القلق " بان كي مون في أعلى وظيفة ومركز أممي حتى صار القلق يحمل معنى النفاق التام وهذا معنى سبق واكتشفه سكان المنطقة العربية منذ سنوات طويلة من خلال اجتماعات الجامعة العربية ومواقفها ... فالسيد " كي مون " الذي يعبر عن قلقه صباح مساء لم يسع فقط كما هو معهود لنيل الرضى الأمريكي الإسرائيلي بل اندفع لنيل رضا بعض حكام خليج النفط ، ففي يوم يظهر كناطق باسم " الديمقراطية والحرية الأمريكية " وفي يوم آخر يظن من يتابع مواقفه أنه موظف لخارجية هذه الدولة أو تلك المملكة التي لم تخرج بعد من أسلوب العصور الوسطى في الحكم وهو يحني رأسه دوماً " علامة الاحترام ". منظمة الأمم المتحدة هي أفضل إنجاز جماعي حققته البشرية حتى الآن وإنجازاتها الهائلة لخدمة الإنسانية في مجال الصحة والثقافة تضررت في العقود الثلاثة الماضية بفعل الشخصية غير الجديرة بالاحترام للأمين العام والتي غالباً ما اتسمت بالانحياز " السياسي " لهذه الطرف أو ذاك ما يناقض أساس عمل الأمين العام ، قريباً تنتخب الأمم المتحدة أميناً عاماً جديداً ، ورغم أن هذا المنصب مجرد منصب فخري فإننا نأمل أن يكون الأمين العام الجديد يماثل بصفاته السيد " فالدهايم " رغم أن الدلائل تشير إلى أن مرحلة " الشخص الوكيل " تنتهي وتأتي مرحلة الشخص الأصيل.. وعوضاً أن يكون الأمين العام أداة أمريكية سيكون أمريكياً أو إسرائيلياً أمريكياً أو عربياً أمريكياً .... وفي كل الأحوال من الأفضل أن يكون أمريكياً حقيقياً خرج لتوه من البنتاغون أو مقر الـ السي أي ايه على أن يكون موظفاً طيعاً من دول العالم الثالث أو دول عدم الانحياز . 
butros3s@gmail.com

الملفات