الثورة على الطغيان مستمرة والغضب وإن خبا يبقى في المرجل لا يلبث أن يخرج من مكمنه بركاناً لا يوقفه التعسف الأهوج الذي يمارس بحق شعب آمن بأن صولات الباطل إلى زوال ، وأن حقاً لا يموت ما دام صاحبه يسعى للوصول إليه ، وسيصل حتماً إليه حين ينظم صفوفه وتتوحد رايته وتلتقي كل جهوده في سبيل تحقيق المنى والمراد ..
فهبة الاستقلال ما كان لها أن تكون إلا بعد أن نفذ الحلم والصبر على ممارسات جبانة من عصابات صهيونية تتلقى كل الدعم من قوى الباطل في هذا الكون الفسيح الذي تسيطر عليه على ما يبدو شريعة الغاب التي شعارها أن تعيش ساعة أسداً خير لك من أن تعيش ألف عام حياة الذل والجبن والهوان ، هذه العصابات لم تترك مجالاً للتعقل بما تمارسه من أفعال يندى له جبين الإنسانية بل عصفت بكل الاتفاقات وضربتها بعرض الحائط ، لكن ومع الأسف ترعاها قوى فاعلة في هذا المجتمع الدولي الذي يسعى المتنفذون فيه إلى تحقيق مآربهم على حساب عذابات الآخرين .. فعاثوا في الأرض فساداً واعتقدوا أن الدنيا بما فيها قد دانت لهم لكنهم لم يدركوا أن الظلم مرتعه وخيم وأن جولة الظلم ساعة وصولة الحق حتى قيام الساعة ..
ونتيجة العذابات والظلم كانت ردات فعل أرعبت من يمارسونه فأزهرت الأمل في غد مشرق عزيمتها الإرادة والتحدي ومجابهة الظالم ومن يقف خلفه بصدور عارية عاقدة العزم على نفض غبار الذل والهوان من أجل حرية الأرض وما عليها من شجر وحجر وطير وإنسان .
طال الانتظار ما يربو على الـ 67 عاماً رغم التضحيات الجسام لكن الجهد لم يثمر لتفتت الصفوف وعدم الالتقاء على الحد الأدنى من الأهداف فكان فعل الفرقة أضعاف مضاعفة من فعل العدو الغاشم. والآن بعد أن انكشف الحجاب وظهرت الحقيقة المرة بأن عدونا على وشك اقتلاع من تبقى من أهل الأرض من جذورهم والاستيلاء حتى على مقدساتهم المسجد الأقصى أولاها والبقية على الطريق التي هي تاريخ حضارتهم وضيق الخناق عليهم من خلال عصابات المستوطنين ، لم يكن هناك بدٌّ من مقارعة المعتدي ، سلاحهم الصدور العارية والحجر والسكين بعدما تخلى عنهم بني جنسهم وبني ملَّتهم وتركوهم بلا حول ولا قوة سوى إيمانهم بحقهم وبعدالة قضيتهم ، كانت هناك هبات وانتفاضات على مدى عشرات السنين في كل منها تخرج أجيال جديدة فتية تكمل المشوار .. أرى بأن هذا الجيل هو من سيحقق الاستقلال الهدف الأول من بداية المشوار فهو جيل الأمل والصبر والتحدي ، الواعي والمدرك بمخاطر ما يجري .. فلتكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وأنتم تقارعون عدواً تحسبونهم جمعاً لكن قلوبهم شتى فتوحدكم هو من يفتت شملهم ويحقق لكم ما تسعون إليه من حرية واستقلال وحياة عزة وكرامة.
هبّة الاستقلال
2015-10-14
بقلم: عبدالحميد الهمشري