بقلم: جمال العفلق
من العبث ان يعول الشعب الفلسطيني على العرب وعلى اعلامهم الرسمي والخاص ، ومن العبث ان يعتقد المواطن العربي ان فلسطين كانت اولوية في يوم من الايام عند اكثر العرب فنتائج الاحتلال الصهيوني للاراضي العربية ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه اليوم الا نتيجة تنسيق سري وعلني بين العرب والصهيونية ، ولا اقول المواطن العربي بل الحكومات العربية التي كانت على تواصل مع العصابات الصهيونية ، فأنتجت اتفاق سلام بين مصر واسرائيل واستمر التنسيق ومازال ، ولم تكن القيادات الفلسطينية ببعيده عن هذا التنسيق فاتفاق اوسلوا الذي اوهن القضيه وحولها من قضية شعب الى قضية توزيع مربعات امنية قالوا حينها انها مشروع دوله ، فلا القيادات استمرت في نضالها السلمي ولا تركت الشعب الفلسطيني في الداخل يتابع انتفاضته التي بدأ فيها واستطاع ان يكسب فيها دوليا واقليما ما عجزت عنه القيادات الفلسطينة والعربية في عقود .
وعندما طلبت سورية من العرب قبل انطلاق مؤتمر مدريد توحيد المسارات وافق العرب ولكنهم عملوا على المسارات السرية التي انتجت اوسلو وانتجت وادي عربة وكان اهم ما انتجته الانقسام الفسطيني ومحاولة تدجين الشعب الفلسطيني بوضع حق العودة في اخر سلم التفاوض .
واليوم لم يعد هناك سرية بالاتصال بالكيان الغاصب ولم يعد هناك اي خجل بتبرير جرائم الجيش الاسرائيلي وقطعان المستطونين واستخدام عبارة قتلى بدلا من الشهداء وهذا لدلاله معنوية تصيب الفلسطيني اولا وتجعل المتابع لنشرات الاخبار يقبل فكرة القتل للفلسطينين العزل ، بل هناك من كان اكثر تطرفا في الاعلام العربي بأن هاجم الفلسطينين واعتبرهم بلطجية ، وليس هذا الموقف الاعلامي هو موقف منفصل عن الموقف السياسي ، انما هو نتيجة توجية رسمي من الحكومات التي لا تريد ان تغضب اسرائيل ومازالت تراهن على هذا الكيان ، ويدعي انصار هذا الرأي ان ما يسمى اسرائيل تريد السلام وان السلام ممكن معها ، والتفاوض هو طريق الحل ولكن عن اي تفاوض واي حل يتحدثون لا احد على هذه الارض يعلم ، فكل ما يريده العرب اليوم هو حماية اسرائيل حتى وان لم يعلنوا ذلك رسميا .
هذا الاعلام الرسمي هو الاعلام الذي تبنى ما يسمى ربيع عربي وفتح قنوات المباشر والخبر العاجل واستعان بشهود الزور وصنع الاخبار ولفقها وهلل ورحب بالاقتتال الداخلي وساهم فيه ودعمة واطلق حملات لجمع المال تحت عنوان زائف هو دعم اللاجئين السوريين وقبل ذلك دعم ما سمي بالثورة السورية حينها ، ولكنه اليوم عاجز عن نقل صورة طفل فلسطيني مصاب ومحاط بقطعان الاستيطان وجنوده . فكان خير من يمثل العجز العربي امام جرائم ما يسمى اسرائيل ، وطبعا هو يمثل في ذلك الخط السياسي العربي لا الشعوب العربية التي وان كان صوتها لا يسمع اليوم فهي مازالت ترى اسرائيل كيان غاصب وهي الشعوب التي لا تحتاج لتوجية في فهم الحقائق بل اكثرها لا يكترث لهذا الاعلام الذي تستثمره اسرائيل داخليا وخارجيا على حد سواء لتخبر العالم ان العرب الرسميين معها وانها مظلومة وتعاني من الارهاب .
فالمقارنة سخيفة بين ما يحدث اليوم في فلسطين المحتله وما يحدث في سورية والعراق واليمن ، في الاولى هناك شعب يريد حقه بالارض وبالحياة ويناضل من اجل استعادة ارضه المغتصبه وفي الثانية هناك شعب يحارب قطعان الارهاب التكفيري ويتمسك بخيار المقاومة كخيار استراتيجي لا يجب التخلي عنه ، فكل ما حدث ويحدث اليوم في العالم العربي هو ضمن مشروع امن اسرائيل وهو مشروع تقسيم دعمة الاعلام العربي والمال العربي وتخلى العالم عن كل المبادئ الاخلاقية فدعم الباطل ومول والعنوان ثورة وربيع !!
ولو اتخذ العرب تركيا ((اردوغان )) ربع المواقف والقرارات التي اتخذوها ونفذوها ضد سورية وشعبها وقرروا ان يعلنوها ضد ما يسمى اسرائيل فهذا يكفي لدعم الشعب الفلسطيني ، ولكن من عرف البداية لا يصعب علية فهم النهاية .
وان كنت اليوم لا اتسول منهم الانصاف ولا الدعم ولكني اطالبهم كمواطن عربي ان يكونوا منصفين امام انفسهم وان يقولوا الحق ، كيف لهم ان يوافقوا على قتل شعب اعزل ومحروم مثل الشعب الفلسطيني ويعلنوا انهم شكلوا صناديق دعم للصمود لا نعرف اين تذهب اموالها ولمن تسلم ؟؟
لقد استطاع العرب واميركا وتركيا ايصال اكثر من ثلاثين الف سيارة لداعش ، واستطاع العرب واميركا ان يعطوا اطنان من السلاح للعصابات الارهابية التي تعمل على قتل الشعب السوري ولكنهم عاجزون اليوم عن تصريح واحد يدين ارهاب وهمجية ونازية الكيان الصهيوني وقطعان المستطونين .
انبرى ما يسمى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكذلك ما يسمى ائتلاف الدوحة الارهابي في اصدار بيانات العويل ومازالوا حين قدمت روسيا الدعم الجوي للجيش السوري من اجل محاربة الارهاب ولكنهم اليوم ملتزمون بالصمت اتجاه ما يحدث في فلسطين كل فلسطين ، فلم يعد مقبولا اليوم تسمية المناطق كما تريد اسرائيل فكل التراب الفلسطيني تحت الاحتلال كما الجولان كما مزارع شبعا اللبنانية .
ومها فعل الاعلام الرسمي او الخاص بهدف تبديل المفاهيم والقناعات سيبقى الشعب العربي ولأجيال لا يرى ما يسمى اسرائيل الا كيان غاصب ولا يرى الصهيونية الا قطعان مستطونين تعيش على قتل الابرياء وسرقة ثراواتهم .
ومحاولة الاعلام العربي جعل الثورة الفلسطينية مجرد هبة يمكن اسكاتها هي محاولة فاشله . اليوم يعاني الشعب الفلطسيني من الاهمال ، ولكنه مازال يقاوم واذا كان لا بد ان تصل الى هذا الشعب رساله ما لتكن رسالة واحدة هي المقاومة وعلى هذا الشعب ان ينسى ان هناك اشقاء له ولكن لدية شركاء بالمصيبة محاصرون ويتعرضون لنفس القتل وبنفس السلاح وان اختلف القاتل .
الاعلام العربي بين الهبة الفلسطينية وثورات الربيع العربي !!
2015-10-18