2025-06-16 05:55 ص

في عاشوراء .. تجول العيون بين القدس وكربلاء

2015-10-24
بقلم: الدكتور محمد بكر
السلام على رمز المظلومين وسبط رسول الله وسيد شباب الجنة , السلام على ابن إمام المتقين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين , من دمائك نرشف الأسى ومن موضع مهراقها نستذكر صورك الأليمة , نبغض من أبغضك ونشكو إلى الله من خذلك , تتفطر القلوب لمصابك الجلل , وتنكمش الحياة ويعم الحزن على تفاصيلها ويومياتها لفقدانك , كيف لا ورسول الله (ص) القائل في حضرتك وأخيك : هذان إمامان من أحبهما أحبني ومن أبغضهما أبغضني , حسين مني وأنا من الحسين , كيف لا وأنت ابن الطهر من آل هاشم ٍ , وجدك رسول الله أكرم من مشى , وفاطم أمك من سلالة أحمد ٍ وعمك ذو الجناحين جعفر . السلام على حامل لواء الحسين ساقي العطاش , سبع القنطرة, الكفيل وقمر بني هاشم , السلام على العباس أبو الفضل في حضرتك يطأطئ خجلاً الخير والإيثار, من روحك نستمد الانتماء ونشحذ الهمم ,على بابها نخر مستذكرين مرددين : أبا الفضل يامن أسس الفضل والإبا أبى الفضل إلا أن تكون له أبا تطلبت أسباب العلا فبلغتها وما كل ساع ٍ بالغ ما تطلبا السلام على الحوراء , المعلمة غير المعلمة , بطلة كربلاء , السلام عليك يازينب ابنة بنت رسول الله , من عنفوانك يبرز الكبرياء , ومن فيض لسانك تزدان الفصاحة وتزهو , فيتجلى الحق وتولد الحقيقة. السلام على الحسين وأبناء الحسين وأخوات الحسين , السلام على الشهداء المنتجبين المطهرين . لا عجب أن تتزامن ذكرى استشهاد الحسين مع مشاهد الدماء السيالة التي تفيض اليوم في بيت المقدس وفي سورية والعراق واليمن , هذه الدماء التي أراد سافكوها ومريقوها أن تكون منهجاً ومسلكاً واستراتيجية ً سوداء لضرب وحدة هذه الأمة وتفتيت أواصر وعوامل اجتماعها . في حضرة المشهد الحسيني وأمام ما يعتصره القلب من تجليات ومشاهد هذه الفاجعة وربطاً مع المشاهد الكارثية التي ترخي بظلالها السوداء على امتداد هذه المنطقة يتجدد الأسى على ما ألم بهذه الأمة المحمدية وقد أكل السواد من نسيجها الإسلامي وعصفت الهمجية والتشوهات في سلوك أبنائها فعادوا يضربون رقاب بعضهم البعض , ونخر السوس والتكفير والجاهلية في جسدها فكان لزاماً على الوهن والضعف والتشرذم أن يتغلغل ويستشري كالوباء الجائح . في حضرة الدماء الحسينية تفيض الذاكرة ألماً وحزناً على ما تنامى من سوء وانتهاك ٍ لحرمات الله وتنكيل بصفوة هذه الأمة , وعلى هول المصاب وحجم المرارة , وهاهي اليوم توثق الذاكرة من جديد بين ثناياها وتلافيفها هذا الانقسام المقيت وتلك الأفكار والطروحات الهدامة وهذه اللغة الطافحة بكل مفردات الفرقة والتشتت والبغي والقتل , فلا بحبل الله اعتصمنا ولا لكلامه طبقنا وبالوصية المحمدية بعرض الحائط ضربنا . في ذكرى العاشر من محرم هي وقفة ومناسبة نعلي فيها الصوت لأن نستخلص العِبَر من الماضي , والدروس من الحاضر , في أنه لا خير ولاسعادة ولا رفعة ولا بهاء في هذه الأمة إن لم تعد واحدة ً موحدة , بكتاب الله تتمسك, ومن أخلاق ومدرسة محمد تنهل , على قاعدة ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه , وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , والمسلم الحق من سلم الناس من لسانه ويده , والمؤمن بصدق من أمنه الناس على مالهم وأنفسهم ). في ذكرى عاشوراء تجول العيون بين كربلاء والقدس , ترقب المرابطين في المسجد الأقصى , تنثر الأيادي خلالها الأرز والورد على أطفال وشباب ونساء فلسطين , وتلثم الأفواه سكاكين العز وحجارة الأحرار , فيما يطرق المسامعَ صوت ٌ فلسطينيٌ مزلزلٌ يردد ما ردده أبو عبد الله الحسين: هل من ناصر ينصرني . 
 * كاتب فلسطيني