بقلم: مراد عمرو
صور الفيديو المتواردة عبر وسائل الاعلام الاجتماعي مثل شريط الذكريات أو فلم وثائقي عن الوحشية البشرية تداهم بي بي في غرفة نومه، صور مدنيه و جيشه الجرار وهي تنكل وتمثل في الجثث تجوب العالم في لحظات، وتترك رغم كل الاكاذيب أنطباعات نفسية لا يمكن محوها. رحل المؤرخ العجوز بن زيون نتنياهو، هو الوحيد ربما القادر على تهدئة روع بي بي المتسك بالتاريخ من باب رئاسة الوزراء ، وحكومة ترنوا للذهاب باحلام الصهيونية حتى النهاية. وحده الأب ابن صهيون يستطيع في هذه اللحظة أن يعيد لبي بي شيء من الشعور بالامان و الاستقرار في وجه المارد الذي لا رأس له والذي خرج من قممه، صدى صوت " الكبار يموتون والصغار ينسون، الكبار يموتون والصغار ينسون ..." ، لكن لا شيء يريح بي بي المضطرب. خلال أشهر وسنوات حكت ايادي المستوطنين ونتنياهو القمم على أمل اخراج مارد الذي يمكن أن ينهي الوجود الفلسطيني في التاريخ والجغرافيا( اي الحل النهائي) . لكن المارد الذي حصل عليه يشبه أفلام الرعب حيث يصارع جثثة متحركة بلا رؤوس.
حالة بي بي الحالية هي الهذيان بالفعل والقول. أن المراقب لقرارت بي بي وحكومته يلمح تخبط الهذيان، فتقسيم القدس وحصارها وفصل المناطق فيها، يصب في النهاية في كل المصالح المضادة لتطلعات توحيد القدس العاصمة الابدية للكيان، وتطبيع الشعب الفلسطيني، وبعد هذا ياتي بي بي بهذيان جديد يبرء فيه الزعيم النازي أدلف هلتر من المحرقة. دعونا لا نخطئ التحليل وحتى لة اتهمنا ببي بي بالجنون، فحتى الجنون له منطقه ورغباته الدفينة وصراعاته الداخلية الغير قابلة للحل.
فبي بي لا يقول إلا الحقيقة، الحقيقة اللاوعية التي تحكم عالمه النفسي وتمثل الصراع الداخلي في مجتمع الكيان الصهيوني. أن ما قاله بي بي يكشف بزلت لسان واعية أو لاواعية عميق الامنية الصهيونية بالحل النهائي للفلسطينين، فإذا ما كان الفلسطيني هو صاحب فكرة الحل النهائي فانه من الشرعي والمنطقي أن يعاقب بنفس الجريمة من هذا المنظور. نعم الحقيقة اللاواعية لبي بي وحتى وان بدت كذبة كبيرة وصدامة ، غير أنها لا تحيد عن الحقيقة في اللاوعي الصهيوني خصوصا العنصري الاستعماري، وهي ربما تساعد على أظهار الصراع المعرفي والنفسي العميق الذي يواجه الكيان الصهيوني الذي لا يشبه اليوم إلا الرايخ الثالث ووممارسته. فأي أمنية أفضل من أن يتم اسقاط التهمة على المفتي وسحبها عن الأنا المثالي للنازية والفاشية أدلف هتلر. وفي تفكيك هذه الأمنية يمكن القول أن المسؤول الأول والأخير عن المحرقة هو الفلسطيني ، المقدسي على وجه الخصوص ، لهذا فان الحل النهائي يجب ان يرتد على أصحاب الفكرة الأولى، أهل القدس والفلسطينيين . اما الوظيفة الثانية لهذه الأمنية الدفينة ، فهي تصحيح تاريخ الحركة النازية العنصرية كمثال أعلى للعنصرية والتطرف و الفاشية لتجاوز حالة الانشطار المعرفي الناجم عن التماهي مع النازية بالرغم من استخدام المحرقة كحجة دامغة وقاتلة ضد من يجرء على نقد اسرائيل أو التخاذل عن الوقوف معها.
بي بي في نهاية النهار ليس معتوها، وما اثاره من ردت فعل بهذه الاقول ، لا ياتي فقط في سياق التخوف على الرواية التاريخية للمحرقة أو الخوف على تعويضات الضحايا، فلقد قضي الامر، لكن ما يثير الصهاينة أنفسهم من هذا التصريح التاريخي لبي بي، هو أن يضعهم في مقابلة مباشرة مع رغبة دفينة تحل لهم نتاقضهم المعرفي بخصوص الضحية والجلاد والذي هو مركز الواقع النفسي الاجتماعي الاسرائيلي، فلو تم اسقاط التهمة عن هتلر و تحميلها للمفتي ، لأضحى من السهل تنفيذ الحل النهائي على الفلسطيني والتماهي مع النظام النازي في تطبيق هذا الحل .
وويقول بي بي الحقيقة التي لا تقولها الصهيونية ما بينها وبين نفسها، فلقد عاملت الفلسطينين منذ اليوم الأول على أنهم مجرمي المحرقة، ولقد دفع الفلسطيني دون شعوب الأرض قاطبة فاتورة المحرقة النازية، وبي بي بهذا لا يجانب الحقيقة بل يكشفها، فحتى لو أجبر على التبرء من هذا القول ، فانها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها بي بي هذه النظرية . فاغراء التماهي مع المسكين هتلر بل واكثر من ذلك الانتقام له من مفتي القدس الذي دفعه للخطيئة، ومن هذا المنظور فان هتلر هو أدمي غربي أم المفتي فانه منشيطان شرقي ، ولا يجوز مع الشيطان إلا حرب مقدسة توفر حل نهائيا لكل فلسطيني يقطن القدس وفلسطين. ومرة أخرى لا شيء ياتي من قبيل الصدفة على راي التحليل النفسي، فالمفتي هو الشيطان المثالي بأمتياز، لانه يمثل عائلة مقدسية، نموذج مثالي للفلسطينين قاطني القدس، ومن هنا فان أي فلسطيني منهم هو صورة متناسلة وابن روحي للشيطان صاحب الحلول النهائية.
ولا صدفة أيضا أن بي بي يقدم هذه الزلة المقصودة او العفوية في هذا الوقت، فالوجه النازي للأحتلال يبدوا أنه فقد منذ اكثر من عام الاتصال بأهمية التخفي وراء الضحية، إلى اظهار الجلد بلا مواربة ابتداء من خرق أبو خضير، مرورا بحرق القطاع وعائلة دوابشي ، وأنتهاء بالإعدمات والتمثيل بالجثث، أي بعبارة أخرى ليست زلت لسان بي بي هي فقط ما يكشف الرغبة في اسقاط تهمة المحرقة على الفلسطيني، وليست زلت لسانه الوحيدة التي تكشف بشكل سافر عن الرغبة في " الحل النهائي" للفلسطينين. ولكن السؤال لماذا الان؟ ما الذي يجعل بي بي يقدم سكين ذبح المصداقية لخصومه واصدقائه الداخلين والخارجين ؟
من المؤكد بان بي بي يعيش أيام حالكه كما جهازه الحكومي والامني اللذان في النهاية يمثلا مجتمعه. فإسرائيل اعدت نفسها بشكل كامل للهيمنة على الدول والجيوش العربية، لكنها منذ الانتفاضة الأولى ، تقف أمام معضلة وجودية أساسية، مفادها أنه يمكنك أن تكون أكثر الدول ترسانة نووية أو عسكرية، ولكن هذه الترسانة المفترض أن تحقق الأمن والأطمئنان تفقد قدرتها على الردع عندما تواجه افراد غاضبين قادرين على الاحتجاج بطرق من العصر الحجري والحديدي، في هذا النوع من المواجهة يصبح التفوق العسكري لعنة، ويزيد من الشعور بالقلق والأضطراب ويضع الجبهة الداخلية في أكثر اوضاع الخوف والقلق، لهذا فليس مستغربا أن يخرج بي بي أمام هذا الواقع المؤرق الذي يأكل من قوة الردع و الرواية الصهيوينة في كل شريط فيديو جديد، برواية المحرقة الفلسطينية، ، والحل الوحيد هو حل نهائي للفلسطيني، حل ينهي الفرد والعائلة الفلسطينية، لانها أخطر من الترسانات العسكرية المروضة .
الحل النهائي: هو المصطلح الذي يشير إلى خطة وممارسة النازية للتخلص من اليهود بالحرق وفي معسكرات الاعتقال.
"بيبي" يقول الحقيقة !!
2015-10-24