صدقوني .. أنني كاتب أرفض الانحناء لأي كان إلا لله .. وصدقوني أنني منذ أن أمسكت القلم عاهدت نفسي أن لا أكتب إلا ما يمليه علي ضميري .. هكذا كنت .. وما أزال على العهد حتى لحظة كتابة هذه السطور
وقد نوهت أكثر من مرة في مقالاتي ، أنني أكره التزلف والمتزلفين ـ وما أكثرهم ـ ، الذين يدبجون مقالات تفوح منها رائحة السياسة ، وهم ليسوا بسياسيين ، لا لشيء إلا ليردموا الهوة التي بينهم وبين أولي الأمر والنهي ، وليدكوا الجدران القائمة بينهم وبين أصحاب العروش والكروش ، لعلهم يصبحون لديهم من " أصحاب الحظوة " الذين يحلمون بحقائب دبلوماسية ، ومناصب وزارية ، وغير وزارية ، ولا يتوانى أولي الأمر والنهي من تحقيق ما يحلم به هؤلاء الأقزام ، ويصبون إليه ، ليكونوا لهم بوقا إعلاميا .. وجسرا عاطفيا وأخلاقيا يعبر عليه السياسييون ، ليصلوا إلى أبعد نقطة في قلوب الجماهير .
فهؤلاء الأقزام يبررون للسياسيين أفعالهم الخبيثة ، ونياتهم القذرة ، وقراراتهم الدنيئة الغاشمة .. كالأبواق الإعلامية التي ابتكرتها أمريكا في استوديوهاتها الهيليودية وألقت بها في قناة الجزيرة وقناة الحرة وقناة أورينت وغيرها .. وغيرها لتبرر أفعالها ونظرياتها السياسية القائمة على المصلحة .. ولا شيء غير المصلحة .. ولا يهمها إن تلوثت مصلحتها بالدم .. والقتل .. والجريمة .. لأن مصلحتها فوق كل شيء ، ولا غرابة في الأمر فهي تتبنى ثقافة رعاة البقر القائمة على القتل وسفك الدماء ، وثقافة الكاوبوي التي تدفع البطل إلى تحطيم الحانة وقتل كل من فيها من أجل حفنة من الدولارات بعد أن خسر رهاناته في لعبة القمار
خلاصة القول أن ثقافة الانبطاح والهرطقة والتزلف أجهلها وأجهل مفرداتها المتخاذلة .. الذليلة .. وعباراتها الطنانة الرنانة .. وفي مكتبتي المتواضعة لا توجد إلا قواميس اللغة العربية الأصيلة مثل لسان العرب والمنجد وتاج العروس ..وغيرها .. وهذه القواميس أكاد أجزم أن برهان غليون وأضرابه مثل شيخ الفتنة العرعور ومنصف المرزوقي وفيصل القاسم والقرضاوي وأصحاب الدشاديش وغيرهم .. وغيرهم لا يعرفونها بل يعرفون القواميس التي تتحدث بلغة الشياطين والمردة وأبالسة الأرض ، وهذه القواميس ابتكرتها لهم أمريكا في مختبراتها الهيليودية وقدمتها لهم مع وجبة عشاء فاخرة ليحفظوها ، ويتقنوا فن التخاطب بها ، لأن أمريكا تعلم أن العربي لا يخون الخبز والملح ، لذلك كان لا بد من وجبة العشاء وكان لا بد من حفنة من الدولارات ، دستها في جيوبهم ليتعلموا فن التمثيل ليكملوا فصول المسرحية التي أعدتها لهم أمريكا مع ربيبتها إسرائيل والتي ذهب ضحيتها الشعب السوري
نعم ، المسرحية التي أعدتها أمريكا وقامت بإنتاجها وتمويلها لم تكن ناجحة ، كما أن الممثلين الذين اختارتهم ـ واعتقدت أنهم من الدرجة الأولى أمثال حمد الجاسم والحريري وبندر بن سلطان وأردوغان .. وغيرهم ـ لم يتقنوا أداء أدوارهم بشكل يرضيها ، والكومبارس الذي اختارته أمريكا لم يكن قادرا على ضبط ايقاع النص بشكل دقيق لأنهم كانوا من المتطفلين على الموائد السياسية وهم لا يعرفون من السياسة سوى ما امتلأت به جيوبهم من الدولارات ومن النوم في الفنادق الفخمة التي أعدتها لهم تركيا وقطر وفرنسا بإيعاز من عرابهم الأمريكي والتحلق حول موائد اللئام ليقتاتوا فضلات الموائد آن يفرغوا ساداتهم من الأكل ، هذا الكومبارس أدى أدوارا مضحكة كالأدوار التي يؤديها المهرجون والبهلوانيون في السيرك .. والشيء الوحيد الذي أرضوا به أمريكا أنهم كانوا مطيعين إلى أبعد الحدود ، فما أن تطلب منهم أمريكا أن يتكلموا حتى يصبحوا كالبلابل .. وما أن تطلب منهم أن يصمتوا حتى يصمتوا وكأن على رؤوسهم الطير .
ولكي تكتمل فصول المسرحية جاءتهم أمريكا بالمرتزقة والجانحين والقتلة والأغبياء والبلطجية والمعتوهين الذين حشروا في المسرحية وهم لا يعرفون أبجدية " الأخلاق الانسانية " ليكونوا ضحية شعاراتها الفاسدة والمفسدة وليملؤا خشبة المسرح بالدم والخيانة والغدر ، وليكونوا أيضا قرابين ضلالاتها على مذبح الشمس التي ستشرق من قلب سورية .. وإن غدا لناظره قريب...
ثقافة الانبطاح والهرطقة
2015-10-31
بقلم: أسعد الديري*