2025-06-15 11:59 م

لو يعرف خاتمته .. ماكان بدأ .. الراقصة والبحر ..

2015-10-31
بقلم: نـارام سرجون
لاشك أنه لفت نظركم الهجوم المجوقل الذي شنته قطعان جهاد النكاح على الصفحة مؤخرا .. وكمّ الشتائم المقذعة التي رافقت الهجوم على احدى المقالات .. ولكن لاشك أن المستوى الأخلاقي والنفسي لهؤلاء لم يفاجئ أحدا منا .. بل فاجأنا أن التوتر النفسي قد بلغ أقصاه وأن حجم الاحباط لايكاد يصدق فانفجر هذا الهبوط النفسي بهبوط أخلاقي ليس له قاع ولاقرار ..
والسبب في هذا الهجوم واضح وهو أن المقالة الأخيرة عن “جناح الذبابة” قد أطارت صواب فيصل القاسم وخرج عن طوره وصار سكوته فوق طاقة التحمل البشري .. وماهي الا ساعات حتى وصلت الى بريدي الالكتروني عشرات الرسائل التي تنقل لي ماكتبه على صفحته .. وكان من الملاحظ أن البوست الذي كتبه فيصل القاسم بنزق وتوتر يعكس شعورا هائلا بالعجز عن مواجهة المقال الذي أهانه بشدة واحتقر آراءه والذي وصفه أحد المعلقين الكرام بأنه مقال يشبه صاروخا انطلق من بحر قزوين وأصاب الهدف بدقة هائلة في الدوحة .. وأنا على يقين أن الصاروخ قد دخل غرفة نومه وسقط على فراشه .. بل اخترق قلبه وأضلاعه من بين أزرار ثياب نومه .. وكان من الملاحظ أيضا أنه في سياق عجالته اعترف من غير أن يقصد أنه يتابع كل مقالاتي ويعرفها حرفا حرفا وبخصص وقتا لمتابعتها لدرجة أنه وصفها بدقة وقال بأنها غنية بتشبيهات كثيرة واستعارات .. لأنها في الحقيقة تتحدث عن صراع بين الانسان وحيوانات طليقة وهابية .. وهذا يدل على معرفته الكاملة ومتابعته الدقيقة لما يرد فيها ..
 
المهم أن البوست الذي وضعه جناح الذبابة كان مثل أمر عمليات لبعض العاملين معه بالهجوم على الصفحة .. وبالفعل فانه في خلال ساعات تضاعف عدد زوار الصفحة أربع مرات عن العادة وتم قصف كل شيء بالشتائم الشاملة .. وخلع الزوار ثيابهم كلها حتى الداخلية منها ورقصوا رقصا خليعا وتهتكوا وثملوا وشربوا وتناكحوا فيما بينهم ونحن نراقب الهستيريا الثورية وقدموا عرضا لايوصف في البذاءة وستربتيزا لم نر مثله ودناءة وتفاهة لاينافسهم فيها أحد ..
 
طبعا غني عن القول أننا حققنا الهدف من المقال الذي انتشر .. فالراجوووول استفزه المقال جدا واصابه في أعصابه وأكل كبده وعاش بسببه يوما من الهستيريا وترك عمله وأجرى اتصالات وحرض بعض المواقع على الثأر .. وأطلق موجة من الذباب ونباح الكلاب الضالة المسعورة .. وهذا بالطبع سيكون عاملا مشجعا لنا دوما على اطلاق موجة من المقالات التي ستجعلنا نتمتع بمشاهد لم يحلم بها فيصل وستصيب قلبه بالتسمم .. ولن نوفر فرصة في السخرية منه أمام العالم كله لجعله أضحوكة لاتنسى ومصدرا للفكاهة .. وهذه من أسهل المهمات فأنا لاأحتاج الا قلمي لأرسم منه كل يوم لوحة ساخرة .. وهو كشخص كنز لايفوت من الكوميديا بالنسبة لي ولكل من يريد ممارسة رسم الكاريكاتير وكتابة الكوميديا السوداء والبيضاء وكل ألوان الابتسام .. وسنجعله يغني: لو اني أعرف أن بحر نارام عميق جدا ماأبحرت .. لو أني أعرف خاتمتي ماكنت بدأت ..
 
فيصل لايريد أن يدرك أننا جميعا عندما اخترنا مواقفنا كنا نعرف أن الأميين سيطاردوننا وأن الهمجيين البدائيين سيتربصون بنا بالهراوات والسكاكين والفؤوس .. وأن قطاع الطرق سيقطعون كل الطرق بحثا عنا .. وكنا نعرف أيضا أن الراقصات والفاجرات سيدخلن حدائقنا ويمارسن الخلاعة والضلالة لافساد ذوقنا وحفلات شعرنا وأغانينا .. ولكن كنا نعلم أيضا أن لاطريق لايقاف الخلاعة والخليعين والراقصات والراقصين الا بزيادة جرعة النقاء والبهاء وأنهار الضوء وحزم الأخلاق والفضيلة والنور .. بل لن تكون مكانسنا لكنس الذباب الا من ضوء ومطر وشعاع فوق بنفسجي .. وكنا نعلم أن لاشيء في هذا الكون سيمنعنا من أن نطهر حياتنا منهم وأن ندافع عن قيمنا وبلادنا بكل شراسة وضراوة دون أي حذر أو تردد أو تعب ..
 
فيصل الذي يدير هذه المزرعة من الذباب صار مثيرا للشفقة لأن هذا هو أقصى مايملك .. رصيد من الكلمات البذيئة التي يحملها له جيش من الذباب والهباب .. وقاموس لفلسفة التعري والرقص الخليع لافساد الملتقيات الراقية .. وهو يثبت أنه ضحل وأن لارأي له ولاحيلة .. لأن من له رأيا لايضطر للاستعانة بالشتائم والشتامين بل بالمنطق والحجة والنبل والفروسية .. ولكنه عاجز تماما وقلمه عنين وعقله عقيم لاينجب ذراري الكلام .. وهو لايقدر حتى أن يكتب مدافعا عن نفسه بطريقة تجعل خصومه يبتعدون عن طريقه خوفا من براعته في الرد المفحم وقدرته العقلية على احراجهم بفروسية وتحطيم رقيهم حيث تنكسر عيونهم وأقلامهم رهبة من حصافته .. بل هذا القائد الملهم للثوار هو أول من يخلع سراويله ويحملها ويضربنا بها ويهرول في الطرقات عاريا .. ويزغرد أحيانا مثل النساء أو يولول .. بل ويهز خصره وبطنه وهو يزنره بالزينات ويضع الخلخال في قدميه مثل أية غانية ..
 
بالطبع علينا أن نعرف أن هناك انحطاطا أخلاقيا لامراء فيه لدى أنصار الربيع العربي وخاصة الاسلاميين منهم .. ووصلنا الى قناعة هي أن اسلاميي هذا الزمان هم أقل الشرائح السكانية العربية تعليما وتحضرا وأخلاقا وتطورا نفسيا بعد أن كان اسلاميو الزمن الماضي يوما جزءا من مشروع النهضة واليقظة أيام جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي .. وهذا منتهى الغرابة لأن اسلاميي هذا الزمان يتمترسون بالله والدين والرسول وسيرته العطرة ومع ذلك فان المستوى الاخلاقي لديهم ضحل ولايمكن تفريقه عن أخلاق مسعور يريد أن يعض .. فهم يذبحون الكبار والصغار ويشكرون الله على نعمة الذبح والتمتع بعذاب الناس وبكاء الثكالى .. وهم يزنون ويشكرون الله على نعمة الزنى على فراش الجهاد .. ويسبون النساء ويشكرون الله على سبي النساء واغتصابهن .. وهم يخونون دينهم ونبيهم وأوطانهم ويشكرون الله على نعمة الخيانة ونعمة مصافحة من شتم النبي .. العالم يهدم بلدانهم وعقيدتهم وهم يتوسلون هدمها أكثر .. ويهدمون المساجد والكنائس ويقتلون المصلين وهم بين يدي الله فيملؤون له يديه من دماء المصلين بل ويصل رذاذا الدم الى وجه الله ونوره .. ويوزعون الكراهية والشتائم والرذائل حتى صاروا مكروهين في كل أنحاء العالم ثم يقولون لك اننا على خطا الحبيب المصطفى الذي امتدحه الله بقوله: وانك لعلى خلق عظيم ..
 
ولكن مايجب علينا معرفته هو أن هناك موظفين في مكاتب شركات علاقات عامة يتقاضون رواتب ومالا ومهمتهم هي أن يكتبوا بوستات ويعلقوا من أجل توجيه أسراب الذباب والدبابير وموجات السعار .. أي عمليات احتيال مثل عملية استدراج الزيائن في الأسواق وعلى الأرصفة .. حيث يتجمع عدد من الناس حول احد الباعة على الرصيف وهو ينادي على بضاعة نفيسة ويبدون اهتماما فائقا ببضاعته التي ينادي عليها وكل المتجمعين يلعبون دورا مدروسا بعناية لجذب انتباه الناس .. مما يثير فضول المارة فيتجمعون أيضا .. فيبادر بعض المتعاونين مع البائع الى التظاهر بشراء السلعة بحماس ويبدون التنافس خوفا من نفاذها .. فيعمد بعض المغفلين الى الشراء دون تفكير ودون أن يتركوا مجالا للتفكير والتردد خوفا من نفاذ السلعة النفيسة .. أي أن هناك قيادة لغرفة اعلامية يتحلق حولها مغفلون يرون ماينشر على الرصيف وهو دائما حول الشيعة والنصيريين والحكم الأسدي والطاغوت والفرس والمجوس .. فيبادرون الى اللحاق بالموجة وبنفس السوية المتدنية أخلاقيا وحول نفس القضايا .. وهذا من تنفيذ شركات غربية واسرائيلية تنفق عليها السعودية والخليج المحتل من مال المسلمين .. أي تشتم هذه المكاتب المسلمين السنة والشيعة وتحرض الطوائف فيما تدفع السعودية وقطر وغيرهما أتعاب الشتائم .. وهذه لم تحدث في تاريخ البشرية أن أحدهم يدير (بزنس) شتم ويتقاضى مالا وفيرا على شتائمه ..
 
بعض هؤلاء المعلقين متعاقدون على القطعة يكتبون بوستات قصيرة بناء على تعليمات من هذه المكاتب .. ثم يقدم الفاتورة كل أسبوع وكلما كان عدد المعلقين الشتامين الذين لحقوا به والمحرضين أكثر فهذا يعني أن البوست ناجح في اثارة الغرائز والكراهية ويكافأ أكثر حسب عدد التعليقات ..
 
وكلنا نذكر أن هذه الشركات هي التي أدارت حملة تشويه الحكم العراقي ونشرت شائعات كثيرة شخصية عن كل أركان الحكم (البعثي) في العراق وكلفت الحملة عشرات ملايين الدولارات دفعتها كلها السعودية .. ثم بعد حرب 2006 كلفت السعودية هذ المكاتب بشتم حزب الله وتشويه اسم السيد حسن نصرالله وقدمت 500 مليون دولار قيل أن الولايات المتحدة هي التي سددت المبلغ لكن في النهاية عرفنا أن السعودية هي التي سددت الفاتورة لخيراء اسرائيليين واميريكيين .. أما فاتورة اسقاط الحكم في سورية وتشويه صورته عبر نشر الشائعات والطعن في وطنيته فان ميزانيتها مفتوحة ووصلت الى مليارات الدولارات .. وأثرى بسببها الكثيرون ممن صارت مهمتهم هي الحفاظ على مستوى المكاسب ومستوى الانحطاط والكراهية .. وأهم مواضيع هذه البوستات هي المذاهب والطوائف والشتائم الرخيصة جدا التي تنشر التدني الاخلاقي ليصير ديانة جديدة .. وبسبب هؤلاء فقد وصلنا الى مرحلة لم نعد فيها قادرين على أن نناقش من كان يوما من المغررين بهم لأن فترة التصاقهم الطويل بهذه المواقع الرديئة وترداد نفس الكلام ونفس الشائعات كل يوم ولخمس سنوات حوّلهم الى أتباع طريقة أو أتباع ديانة جديدة بكل معنى الكلمة .. فكل القناعات التي يرددونها صارت مثل المسلمات الدينية ومثل أركان الاسلام الخمس من الصلاة والصيام ووو .. هذه العملية المتواصلة لغسيل الدماغ قد خلقت ديانة جديدة هي ديانة العنف الثوري والكراهية الثورية التي تتعامل مع أي محاولة لزعزعة القناعات التي ثبتت عبر هذه المكاتب تماما بمنطق الرفض والتمسك بالدين واطلاق التكفير لكل محاولة عقلية للجدال المنطقي .. فمثلا يستحيل أن تقنع أحدا من هؤلاء أن الدولة التركية هي التي استعملت السلاح الكيماوي في الغوطة لاتهام الحكومة السورية .. ويستحيل أن تقنع أحدهم أن الثورة لم تكن سلمية .. وأن الثورة كانت لها نداءاتها الطائفية منذ الأيام الأولى ويصر هؤلاء على أن الثورة تمت أسلمتها من قبل النظام .. ويصرون على أن التقسيم قادم وحتمي .. ويصرون على وجود مشروع تشييع صفوي ومؤامرة ايرانية .. ويستحيل أن تقنع أحدا منهم أن النظام ليس حكرا على طائفة بعينها رغم وجود كل مراكز القوى موزعة بعدالة بين الطوائف .. ويستحيل أن تدفع تهمة أن النظام قمع الضباط السنة وحاربهم رغم أن النظام نفسه قد عامل جميع الضباط بحسب انضباطهم لقواعد العسكرية وأن من خالف الانضباط الصارم من جميع الطوائف قد عوملوا بنفس الطريقة العسكرية .. والأمثلة لاتعد ولاتحصى ..
المهم .. هذه معركة طويلة بين الجمال والقبح .. بين الأخلاق واللاأخلاق .. بين الوطن والعدو .. بين الخيانة والشهادة .. بين الانسان وأشباه الانسان ..بين الرجال وأشباه الرجال .. بين الضوء والظلام ..
 
واذا كانت ملكات فيصل القاسم غير قادرة على معرفة حجم العناد والاصرار الذي نملكه فليجرب أن يتحدانا .. هو يرسل أسراب الذباب كل يوم .. ونحن سنمحوها عن بكرة ابيها عن هذا الموقع كلما تجمعت .. كما سنمحوها من على الجغرافيا ونجعلها أثرا بعد عين .. وسنرى من منا أكثر تصميما وعنادا .. وكما قلت فان فيصل ان أراد جعلناه يحدث نفسه في الطريق وفي نومه .. ويردد:
 
لو اني أعرف أن البحر عميق جدا ماأبحرت ..
لو اني أعرف خاتمتي .. ماكنت بدأت ..
 
خاتمته معروفة كخائن متشرد لن يقبل بايوائه أحد .. وهو لم يدرك بعد أي بحر وصل اليه وأي اعصار يواجه .. لقد وصل في رحلته الى وسط البحر ولم يبق له أمل بلقاء أي يابسة .. والرقص مع الأمواج غير الرقص على جزيرة مع طبال وطبالين ..
 
الرقص لن ينفع الراقصة بعد اليوم .. وستغرق ان عاجلا أو آجلا .. وستبقى في القاع .. في ثياب الرقص والخلاخيل القطرية ..