2025-06-16 01:28 ص

خيبة وهزائم متكررة

2015-11-03
بقلم: عبد الحكيم مرزوق
ثمة قوانين وأنظمة تحكم دول الجوار ، وهي التي تنظم العلاقة بينهما ، وإذا ما أخلت دولة ما بهذه القوانين والأنظمة فهناك من يفصل في تلك المنازعات والمشكلات التي تنشأ بين تلك الدول المتجاورة سواء أطلقنا عليها تسمية الشقيقة أم الصديقة فهي في النهاية لن تفيد تلك التسميات بشيء لأن ما يحصل يكون متجاوزاً لمفاهيم الصداقة والأخوة ، وهذا ما يترك إشارات استفهام كبيرة تنصب في الأسباب الحقيقية لتلك التجاوزات التي قد تحصل . نشير هنا إلى أن المرجعية في هذه المنازعات والمشكلات التي قد تحصل غالباً لا تكون نزيهةً ومتمتعةً بالمصداقية لأن من يقود العمل فيها هو الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخمس الكبرى ، وهذا ما يجعل الحل العادل يتأخر كثيراً وربما لا يأتي ودليلنا على ذلك هو احتلال الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الفلسطينية المحتلة والقرارات الكثيرة التي اتخذت في مجلس الأمن ورميت في سلة النفايات دون أن يكون لها أي مفعول أو تنفيذ على أرض الواقع وذلك بسبب النظرة الحولاء التي تنظر لها الولايات المتحدة الأمريكية للقضايا العربية والوقوف إلى جانب الكيان السرطاني الإسرائيلي الغاصب الذي زرعته في المنطقة العربية لتبقيها خاضعة وخانعة للشروط الأمريكية التي تريد المنطقة العربية بيدها مطيعة تسرق خيراتها على الدوام بعلم ملوكها وأمرائها وبعض حكامها الخانعين الذين لا حول لهم ولا قوة وهم الذين تعلموا على طاعة سيدهم الأمريكي ، ولم تتوقف المسألة عند هذا بل وصلت إلى حد تنفيذ المؤامرات بعد أن فشلت كل الجهود لتكون تلك الدول تحت عباءة السيد الأمريكي وبعد أن فشل الكيان الإسرائيلي في القيام بمهمته المرسومة له في أن يكون العصا التي تضرب بها أمريكا كل الدول التي لا تستجيب لمطالبها وتعلن خضوعها وتفذ سياساتها في المنطقة ، فالخسائر التي ألحقتها المقاومة الوطنية اللبنانية في الكيان الإسرائيلي والضربات الموجعة التي وجهتها له جعلت الكيان الإسرائيلي لا تقوم له قائمة ويعد حتى المليون قبل أن يفكر في شن أي حرب مقبلة أو القيام بأي اعتداء عليها بعد الخسائر التي لحقت به جراء اعتداءاته على الجنوب اللبناني ، وكذلك الهزائم التي مني بها جراء عدوانه على غزة المحاصرة وعدم قدرته على تسجيل أي انتصار يرفع من معنويات جيشه ويتباهى به أمام ولي نعمته الأمريكي الذي يمده بأحدث الأسلحة على الدوام ويدعمه مادياً ومعنوياً ، ولكن ... هذا كله لم ينفعه بشيء ولم يرفع من معنويات جيشه التي انهارت أمام صمود المقاومين في لبنان وغزة الذين كانوا يدافعون عن أرضهم وعرضهم في حين كان جيش الكيان الغاصب في أسوأ أيامه لأنه جيش مأجور لا يدافع عن أرضه التي ولد بها بل يدافع عن الباطل المهزوم والمأزوم على الدوام ولأنه لا يحمل تلك العقيدة التي يحملها المقاومون. إذن تلك المرجعيات لم تكن ذات مصداقية منذ إنشائها ، وهي كانت تقف إلى جانب الكيان الإسرائيلي المحتل لفلسطين ، وقد كرست قانون الغابة بذلك حيث القوي يأكل الضعيف فالولايات المتحدة الأمريكية هي التي تفصّل القرارات حسب مصلحتها كي تبقى مهيمنة ومسيطرة على العالم حين كانت تعتبر هي القطب الأقوى والأوحد في العالم ، أما الآن وبعد سلسلة الهزائم التي تعرضت لها مع ربيبتها إسرائيل فإن المؤشرات تدل على أن زمن القطب الواحد قد ولى وقد أفل الزمن الذي تحكم فيه الولايات المتحدة الأمريكية العالم بعد ظهور قوتين مهمتين في العالم هما روسيا والصين اللتين قلبتا المعادلة في مجلس الأمن واستخدمتا حق الفيتو بوجه الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات موجهة لها عدة صفعات ورسائل تقول من خلالها أن زمنها قد توقف وأن المنطقة مقبلة على تغيرات كثيرة في موازين القوى وعليها أن تبحث عن مكانها الطبيعي بين تلك الدول دون عنجهية واستكبار لأن استمرارها في سياساتها التآمرية لن تنفعها ولن تحصد منها إلا الخيبة والهزائم المتكررة وهذا ما نراه جلياً على أرض الواقع .
 *كاتب وصحفي سوري 
marzok.ab@gmail.com