2025-06-15 03:08 م

تقرير مصير , رحيل , بقاء , أمور يقررها الشعب السوري .. !!

2015-11-07
بقلم: د. محمد بكر
وسّعت الخارجية الروسية على لسان الناطقة باسمها ماريا زخاروفا دائرة " تقرير المصير" من الرئيس الأسد إلى الدولة السورية , وجعلت ذلك مناطاً بالطبع بالشعب السوري, مضيفة ًأن روسيا لا تحدد إن كان على الرئيس الأسد البقاء أو الرحيل, مؤكدة ًأن الإعلام الغربي يعمل على الإيحاء بأن روسيا غيرت موقفها تجاه مصير الأسد, بمعنى ( أن روسيا لم تغيرموقفها قيد أنملة في هذه الجزئية ) بدليل طريقة الحفاوة المميزة التي استقبل بها الأسد أثناء زيارته إلى موسكو وكيف شكلت صورة فرد السجاد الأحمر للرئيس السوري عاملاً استجلب كل مفردات الامتعاض للولايات المتحدة الأميركية , كذلك بدورها تقول وتردد وتشدد الأمم المتحدة بأن مصير الأسد يحدده الشعب السوري , حتى الأميركان رددوا في غير مناسبة ذات المقولة , وكذلك المعارضات السورية على اختلاف مسمياتها وتوابعها ومجالسها وتجمعاتها لا تنفك حديثاً عن تمثيلها للشعب السوري وتستفيض في شرح ما يريده هذا الشعب , وكل ذلك من خارج الجغرافية السورية , هذا الشعب الذي بات مصيره ومصير مستقبله في مهب ريح ٍ هوجاء وفي خضم نار ٍ باتت تتسع وتشتد لتأكل من قوته ويوميات معيشته , تصفى خلالها موارده ومؤسساته ومقدراته في لعبة أمم وصراع ٍ دولي لا أحد يعرف مآلاته ونهاياته , إذ يسارع الآلاف من أبناء الشعب السوري يومياً لخوض رحلة الموت وعلى متن القوارب والبالمات يخط طريقه المحفوفة بالمخاطر التي يجد فيها ربما أقل خطورة ً وأخف وطأة ً مما يحصل في بلده ومما قد تحمله الأيام من " بشائر" تشي مؤشرات وحيثيات الحرب بأنها ستكون غير سارة على الإطلاق. نحن هنا لا نتحدث بمنطق المغالاة في توصيف الحدث فالأرقام التي تحدث عنها القاضي الشرعي بدمشق محمود المعرواي هي أرقامٌ مخيفة لجهة ازدياد معدلات الهجرة في العام 2015 والتي وصلت إلى 25% وإن مليون جواز سفر تم تنظيمهم خلال العام الجاري, وإن معدل طلبات الحصول على الجوازات وصل إلى 5000 طلب يومياً وأغلبها للقاصرين الذين تُرفق مع طلباتهم وكالات من أولياء أمورهم المتواجدين خارج القطر , أضف إلى ذلك أن مجمل عقود الزواج التي يتم تنظيمها و( الكلام هنا أيضاً للقاضي الشرعي ) تتم بوكالات لأحد الزوجين الموجود أو الموجودة خارج القطر أيضاً , أرقام ٌ إذا ما استمرت بذات الوتيرة فهذا يعني أننا أمام كارثة اجتماعية حقيقية لا يمكن تحسسها إلا بعد وقوعها , في حين يستمر الحديث عن هذا الشعب ومهمته في تقرير مصيره وهو الذي يتلظى بين نار الحرب والإرهاب وبين من ينهش في جسده ويحرق معيشته في الداخل من تجار وفاسدين ومستغلين رسميين وغير رسميين . ميدفيديف قالها بصراحة : جئنا لمحاربة الإرهاب في سورية لحماية الشعب الروسي ولحماية مصالحنا القومية , بدوره يستمر الأميركي بدعم ما يسميها معارضة معتدلة وهو الذي تحدث عنها ووصفها على لسان أوباما لجهة أن الحديث عن هكذا معارضة هو ضربٌ من الخيال , فيما تستعر النيران ويحتدم التناطح الدولي دفاعاً عن مصالح ومناطق نفوذ وتكريساً لأهداف سياسية في ساحاتٍ ( وسورية بالطبع واحدة منها ) تشتد فيها تصفية الحسابات الاقليمية والدولية , وفي كل محطة و" استراحة " سياسية يعاود المشتبكون الحديث عن العملية السياسية ودور الشعب السوري في تقرير مصير قيادته , ومن هنا جاء استشعار واشنطن حول الحراك الروسي لعقد لقاءات ثنائية بين ممثلين عن المعارضة السورية وآخرين عن الحكومة في موسكو لجهة أنها خطوة مبكرة ,لأن أميركا مازالت ترى أن ديمومة صراعها وحربها بالوكالة مع الروسي وحلفائه ضرورة ملحة لتصفية وتدمير ما تبقى من سورية , في حرب قذرة أكثر الخاسرين فيها الشعب السوري وأكثر الرابحين أعداؤه , وبعضٌ من أفراده الانتهازيين والجبناء والفاسدين الذين ينتظرون أن تضع الحرب أوزارها ليقطفوا ثماراً صاغها جنديٌ في الميدان , وشعبٌ أغدق من دماء أبناءه وشبابه وأطفاله الكثيرالكثير , صبر وصابر على أمرّين, سندان من تآمر عليه ويتحدث باسمه ويصوغ مصالحه على أكتافه, ومطرقةِ من يتاجر به وبلقمة عيشه في الداخل, فبات الملايين منه في المهجر وفي دول مجاورة لا يعرفون أي مصير ينتظرهم لكي يقرروا مصير دولتهم .
 * كاتب فلسطيني 
 mbkr83@hotmail.com