2025-06-15 05:07 ص

لقاء أوباما ونتنياهو .. العشق غير الممنوع والمولود المنتظر !!

2015-11-13
بقلم: الدكتور محمد بكر*
عندما سئل مرة ً وزير الخارجية المصرية الأسبق نبيل فهمي عن طبيعة العلاقة التي تربط بلاده بالولايات المتحدة الأميركية كان جوابه لافتاً من حيث التوصيف, إذ عدها علاقة " زواج شرعي" , وهو ذات التوصيف مضافاً إليه (المثالية الزوجية) الذي يمكن إطلاقه على العلاقة فوق الحميمية بل و" المصيرية " التي تجمع الولايات المتحدة الأميركية بربيبتها " إسرائيل " والتي تجاوزت بأبعادها منطق الرعاية والأبوة وتعدتها إلى علاقة" زواج مثالي " تجمع الجانبين على وحدة مصير وهدف يرخيان بظلالهما على المسارات المشتركة وتلازم الرؤى وتطابق المنهج وتقاسم الأبلسة بين الطرفين, ولإدراك ذلك ما عليك إلا أن ترقب " منظرَي " السلام , أوباما الذي أبدى رغبته بالحديث مع نتنياهو حول كيفية عودة عملية السلام إلى مسارها, وهو الذي استبق زيارة "محبوبه" بالإعلان عن أنه لاشيء جديد سيطرأ على تلك العملية خلال فترة ولايته, فيما رفض "المنظر" الآخر للسلام, وهو الذي مللته الدماء وضاق القتل من ممارسته ذرعاً , رفض التنازل عن ماسماه الأمل بتحقيق السلام , عازيا ً أسباب التشرد والمجازر التي تحصل في المنطقة إلى التكامل بين " الثورات السنية والشيعية المتطرفة " على حد تعبيره, بينما لسان حال السلام يردد : " إن لم تستح فاصنع ماشئت". بعيداً عن منطق حاجة أوباما للأصوات اليهودية لضمان فوز الحزب الديمقراطي في المعركة الانتخابية القادمة , من أجل تبرير وفهم حجم العطاءات والثناءات التي أغدق بها أوباما على ضيفه " الكبير" , لأنه وبغض النظر عن اسم الرئيس الأميركي وانتمائه واستراتيجيته السياسية فإن سلوكه وتعاطيه مع الكيان الصهيوني سيكون ذاته بكل تفصيلاته وحيثياته , من هنا فإن ما أعرب عنه الرئيس الأميركي من وقوف " أعمى " إلى جانب الكيان الصهيوني ومناصرته لحق " إسرائيل" في الدفاع عن نفسها ضد ما سماه العنف والإرهاب الفلسطيني , إضافة لاعتباره أمن " إسرائيل " أولوية رئيسة لدى الولايات المتحدة , لم يشكل أي جديد في مخرجات اللقاء, لكن الجديد هو ما يمكن الحديث عنه واستشراف مدلولاته من زاويتين رئيستين تحدث عنهما نتنياهو خلال زيارته إلى واشنطن وتحديداً ما يتعلق بالملف الإيراني والسوري . من الخطأ التاريخي إلى السهر على تطبيق الاتفاق النووي الإيراني كان تحول نتنياهو مفاجئاً وهو الذي لم ينفك عن انتقاده وقلقه وامتعاضه مما عده في السابق أسوء من المواجهة العسكرية مع إيران , ليدافع اليوم عن الاتفاق بطريقة ملفتة وغير متوقعة لدرجة ما سماه مصلحة مشتركة مع الأميركي لمنع إيران من انتهاك الاتفاق , فماهي الوصفة السحرية التي صاغها أوباما حتى " فتلت " عقل نتنياهو , وهل ثمة ما يُطبخ وما يجري العمل على تهيئته وإعداده واستيلاده بين " الزوجين " المثاليين حتى تكاثرت كل مفردات " الحرص " على لسان نتنياهو لدرجة السهر على تنفيذ الاتفاق ؟ وماذا عن الملف السوري واستبعاد نتنياهو عودة سورية إلى سابق عهدها ؟ ربما أفرد أوباما قسطاً مهماً من الوقت ومساحة وافرة للحديث عن المرحلة التي تلي الاتفاق النووي بأبعادها وغاياتها المتقدمة التي يتحدث عن خطرها بشكل دائم المسؤولون الإيرانيون وتحديداً مرشد الثورة لجهة تغلغل الغرب في الداخل ومحاولة تفجير إيران داخلياً , واستثمار مكامن ونقاط الضعف التي من الممكن أن تستولد فيما لو نجحت, مفاعيلاً أقل كلفة من عدم الاتفاق والصدام المباشر مع إيران , وذلك بالتوازي مع إبقاء كرة النار في أوج " لهيبها " في الساحة السورية بحيث تكون الشاغل الأول والأوحد للجيش السوري وحلفائه بما يضمن " تبريد" سخونة الهواجس والخطوط الحمراء التي أعاد ذكرها نتنياهو أمام أوباما مراراً وتكراراً لجهة منع فتح جبهة جديدة ضد " إسرائيل" في الجولان, وأن لا تكون سورية ساحة هجوم على إسرائيل من قبل إيران ووكلائها بحسب تعبير نتنياهو , هذا التكرار الذي كان بمنزلة " ليطمئن قلبي " وهو أي ( نتنياهو ) كان قد سمع المبتغى من خلال ما تعهد به بوتين أمامه لجهة أن الهدف من التدخل الروسي هو الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية فقط وليس فتح جبهة جديدة من الجولان . في الملتقى العلمائي لدعم فلسطين أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الأمور إذا ما بقيت كما هي عليه , فإن ما سماها " المعركة الأساسية " لمحور المقاومة ستُمنى بالهزائم مضيفاً وفي مناسبة يوم الشهيد أن الحزب في الجبهة الصحيحة وفي موقع التأثير الحقيقي في معادلات المنطقة بحسب تعبيره , مؤكداً أن أميركا غير قادرة على الحسم , وهذا ما يشكل في اعتقادنا جوهر ولب " الثمار" الذي تسعى الإرادة الإسرائيلية الأميركية إلى استمرار جنيها في المشهد السوري الحاصل لجهة إبقاء الأمور كما هي عليه الآن إلى أطول فترة ممكنة , بل وإن المطلوب أن يستمر الحزب في الجبهة السورية ( فقط ) دون غيرها , تصاغ فيها كل عوامل ومقومات الحياة للمشروع الداعشي والاستثمار فيه, لا ترغب أميركا أصلاً بتحقيق أي حسم أو إنهاء للصراع الحاصل إنجازاً وإذكاءً لنظرية ورؤية أوباما في الاستنزاف . يقولون أن لقاء العاشقين بعد الخصام فيه من الجمال والمتعة مافيه , وهذا ما ينطبق تماماً على لقاء أوباما ونتنياهو , تنامى فيه العشق غير الممنوع بالطبع بين عاشقَين وزوجين مثاليين تبخر خلاله وفي لحظات كل ما قيل عن خلافات وقطيعة سادت بين الجانبين , لقاءٌ لم تدخل فيه عملية السلام وحدها في الثلاجة بل يرافقها كذلك الحل السياسي في سورية , وحده الإسرائيلي من يتربع على عرشه والابتسامة لا تغادر محياه وهو يرقب ناراً تعارك خصومه , وربما أخرى أشد على وشك الولادة وبالطبع من رحم اللقاء .
* كاتب فلسطيني 
 mbkr83@hotmail.com