تفاوتت ردود الافعال حول احداث فرنسا الدامية والتي راح ضحيتها مئات الجرحى وعشرات القتلى.
الا ان اللافت للنظر هو تجمد سردود افعال قطاعات عديدة عند مشاعر التضامن او الشماتة.
وان دل ذلك على شئ فانه يدل على سيادة حالة عامة من السلبية والاكتفاء بدور المتلقي دون اعمال للعقل وللجدلية والتفاعل مع الاحداث لانتاج مشاعر او ردود افعال اخرى.
ولعل بعض ردود الافعال مثل الاندهاش او التساؤل او محاولات الربط، هي نوعية تدل على عقل جدلي مفتقد في الحالة العامة للشعب العربي.
ودون تبني وجهة نظر محددة يمكن استعراض بعد مسوغات ردود الافعال الدالة على هذا الاعمال للعقل.
فلربما الاندهاش يكون من كيفية حدوث مثل هذه الاعمال بهذا النزامن في بلد كبير وعريق مثل فرنسا ولديه اجهزة امنية واستخباراتية معتبرة، ولربما التساؤل يكون حول سبب الاستهداف بالرغم من ان مجمل السياسات الفرنسية تخدم اغراض الارهاب وقف في نفس معسكره، ويزداد الاندهاش والتساؤل عندما تعلن فرنسا انها تحارب داعش ويكون مستوى امنها ومخابراتها بهذا التهاون والضعف وعدم توقع انها مستهدفة ويكون عاملها الامني مع الحدث بهذا التهافت وعدم الحرفية التي ادت لوقوع هذا العدد الكبير من الضحايا!
ليس بالضرورة تصدير نظرية للمؤامرة تقول ان هناك تواطؤ او تمرير لخدمة اهداف سياسية بالرغم من هذا الاحتمال ليس بعيدا اذا وضعت ابعاد اخرى في الحسبان مثل ازمة اللاجئين ومحاولات فرنسا التنصل من استقبالهم وكذلك شعورها بخطر ديموجرافي ناتج عن زيادة ملفتة لاعداد العرب والمسلمين بها، ونظرا لحاجتها لحشد شعبها معنويا لدعم الحكومة في تكثيف محتمل لعمليات عسكرية خارجية وتوسع استعماري جديد لعلاج الازمات الاقتصادية التي تعانيها اوربا، وتكتسب هذه الاحتمالات التآمرية وجاهة اذا كانت هناك سوابق مثل احداث 11 سبتمبر بامريكا والتي لاتزال تشكل لغزا او في فرنسا نفسها منذ شهور في الهجمات على شارلي ابدو وما اثير من شبهات بعد ثغرات مريبة في التعاطي الفرنسي مع الاحداث والتحقيقات.
ومع ذلك ليس بالضرورة كما سبق الذكر تصدير نظرية المؤامرة، ولكن من الواجب ان يتم على الاقل الربط بين هذه الاحداث وحادث الطائرة الروسية والتعاطي الغربي معه والبلاغات الكاذبة في كل من روسيا وفرنسا بعده والايحاءات الناتجة من سلطات التحقيق ووسائل الاعلام الفرنسية بوجود جوازات سفر سورية ومصرية بجانب الانتحاريين، وربط ذلك بتحرك محتمل في الاقليم.
سان التوقف عند الشماتة المعيبة او التضامن مع الضحايا او النفاق لفرنسا باعتبارها تحارب الارهاب، ليس هو المطلوب، انما المطلوب هو اعمال عضلة العقل التي توشك ان تضمر والتحسب والحذر مما هو قادم بما فيه احتمال توسع الارهاب وتغلبه على اجهزة مخابرات عريقة اذا ما اعتمدت التفاصيل التي يصدرها الاعلام الغربي.
اللافت هنا شئ سعودي اخر، وهو الاعلان عن ان السعودية حذرت دول اوربا من هجمات ارهابية وبسبب تدفق اللاجئين- وهي اشارات للوضع السوري- كما ادانت هيئة كبار العلماء الوهابية السعودية احداث فرنسا ونعت الضحايا- وبالطبع لم تسمع تفجيرات لبنان التي راح ضحيتها (الرافضة الكفرة)- وسمعت تفجيرات راح ضحيتها (اهل الكتاب) الفرنسيين، الا ان الهيئة لم تنس ربط الارهاب وداعش باجرام النظام السوري!
لا شك ان هناك احتمالات لابد وان تضاف للعقل العربي تتعلق بالسعودية وسنقول اصطيادها في الماء العكر ولن نقول تورطها عملا بحسن الظن الذي يقول البعض عنه انه من سوء الفطن!
هجمات باريس والسعودية واشياء اخرى
2015-11-15
بقلم: إيهاب شوقي