2025-06-15 05:21 ص

على هذه الأرض ما يستحق الموت ..

2015-11-18
بقلم: سامر منصور
" الطريق إلى البيت أجمل من الوصول إليه ..!!". هبطت إلى مخيلتي تلك العبارة التي قالها الشاعر الكبير محمود درويش.. ضوء قمر يداهم غرفتي ... ممدداً على السرير بعينين معلقتين بسقف أبيض.. الحلم هو المسافة التي تفصلنا عن واقعٍ نشتهيه ... هو الطريق إلى مكان نرسمه بمثالية ... مكـانٍ غير واقعي بشكل ما ... الوصول .. سقوط من علٍّ ... الشعراء.. يعرفون كيف يكثفوا المعنى بأقل قدر ممكن من الحروف .. في هيوستن .. توقف قلبه عن النبض .. أتعبه الطريق .. بعيداً عن البيت .. عن "البروة" ... " لماذا يكرهوننا ؟". تساءل الأمريكيون حين انهار برجيهم .. تعاطف العالم كله مع مأساتهم .. " أمريكا .. حلم جميل .. بلاد الحرية والديمقراطية .. " قال أحدهم . " ديمقراطية الرأسمالية المتوحشة " رد عليه آخر بغضبٍ... قبل أن يتابع كلامه وقد تعلقت عيون الجالسين به : " عليها أن تكون جميلة من الداخل والخارج أيضاً .. الأمريكيون الذين صنعوا حلمهم الجميل .. أنتجوا حكومات الدمار الشامل .. أي تناقض هذا ؟؟ هذا ليس تناقضاً .. بل هو انسجام كبير مع الذات ... هكذا تفكر الرأسمالية المتوحشة ... كل شيء مباح للحفاظ على حلمهم الجميل .. لا مشكلة لديهم في نشر الكوابيس في كل مكان في العالم أو أن يستنزفوا .. و يقتلوا أحلامنا .. عن أي ديمقراطية تتحدث ؟" على سرير .. في هيوستن .. في أمريكا ... لفظ الشاعر روحاً مرهقة .. وحلماً .. في البلد الذي جعله يمضي حياته سائرا على الطريق .. أية مفارقة تلك..!!؟؟ " أتحدث عن الديمقراطية التي لن تسمح لأي مسؤول بالتنصل من مسؤولياته .. حين يصفق له الشعب عندما يستحق .. وينزله عن الكرسي عندما يسير عكس مصالحه ويخون أمانته." ردَّ عليه بهدوء... على " جداريته" علّق : " هزمتك يا موت". " لقد كُسِرَ حاجز الخوف .. لقد هزموا خوفهم .. وانطلقوا نحو حريتهم " قال أحد الجالسين بحماسةٍ قبل أن يضيف: " إنهم لا يريدون غير حقهم في الحرية ". " المشكلة أنهم وضعوا كفهم بكف دولة " الحلم الجميل".. مزجوا أحلامهم بماء الكابوس العالمي". ردَّ عليه أحدهم. " عدنا إلى نظرية المؤامرة..!!" ردَّ الآخر بسخرية. " لم أقل مؤامرة ... لقد صار العالم واضحاً و مكشوفاً ...لدينا ما يكفي من تاريخ لنستنتج بأن المصالح هي من تحكم العالم .. لذلك عليك قراءة الماضي حتى اللحظة الراهنة بموضوعية ، لتجيب على تساؤل مقلق : " لماذا يحبونكم !!". قد يختلف الناس في توصيف ما يجري : " ثورة" أو " مؤامرة" ... لكنها في كلتا الحالتين : " نقلتهم من الرصيف ... إلى الشارع..!!". الغرفة غارقة بالعتمة ... مطر يطرق زجاج نافذتي .. ليوقظني .. " على هذه الأرض ما يستحق الحياة" .. كتب درويش من رحم الألم. المطر يهطل غزيراً .. هل حقاً : "الطريق إلى الحرية أجمل من الوصول إليها...!!؟؟". الأشجار لم تزل واقفة.. قابضة على حلم .. بأغصانها العارية.. " على هذه الأرض ما يستحق الموت أيضا !!!"