2025-06-10 09:30 ص

تونس بين مثلث برمودا: الترهيب،التهريب و التعذيب

2015-12-17
بقلم: خلود مزوغي 
تونس بين مثّلث برمودا الترهيب ,التهريب و التعذيب تفاقمت ظاهرتي التهريب و الترهيب بعد الثورة في تونس بشكل كبير خاصة تهريب السجائر الأسلحة و المتفجرات فوفق إحصائيات نشرتها وزارة التجارة التونسية تقدر الخسائر التي تكبدتها تونس من التهريب ب3,6 مليار دولار فيما قدرت دراسة صادرة السنة الفارطة عن البنك الدولي قيمة المواد المهربة على الحدود التونسية بنحو1,2 مليار دولار سنويا . وكانت التشكيلات التابعة للجيش الوطني والعاملة بالمنطقة العسكرية العازلة قد تمكنت من حجز أكثر من 60 هاتف جوال و380 غلاف هاتف جوال و44 علبة توابع وكذلك 27 علبة مجوهرات من الذهب تحتوي كل واحدة على خاتم وسلسلة ومقياس وبراسلي تقدر قيمة المصوغ الجملية بـ 1260 ألف دينار، تم تسليمها لوحدات الديوانة. كما قامت بإيقاف 6 سيارات تهريب محملة بمواد غذائية مدعمة (كسكسي ومقرونة) متجهة نحو القطر الليبي وذلك بعد إطلاق عيارات نارية تحذيرية في الهواء. كما شهدت مدينة بن قردان مؤخرا احتجاجات للتنديد بما اعتبره التجار تضييقا على تجارهم من قبل الجانب الليبي حيث أقدم التجار المحتجين على حرق العجلات المطاطية و غلق الطريق على الشاحنات الليبية المحملة ببضائع نحو ليبيا. في بيتنا إرهاب و تهريب ووفق تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية في آواخر سنة 2013 بعنوان "الحدود التونسية بين الجهاد و التهريب " ركزت فيه على نقاط أساسية تفسّر سر تفشي هاتين الظاهرتين , فالفراغ الأمني الذي أعقب انتفاضة 2010-2011 ضد نظام بن علي ـ إضافة إلى الفوضى التي أنتجتها الحرب في ليبيا ـ تفسر إلى حد كبير الارتفاع المثير للقلق في وتيرة عمليات التهريب عبر الحدود و تطرق التقرير إلى أنه برغم أن التهريب كان منذ وقت طويل المصدر الوحيد للدخل لأعداد كبيرة من سكان المناطق الحدودية، فإن الاتجار بسلع خطيرة ومربحة أصبح يشكّل مصدراً لمخاوف عميقة. باتت المخدرات الخطيرة إضافة إلى كميات صغيرة نسبياً (حتى الآن) من الأسلحة والمتفجرات تدخل البلاد وبشكل منتظم من ليبيا. على نحو مماثل، فإن النصف الشمالي من الحدود التونسية ـ الجزائرية بات منطقة تشهد عمليات تهريب متزايدة للحشيش والأسلحة الخفيفة. هذه الأنشطة تزيد من قدرة الجهاديين على التعطيل وإثارة القلاقل وترفع من حدة الفساد في أوساط السلطات الحدودية" كما أشار التقرير إلى أنّ الحرب في ليبيا كان لها تداعيات أمنية وأن المجموعات المسلحة في المناطق الحدودية والتي شنت هجمات ضد أعوان الحرس الوطني، والجيش والشرطة، أصبحت تشكل تهديداً أمنياً كبيراً فاقم منه عودة المقاتلين التونسيين من سورية. وفي نفس السياق، فإن تبعات الانتفاضة التونسية والحرب الليبية دفعت إلى إعادة تنظيم كارتيلات التهريب (التجار على الحدود مع الجزائر، والقبائل على الحدود مع ليبيا)، مما يضعف سيطرة الدولة ويمهد الطريق لأنماط أكثر خطورة بكثير من التهريب. و أوضح نفس التقرير أنّ الأنشطة الإجرامية والتطرف الإسلامي باتا يمتزجان في ضواحي المدن الكبرى وفي القرى النائية الفقيرة. بمرور الوقت، فإن نشوء ما يُسمى العصابات الإسلاموية يمكن أن يسهم في ظهور مجموعات تجمع بين الجهاد والجريمة المنظمة داخل شبكات التهريب العاملة على الحدود ـ أو الأسوأ من ذلك، إلى التعاون بين الكارتيلات والجهاديين. وأشار التقرير إلى أنّ تهريب الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى تحرك المقاتلين الجهاديين، بات رهينة للمفاوضات غير الرسمية بين أمراء الاقتصاد غير المنظم وممثلي الدولة. منذ سقوط نظام بن علي، بات التوصل إلى مثل هذه التفاهمات أكثر صعوبة. وقد تمثلت النتيجة في إضعاف فعالية الإجراءات الأمنية وندرة توافر المعلومات الاستخبارية المستقاة من العناصر البشرية التي تلعب دوراً حاسماً في مواجهة التهديدات الإرهابية أو الجهادية خاصة إذا علمنا عدد التونسيين المقاتلين الناشطين في التنظيمات الإرهابية خاصة" داعش" في سوريا و العراق يتراوح مابين 6و7آلاف مقاتل من بينهم 700 إمرأة تونسية أغلبهم من بن قردان بنسبة 15,2 بالمائة و10,7 بالمائة من ولاية بنزرت وتونس و وقد تضاغف العدد مابين سنتي 2014و2015 حسب تقريرأمريكي أعدته مجموعة "صوفان" الاستشارية الأمريكية المختصة في شؤون الاستخبارات و الدراسات الإستراتيجية بتاريخ 8ديسمبر2015 حول أبعاد الخطر الإرهابي الذي يمثله تنظيم" داعش" في سوريا و العراق . تعاون أمني و إقتصادي ودعا التقرير في توصياته للحدّ من تفاقم هذه الآفة إلى تشجيع إصلاح القطاع الأمني سياسياً، ومالياً وتقنياً، خصوصاً من خلال إنشاء قوات أمن محترفة وتجنب تسييس إدارة هذه القوات و تشجيع وتيسير التعاون الأمني المغاربي، خصوصاً من خلال تعزيز تبادل المعلومات فيما يتعلق بليبيا مع الحكومة التونسية، خصوصاً في سياق بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية. بالإظافة إلى تركيز التعاون الاقتصادي، والاستثمارات والمساعدات التنموية على حدود البلاد والمناطق الداخلية و إجراء دراسات جدوى حول إنشاء مناطق حرة في المناطق الحدودية و مناقشة الأدوات العملية لتعزيز الآليات المحلية للسيطرة على الحدود، خصوصاً من خلال الاستخبارات البشرية متابعة الجهود لإنشاء جهاز مخابرات وطني ودمج أجهزة المخابرات ووحدات مكافحة الإرهاب فيه . حقوق ضحايا الجرائم الإرهابية من جانبها خلصت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب إلى توصيات خلال ندوة بعنوان "حقوق ضحايا الجرائم الإرهابية" أقامتها مؤخرا إحياء لليوم العالمي لحقوق الإنسان قدها خلالها مختصون مداخلات حول الحق في التعويض المادي و المعنوي و التأهيل النفسي وإعادة الإدماج الاجتماعي لضحايا الأعمال الإرهابية داعية إلى الإسراع بإصدار النصوص المنظمة لعمل صندوق ضحايا الجرائم الإرهابية و كيفية تمويله وإجراءات عمله و إنشاء نظام قانوني موحد وشامل ومتكامل بخصوص جبر الأضرار المادية و البدنية و المعنوية و المهنية و الحق في العلاج الطبي و النفسي وإعادة الإدماج الإجتماعي و المهني و تسهيل إجراءات التعويض واختصار الآجال لدى مختلف الهياكل بما في ذلك الصناديق الاجتماعية و الهياكل الصحية و تمثيل وزارة الشؤون الاجتماعية و المجتمع المدني صلب اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب و إدماج مفهوم الضحية الجماعية بخصوص المناطق المهددة بأعمال الإرهاب و ضرورة إهتمام الدولة بسكانها و تنميتها للحيلولة دون نزوحهم منها و عدم إخضاع توزيع تعويضات الجرائم الإرهابية إلى قواعد الإرث بخصوص استحقاقها و حصرها في الزوج و الأبناء و من كان في الكفالة و إعطاء الأولوية لذوي الشهداء في الحصول على المساكن الاجتماعية و منح تحسين السكن و إيلاء السلطات الأهمية الازمة للجوانب المعنوية و الرمزية في علاقة بعائلات الشهداء و إحياء ذكراهم و إنشاء هياكل قارة تعنى بجميع القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب و الوقاية منه و معالجة آثاره بعيدا عن الإجراءات المناسباتية بما في ذلك خلايا الأزمات و تطوير مقاربة العلاجات النفسية الجماعية في علاقة بضحايا الجرائم الإرهابية و حق عائلات الشهداء و الضحايا في معرفة الحقيقة من خلال المحاكمات العادلة للمتهمين بالأعمال الإرهابية . هل التعذيب في تونس سياسة ممنهجة هذا الملف يحيلنا على ملف آخر لا يقل هو الآخر أهمية و خطورة عن الإرهاب و التهريب في تونس ألاّ و هو التعذيب ذلك أنّه أصبح هو الآخر سياسة ممنهجة و مدروسة تسير وفي خطة محددة وواضحة تحكمها قواعد معينة تنخر البلاد من الداخل فوفق تقرير للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب خلال شهر نوفمبر 2015 أفاد أنه مازال هناك تواصل اتصال لضحايا الانتهاكات وأعمال التعذيب وأسرهم بالمنظمة للإبلاغ عن الحالات ولا تزال أغلب الشكاوى تتعلق بالانتهاكات التي يرتكبها أعوان الشرطة ضدّ الأفراد. موقف المنظمات المحلية و جاء في التقرير أنّ أعوان الشرطة لا يترددون في الاعتداء على الأفراد، وخاصة بعد إيصالهم إلى المراكز الأمنية دون أي رادع من رؤسائهم أو من القوانين السارية. ويصاحب هذا العنف تلفيق القضايا وإيقاف الأشخاص و أشار التقرير أنه في الحالات التي يكون أحد أطراف الخلاف الذي تنظر فيه الشرطة عون أمن فإن الانحياز يكون واضحا لهذا الأخير وفي حالات تكون الاعتداءات وحشية، وحالما يطلق القضاء سراح الضحية دون إعطائه أي من حقوقه، فإنه يكون عرضة للإيقاف من جديد مع التنكيل به أشد التنكيل وتتعكر حالة بعض الموقوفين الذين يعانون أمراضا بدنية أو عقلية مزمنة خاصة في حالات التي يتعرضون فيها إلى التعذيب. وأوضح نفس التقرير بعض أعوان الأمن يستغلون حالة الطوارئ والإجراءات الأمنية المشددة للتنكيل بمن يدخلون معهم مناوشات لفظية كان يمكن تجاوزها. وفي الغالب ينتهي الأمر في مركز الأمن حيث يتعرض الضحية إلى أصناف العنف وسوء المعاملة وتلفيق القضايا حسب مزاج الأعوان ( السكر، هضم جانب موظف عمومي) و كشف التقرير الصادر عن المنظمة التونسة لمناهضة التعذيب أنّه يتم استعمال الأسلحة النارية في أوضاع لا تستوجب اللجوء إلى استعمالها، وهو ما يعكس استهتارا من بعض الأعوان في استعمالها، وكذلك بسبب ضعف المهنية والتدريب لدى بعضهم الآخر كما لا يتردد بعض الأعوان في استعمال الأسلحة التي بحوزتهم كأداة للعنف مثل الضرب بالعقب على الرأس أو على مؤخر الرقبة هذا وتنتهي بعض التدخلات الأمنية العنيفة بموت الشخص المستهدف وذلك سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وهي حالات تستوجب التحقيق المعمق لبيان المسؤولية عن الوفاة ولا يتم إعلام العائلات في حالات بمكان إيقاف قريبهم فيكون الأمر أشبه بالاختفاء القسري وفق نفس التقرير. وسجّلت المنظمة بإيجابية دور بعض قضاة التحقيق في توثيق حالات التعذيب من خلال تضمين المحاضر آثار تلك الممارسات مجددة التذكير بأن التعذيب ممنوع تحت أي ظروف بما فيها أوضاع مكافحة الإرهاب. حالات تعذيب و إعتداء في تونس حالة السيّد محمد غرس الله وأبناؤه: بتاريخ 11/11/2015 حصل خلاف بين السيّد محمد وعون حرس وطني وشقيقه، وحسب العائلة تعرض محمد إلى الاعتداء بالصفع من قبل أحد الشقيقين مما دفعه إلى طلب الشرطة بواسطة هاتفه، وعند حضور الشرطة تحول الجميع إلى مركز الأمن بباب سعدون. وفي الأثناء اتصل محمد بابنيه لطفي ومحسن اللذين حضرا بالمكان. ولدى استفسار لطفي والده عن تعرضه إلى العنف تم الاعتداء عليه وعلى شقيقه محسن بالعنف الشديد من قبل أعوان شرطة مما تسبب في حالة إغماء للطفي وكسر بالأنف بالنسبة إلى محسن الذي تمكن من الفرار لتفادي تواصل الاعتداء عليه. وتسبب العنف الذي سلط على محمد بمركز الأمن في كسر على مستوى الحوض وعلى مستوى اليد وأصبح عاجزا عن المشي.وقد أجريت عليه عملية جراحية. وبسبب الاعتداءات، منح السيّد محمد راحة طبية لمدة 90 يوما، أما بالنسبة لابنه محسن الذي فرّ من المركز بعد تعرضه إلى العنف الشديد فقد منح راحة طبية لمدة 29 يوما لدى عرض نفسه على طبيب الصحة العمومية. هذا وتم الاحتفاظ بلطفي على ذمة القضية. وذكرت العائلة أنه تم تلفيق تهم (هضم جانب موظف عمومي والاعتداء بالعنف والإضرار بأملاك الغير) لكل من محسن ولطفي. حالة السيّد هشام الرزقي: بتاريخ 05/11/2015 تعرض السيّد هشام إلى الاعتداء بالعنف الشديد بإقليم الأمن الوطني بالقصرين من قبل أعوان أمن يعملون بالإقليم المذكور. وتسبب الاعتداء في أضرار بدنية جسيمة لهشام على مستوي الرأس والفم( سقوط أسنان،كسر بالأنف، زرقة بالعين،فقدان مؤقت للذاكرة). وذكرت العائلة أن هشام بقي بحالة احتفاظ في مقر الإقليم لمدة أربعة أيام، ثم أحيل إلى المحكمة وقد تم الإفراج عنه يوم 09/11/2015. ومن الغد تعرض هشام إلى الاختطاف والاعتداء مجددا بواسطة اللكم والركل، وتم خلع كامل ثيابه وإبقائه عاريا بمكان قريب من السجن المدني بالقصرين . وتعود أسباب هذه المعاملة إلى أن السيّد هشام تخالف مع امرأة تبيّن لاحقا أنها تعمل بالسلك الأمني. وذكرت العائلة أنه لفقت لهشام تهم (هضم جانب موظف عمومي والاعتداء بالعنف). مع العلم، أن هشام متزوج وأب طفل صغير السّن، وهو مازال إلى الآن يعاني من مخلفات ذلك الاعتداء البدني والمعنوي وهو يقيم بأحد مستشفيات مدنية المنستير للعلاج. وأرسلت المنظمة مكاتبة إلى السيّد وزير الداخلية حول الحادثة . حالة السيّد محمد الصالح مفتاحي : يقضي السجين محمد الصالح عقوبة بالسجن المدني ببرج الرومي على ذمة قضية جناحية. وبتاريخ 02/09/2015، وخلال مدّة الاحتفاظ تعرض الشاب مفتاحي إلى الاعتداء بالعنف الشديد من قبل أعوان الأمن بمركز بوقطفة ببنزرت، مما تسبب له في أضرار جسيمة على مستوي ساقه اليسرى وبطنه وزرقة بالعين وانتفاخ أصابع اليد اليسرى. وخلال زيارة العائلة له بتاريخ 09/11/2015 اشتكى محمد الصالح من أنه يعاني من ارتفاع الحرارة نتيجة نوبات الصرع وانه ينتقل إلى المستشفى الحبيب بوقطفة عديد المرات في حالة حرجة. وقالت العائلة للمنظمة أن ابنها مصاب بمرض عصبي منذ الصغر وأصبحت حالته الصحية في تعكر مستمر. ووجهت المنظمة مكاتبة لوزير الداخلية لفتح بحث إداري حول ما تعرض إليه السيّد مفتاحي من انتهاكات خلال مدة الاحتفاظ وأخرى لوزارة العدل من أجل العناية اللازمة به في السجن. حالة السيّد حمدي الطرشاني: بتاريخ 10/11/2015 وحوالي الساعة السابعة والنصف مساء تعرض السيّد حمدي الطرشاني إلى الاعتداء بالعنف الشديد من طرف عوني أمن بمركز شرطة بوسالم بعد أن قيدا يديه إلى الخلف وأوثقاهما بكرسي وتداولا عليه بالسب والشتم. وقد نتج عن هذا الاعتداء إصابة السيّد حمدي بأضرار في مختلف أنحاء جسمه، وحرر بشأنه محضر في السكر وهو يؤكد أنه لم يتناول الخمر مطلقا. كما ذكر السيّد حمدي أنه تم إجباره على إمضاء محضر دون قراءة محتواه وتهديده بالإيقاف الفوري. وتعود أسباب الاعتداء إلى أنه بالتاريخ أعلاه كان حمدي مارا بسيارته وسط مدينة بوسالم لما استوقفه عون أمن على مستوى أحد الحواجز وطلب منه أوراق السيارة كما طلب منه الرسؤ بعد الحاجز لتمكين سيارة زميل له من الرسؤ. وحال توجه حمدي إلى العون اتهمه هذا الأخير بعدم الامتثال لإشارة الوقوف عند الحاجز ونقل إلى مركز الأمن وهناك تم الاعتداء عليه بالصورة المذكورة. وسلّم السيّد حمدي للمنظمة شهادة طبية أولية تشخص ما لحقه من أضرار بدنية على مستوى العين اليسرى ومنح راحة طبية مدتها خمسة أيام. حالة الشابين غسان المالكي وبلال بن عمارة : فجر يوم10/11/2015 قام أعوان من مركز الحرس الوطني بنعسان بإيقاف الشابين غسان المالكي وبلال بن عمارة، وذلك عندما كانا متواجدين بالطريق العام. وبسبب ما تعرضا إليه من عنف وتعذيب نقل الشابان إلى مستشفي الحروق البليغة ببن عروس، ومساء نفس اليوم نقلا إلى مركز الإيقاف ببوشوشة. ولدى زيارته بسجن الإيقاف بالمرناقية اشتكى الشاب غسان من أنه أثناء الاستنطاق لدى حرس نعسان كان يتعرض إلى الضرب بالأحذية على جنبيه وهو مقيد اليدين إلى الخلف، كما تلقي ضربة بمؤخر رشاش على جنبه وعلى رأسه إلى حدّ الإغماء. وذكر بلال لعائلته خلال زيارتها له أنه تعرض إلى طلق الناري بالرش على مستوى أعلى فخذه الأيسر وذلك عند إيقافه وأنه ستجرى عليه عملية جراحية لإزالة حبوب الرش. مع العلم، أن بلال كان على كرسي متحرك عند الزيارة بالسجن لعدم قدرته على المشي. وعلى اثر تقديم شكاوى ضد الأعوان المرتكبين للانتهاكات وجه استدعاء لوالد غسان لسماعه بخصوص الشكوى بمنطقة الحرس الوطني بفوشانة وكذلك الشأن بالنسبة لعائلة بلال. حالة السيّد هاني عزابي: بتاريخ 06/11/2015 تم إيقاف الشاب هاني وسط مدينة رفراف بسبب حادثة عنف مع أشخاص آخرين قالت العائلة أنهم تعمدوا إحراق دراجته النارية، ثم تم نقله إلى مركز الشرطة. وتعرض هاني إلى العنف من قبل الأعوان في الشارع وبمقر المركز. ونظرا لما تعرض إليه من عنف نقل هاني إلى مستشفى رأس الجبل للعلاج وكان يحمل آثار عنف على الوجه وانتفاخا على مستوى عينيه مع عدم القدرة على الوقوف. وبتاريخ 08/11/2015 نقل إلى بنزرت للبحث. وعلى اثر تقديم محاميه طلبا في العرض على الفحص الطبي نقل إلى مدينة العالية لإجراء أبحاث. وفي الوقت الحاضر يقبع هاني بسجن الإيقاف في انتظار المحاكمة. حالة الشاب حلمي العوني: على اثر خلاف حصل بين حلمي وامرأة،ولما كان هذا الأخير متواجدا أمام محل سكناه مساء يوم 10/11/2015، وصلت دورية شرطة تابعة لعدلية المنزه الخامس بأريانة بهدف القبض عليه فتحصن بالفرار وذلك بالاحتماء بالمنزل، فقام الأعوان بملاحقته وأوقفوه واعتدوا عليه بالضرب الشديد أمام أنظار أفراد عائلته وجرّه على الأرض لمسافة طويلة وهو ما خلف له أضرار على مستوى عدة أجزاء من البدن وخاصة على مستوى الرأس. وعلى اثر استنطاقه نقل حلمي إلى مركز الإيقاف ببوشوشة، وقد ظلت آثار العنف بادية عليه خلال مدة الاحتفاظ حالة المرحوم اسكندر بن غرّس: مساء يوم الجمعة 01/11/2015 توجه الشاب اسكندر مع أصدقاء له للسهر في أحد الملاهي الواقعة بجهة قمرت شمالي تونس العاصمة وداخل الملهى حصل خلاف بين أحد أصدقاء اسكندر وثلاثة أشخاص آخرين اتضح لاحقا أنهم أعوان أمن. ولدى خروج اسكندر وأحد أصدقائه من الملهى، وجدا في انتظارهما ما بين سبعة أو ثمانية أعوان أمن تولوا تكبيل أيدهما والاعتداء عليهما بالضرب. وتم اقتياد صديق اسكندر إلى داخل سيارة نقلته إلى مستشفى شارل نيكول للعلاج بسبب جرح غائر على مستوى الرأس وأضرار على مستوى الساقين ، في حين اقتيد اسكندر إلى غرفة الحراسة وقد وجد لاحقا داخل الغرفة المذكورة ملقى على الأرض والدماء تنزف من رأسه، فنقله أصدقاؤه إلى مستشفي المنجي سليم بالمرسى أين فارق الحياة. وأظهرت صور للجثة آثار عنف على مستوى رأس اسكندر ويديه وآثار جرح غائر على مستوى الرقبة ناتج عن قطعة بلور حادة يبدو أنه كان سبب الوفاة حسب العائلة. وفتح القضاء تحقيقا في الموضوع وتم استماع إلى أفراد من العائلة وأعوان الأمن والشهود. حالة المرحوم سامي الدريدي: بتاريخ 06/11/2015 عثر على جثة المرحوم سامي بقنال صنهاجة من ولاية منوبة. وحسب العائلة فإن المرحوم سامي تمت مطاردته من قبل دورية أمنية بمكان قريب من القنال. وإلى حد هذا التاريخ لا تعرف أسباب غرق الضحية، مع العلم أنه فتح تحقيق قضائي فى الموضوع. حالة السيّد سفيان مبروك: بتاريخ 07/11/2015 تم إيقاف الشاب سفيان بمنطقة برج الوزير حيث مقر إقامته وتم بعد ذلك تفتيش منزل العائلة وحجز عدة أغراض. ولم يتم إعلام العائلة بأسباب الإيقاف ولا مكانه. وبعد حوالي عشرة أيام علمت العائلة أن سفيان موقوف بمصلحة القرجاني. وفي الأثناء تقدم محاميه بطلب عرضه على الفحص الطبي. وبعرض الموقوف على قاضي التحقيق أكد له أنه تعرض إلى التعذيب الشديد أثناء فترة الاحتفاظ وقد عاين المحقق ذلك وخاصة على مستوى ظهره ويده. وقد أجل الاستنطاق إلى يوم 07/12/2015. حالة الشاب زياد ميدوني : على اثر علمه بكونه محل تفتيش في قضية جزائية سلم الشاب زياد نفسه إلى مركز شرطة بن عروس بتاريخ 15/11/2015، فتمت إحالته إلى فرقة الشرطة العدلية بالمدينة الجديدة حيث قضى مدة ستة أيام كاملة على ذمة الاحتفاظ وذلك إلى تاريخ إحالته على النيابة العمومية يوم 21/11/2015 وصدور بطاقة إيداع بالسجن في شأنه. وخلال عرضه على التحقيق كان زياد بحالة إعياء شديد ولا يستطيع المشي بمفرده. وروى زياد للعائلة أنه خلال فترة الاحتفاظ تعرض إلى التعذيب الشديد المتمثل خاصة في تجريده من ملابسه وضربه ورشه بالماء البارد وتركه حافي القدمين مع الحرمان من الأكل وذلك لإجباره على الإقرار بالأفعال التي وجه إليه الاتهام بارتكابها. وخلال زيارة يوم 26/11/2015 كان زياد بحالة إعياء وكان يعاني آلاما على مستوى كتفه وركبتيه المصابتين بكدمات. حالة السيّد مراد جراحي: بتاريخ 03/10/2015 كان مراد متواجدا بشارع مرسيليا بتونس في اتجاه سيارته، وفي الأثناء طلب منه أعوان دورية أمنية مدهم بهويته فأعلمهم أن الوثائق موجودة داخل السيارة فنقل إلى مركز الأمن "الساتيام" . وقال مراد للمنظمة أن موظفا بالمركز وبخه بسبب تناوله الخمر فأجابه بأن ذلك يدخل في نطاق حريته الشخصية ، ويبدو أنه هذا الجواب لم يرق له، فانهال عليه عونان بالضرب العنيف والشتائم إلى حد الإغماء، فتم رشّه بالماء وعندما استفاق أدرك أن ساقه كسرت فوضع على كرسي. ولما أعلم الأعوان أنه سيرفع شكاية ضدهم قرروا الاحتفاظ به بتهمة المسّ بالأخلاق الحميدة والسكر. ونظرا لخطورة حالته نقل مراد إلى مستشفى القصاب حيث أجريت على ساقه أشعة وتم إعلامه أن الكسر يتطلب عملية جراحية عاجلة، لكن الأعوان أخرجوه وتوجهوا به إلى مستشفى شارل نيكول فطلب الطبيب إقامته لإجراء عملية، لكن تم إخراجه مرة أخرى وتوجه به الأعوان إلى مركز الإيقاف ببوشوشة ودون وجود محضر بحث ممضى منه. وبعد تردد تم قبوله ببوشوشة وهو على تلك الحالة المزرية. ويوم 05/10/2015 أحيل مراد على النيابة العمومية التي قررت إحالته على محكمة الناحية بتونس والتي قضت بعدم سماع الدعوى في حقه. وقال مراد أنه أمضى على محاضر قدمت إليه داخل سيارة الشرطة أمام المحكمة وقبل محاكمته دون أن يعرف محتواها. بعد الإفراج عنه اتصل مراد بالعائلة ونقل إلى مستشفى شارل نيكول حيث أجريت على ساقه عملية جراحية أولي لتثبيت مسامير معدنية، كما أجريت عليه عملية جراحية ثانية لازالة المسامير. توصيات وقد خلصت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب إلى جملة من التوصيات تقدمت بها إلى السلطات المعنية بعد استعراض الحالات الواردة خلا شهر نوفمبر 2015، تمثلت في - التحقيق الجدّي والسريع بخصوص جميع حالات التعذيب ومساءلة مرتكبي الانتهاكات وإنصاف الضحايا. - تولى النيابة العمومية رأسا البحث في قضايا هضم جانب موظف. - الإسراع بإصدار القانون المنظم لحضور المحامي لدى الباحث الابتدائي. - عدم قبول المحتفظ بهم أو الموقوفين بمراكز الاحتفاظ أو بسجون الإيقاف إلا بعد تلقيهم العلاج الملائم وخاصة بالنسبة إلى الحالات الخطيرة. - سحب الأسلحة النارية من الأعوان الذين ثبت سوء استخدامهم لها في علاقة بمعاملاتهم مع الأشخاص في الحالات العادية. - فتح الأبحاث والتحقيقات بصفة آلية ودون انتظار شكاية من الضحية في حالات التعذيب وفق ما تنص عليه المبادئ الدولية لحقوق الإنسان. - التحقيق السريع والجدي والمعمق في حالات الموت المسترابة التي تحيط بها شبهات تعذيب. - احترام مبادئ الإجراءات الجزائية بخصوص إعلام العائلات عند القبض على أحد أفرادها أو الاحتفاظ به. - تحمل الهياكل الصحية مسؤوليتها في توفير العلاج لضحايا التعذيب حال وصولهم إلى المستشفيات وتمكينهم من ملفاتهم الطبية عندما يطلبونها للإدلاء بها إلى القضاء. موقف المنظمات العالمية من جانبه كان المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب قد دعا سنة 2014 إثر زيارته لتونس, الحكومة إلى فتح تحقيقات عاجلة ومعمقة في مزاعم التعرض للتعذيب، ومحاكمة مرتكبيه، وتمكين الضحايا من التعويض اللازم مشيرا إلى أنّ أن ما قامت به النيابة العامة والقضاة للتحقيق في الدعاوي التي يرفعها ضحايا التعذيب يكاد لا يذكر رغم التقدم الحاصل في مكافحة التعذيب و رغم عدم خشية الضحايا و رفعهم للدعاوي. وأعربت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب هي الأخر عن قلقها من تواصل ممارسات التعذيب القاسية و غير الإنسانية في تونس نظرا لغياب آليات لحماية المتهمين من التعذيب و تهاون القضاة وإستفحال اللإفلات من العقاب داعية السلطات إلى العمل على الحد من مراكز الاحتجاز. حقوق الإنسان وقانون الإرهاب يبدو أنّ قلق المنظمات سواء المحلية أو العالمية قد فاق قلق أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون من حالات الاضطراب و الاعتداءات و الممارسات الإرهابية التي تمس من هيبة و أمن الدولة التونسية و يطرح إشكالية لماذا لا تتحرك بعض الأطراف خاصة العالمية و تبدي موقفا حاسما فعليا ملموسا إلاّ عندما يصل الخطر لعقر دارها و أليس علينا أولا أن نحمي أنفسنا من الممارسات الداخلية التي تمس من الأفراد كحالات التعذيب حتى نستطيع الانتقال لمرحلة حماية أنفسنا من الممارسات الت يمكن اعتبارها داخيلة و خارجية في نفس الآن كالإرهاب و التهريب و كيف نحمي حقوق الإنسان إن كان تفعيل قانون مكافحة الإرهاب يصنفه البعض تهديد حقيقي لهذه الحقوق في تونس كحرية الصحافة و التعبير.