أتساءل تساؤل الباحث عن إجابة لمشهد التحالف العسكري الإسلامي ، وأقول: أي تورم سرطاني تجاوز حدود الآثام والخطايا بحق شعوب المنطقة ، ليدعوا إلى هذا التحالف المفقودة بوصلته ؟!! وأي مفردات للهزائم الميدانية العسكرية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والمالية ، والدبلوماسية ، تدفع باتجاه تحالفات الإنترنت والخلوي ؟! لغايات الهروب الآني إلى الأمام بهدف كسب الوقت وإطالة أمد الأزمة وتدمير ما تبقى من الدولة السورية ، وتتوالد الأسئلة عبر هذا المشهد المبكي المضحك في آن معاً ، ولا تكاد تتوقف حول تعريف دعاة الحلف للإرهاب ؟! وإسرائيل رأس حربة الإرهاب الإقليمي والدولي العالمي ، والتي تحتل أراضينا منذ 67 عاماً مسالمة وداعية لمحاربة الإرهاب ..!! كيف ؟! والشعب الفلسطيني يئن بجراحه النازفة ، ويتشرد منذ النكبة إلى اليوم ، نتحدث عن الثكنة الصهيوأمريكية وتأثيراتها من المحيط إلى الخليج بواسطة أدواتها الإرهابية ، وإذ تقلص هذا التأثير أو تراجع فالأمر يعود إلى القوة النوعية للمقاومة العربية الإسلامية الإنسانية ، أما مثل هذه التحالفات التي لا يمكن وصفها إلا ظاهرة صوتية لا أكثر، لكونها لا تحاكي الواقع الميداني المأزوم بالنسبة للإرهابيين ومن يدعمهم ، والسؤال البديهي هنا : إذا كانت من أهم نتائج ضربات التحالف الأمريكي الغربي تمدد داعش ؟!! فما عسى أن تكون نتائج هذا التحالف لدول لا تمتلك جيوشاً، وأخرى لا علم لها بهذا الانضمام..!!
في الحقيقة لا يمكن لأي سياسي مبتدئ هضم حالة البؤس السياسية العربية، وهي تواجه حالة الفشل وبكافة النواحي ، ولجهة صناعة القرار المستقل ، والذي ما زال يكبح الارتقاء في منظومة الحكم التي لها تأثيرات كبيرة جداً على بناء الدولة المعاصرة ، والضحية الوحيدة هذه الشعوب التي تتعرض اليوم لأبشع الجرائم الإرهابية بسبب ذلك الخرف السياسي المفروض عليهم ، نعود إلى هذا التحالف الذي ومن ضمن أهدافه عرقلة الدعوة الروسية والجهد الروسي لتشكيل تحالف دولي حقيقي وفاعل ، في حين أن التغابي يعتبر مضيعة للوقت ، لهذا أنصح الأمريكان ألا يستغرقوا طويلاً في الاستخفاء والاستغلاء والغباء السياسي أمام هذه المهزلة التي تفوح منها رائحة الطائفية المقيتة، لأن قتل شعوب المنطقة وتدمير دولهم والاستيلاء على مقدراتهم وسرقة ونهب ثرواتهم سيكون له تأثيرات مدمرة على أمريكا وعموم الغرب ، إنها نواتج إرهابكم وإجرامكم الذي يمارس علينا منذ زرع السرطان الإسرائيلي ، وللعلم فقط أنتم مفضوحين إلى درجة نستطيع فيها أن نخبركم بما ستفكرون فيه غداً ، فلا داعي لتأجيج الصراع الذي سيعود بآثاره المدمرة عليكم وعلى شعوبكم وعلى دولكم ، التي أصبحت في قلب الهدف الإرهابي ، يكفي حماقات ، ويكفي فشل ، ويكفي جر الغرب إلى دمار شامل ، هنالك العديد من البدائل التي تضمن لكم أكثر مما يقدم الأعراب وبطرق آمنة لكم وللإقليم والعالم أجمع ، والأمر لا يحتاج أكثر من مراجعة شاملة ، مراجعة تقتضي العمل على تقسيم الدول الداعمة للإرهاب ، والوقوف بجانب الدول المقاومة ، ودعم وحدتها واستقلالها ، تباً لدول لم تنجح إلا في إنتاج الإرهاب ؟! وتباً لزعامات لا تتقن إلا قتل الشعوب ، وسحقاً لتاريخ متعفن بالحقد والكراهية ، وأعوذ بالله من خرف سياسي يعاود تدوير الفشل والحماقة التي ضربت بنخاع المنطقة والإقليم والعالم ، أنتم تتوهمون كما يتوهم الأمريكان تعطيل الحرب على الإرهاب ، من خلال هذا التحالف المفخخ لأي جهد حقيقي في محاربة الإرهاب ، أي تحالف هذا القائم على صفقات مالية تصل إلى ثلاثين مليار ريال سعودي لمصر ، وغيرها من الدول التي حسبت بالورق والقلم حجم المشاركة ، وبالمقابل حجم المبالغ ، في تقديري المتواضع أن مسألة التحالف العسكري الإسلامي برمتها تدور حول توريط من لم يتورط بعد في دماء الأبرياء و المستنقع الإرهابي ، من أجل إيجاد مخارج للمتورطين أصلاً في هذا المستنقع الآسن ، إلا أن المخزي والمحزن جداً أن تستخف الاستخبارات الأمريكية بالقادة العرب بهذا الشكل ، ولا أعرف حقيقة ما الذي دفع القاهرة وغيرها من أن تلتحق بهذا التحالف ذات الأبعاد والمرامي والمضامين والأهداف الواضحة والفاضحة ، لغايات خلط الأوراق من جديد وتخليق قواعد اشتباك جديدة بعد أن كشفت القوة الروسية المستور الإرهابي القذر ، وداست بقدميها ومع التحالف السوري والإيراني واللبناني قواعد الاشتباك القديمة والمشبوهة ..!!
أنا لا أعرف أي تحالف هذا الذي يأتي بالتزامن مع ترحيب الناتو لتجديد العقوبات ضد روسيا ، وفي الوقت الذي نجد فيه تركيا في الموصل ؟! وكيف نسميه إسلامياً وسلاحه لا يطال إسرائيل ؟ حاربوا إسرائيل ونحن معكم ..! بالطلع هذا هو المستحيل بعينه يا أمة العرب والمسلمين ، فكفاكم نوماً وسباتاً ، وكيف يتم الادعاء بمحاربة داعش وغالبية الدول في التحالف هي في الحقيقة داعمة لداعش ؟!! إنه الفشل ليس في عاصفة الحزم فقط ، بل وعلى جميع المسارات العسكرية ، والسياسية ، والدبلوماسية ، والاقتصادية ، والمالية ، نعم ، سيما وأن نتائج ما يحدث يحدد شكل النظام الدولي في العالم بأكمله ، والقائم على التعدد القطبي ، وهنا علينا أن نعد العدة مسبقاً وندعو المسلمين من كافة المدارس والمذاهب ، وكذلك المسيحيين وغيرهم ، إلى ترسيخ قواعد الإنسانية والأمن الإنساني كرابط مشترك للقيم الروحية والأخلاقية بين الجميع ..!!
أعود للحلف الذي نجد فيه الكثير من الفجوات القانونية والسياسية والعسكرية وللتوضيح أكثر نقول : إن دول تم الإعلان بانضمامها مثل لبنان ودول بلا التزامات عسكرية مثل ماليزيا، ودول سبق أن رفضت الحرب إلى جانب السعودية في اليمن مثل باكستان، بالتالي فإن السؤال التقليدي والعفوي : من سيقاتل في هذا الحلف؟!
وجدير بالذكر هنا أن عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي، جون ماكين وليندسي غراهام، قد دعيا إلى تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي معظمهم من دول "المنطقة السنية"، إضافة إلى 10 آلاف جندي أمريكي، وقال غراهام: "في اعتقادي أن القوة التي ستكون دولية، وسيتمكن العرب السنة من السيطرة على جزء من سوريا يلقون فيه ترحيبا" بعد خروج تنظيم داعش منه ، لهذا فإن حشد 100 ألف جندي "سني" واحتلال جزء من سوريا "سني"، يفضح طبيعة التحالف الجديد الطائفية، ويشي بمؤامرة كبرى لتقسيم المنطقة على أسس طائفية في إطار "سايكس – بيكو" جديدة لتوزيع جديد لمناطق النفوذ، وكان جون بولتون أكد منذ أيام حتمية إقامة "دولة سنية" في شرق سوريا وغرب العراق ، وقد أشار الكاتب عبد الباري عطوان حيث قال : إنها ليست مغامرة سعودية أخرى، فلا السعودية ولا ماكين وبولتون يمثلون المسلمين السنة، بل هي مغامرة غربية يقوم السعوديون فيها بنفس الدور الذي قامت به إبان الحرب العالمية الأولى أسرة شريف مكة، ومثلما دخل الاستعمار الفرنسي والإنكليزي المنطقة تحت راية "الثورة العربية الكبرى" تعود دول الاستعمار ذاتها تحت شعارات متبدلة آخرها "محاربة الإرهاب".
والدليل على صحة ما جاء على لسان الكاتب عبد الباري عطوان أن التحالف الجديد لا يتحدث مطلقاً عن الإرهاب الإسرائيلي ، رغم استعماره لأرض فلسطين والتنكيل بالشعب الفلسطيني المحروم من أبسط مبادئ الحياة البشرية لا الإنسانية المتقدمة ، إنه التأسيس المكشوف لحروب طائفية نتنه ، وللتأكد أكثر فأكثر علينا أن نمعن النظر فيما يقول السيناتور الجمهوري الأمريكي جون ماكين ، لندرك طبيعة هذا التحالف ، حيث يقول : إن أعضاء التحالف الإسلامي حريصون على إسقاط الرئيس بشار الأسد بالقدر نفسه من التصميم على محاربة "داعش"، باعتباره خطرا أكبر من التنظيم، وتابع السيناتور في بيان أصدره الثلاثاء 15 ديسمبر/كانون الأول، إن إعلان السعودية عن قيام التحالف الجديد يدل على تراجع النفوذ الأمريكي على الدول الإسلامية، وزعزعة ثقتها بواشنطن، وأضاف ماكين وهو رئيس لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي: "إنه مثال واضح للغاية على غياب الزعامة الأمريكية، وهو ما دفع بالسعوديين والآخرين إلى الشروع في وضع إستراتيجية خاصة بهم من أجل مواجهة "داعش" والخطر الإيراني على حد سواء،وأعرب ماكين عن شكره للرياض على هذه المبادرة، ودعا واشنطن إلى التعاون مع التحالف الجديد ، وأردف قائلا: "إنهم (أعضاء التحالف الإسلامي) حريصون على الإطاحة بـ(الرئيس السوري) بشار الأسد بالقدر نفسه من التصميم الذي يبدونه في إلحاق الهزيمة بـ"داعش". ومن نواح كثيرة يمثل الأسد خطرا أكبر من "داعش" بالنسبة للعديد منهم .
ومما سبق نستطيع القول أن طبيعة التحالف الإسلامي تتضح بشكل جلي واضح وفاضح أيضاً ، إلى درجة يمكن تحديد حجم قوته ، وطبيعته ، وأهدافه ، وتمويله ، وكيفية تجميع القوات من الدول المشاركة ، وما زالت الأسئلة التي تتوالد تبعاً لتسارع الأحداث وتغير المشهد ضمن سياق هذا التحالف ، وتتمثل في مدى التزام تلك الدول ، وهل سيكون ذلك مقابل أموال متفق عليها إذا لم تتحول في موعدها تنسحب الدول المشاركة دون الإشارة إلى الدول التي تعاني من ويلات اقتصادية دفعتها إلى الانضمام بسبب أزمات مالية خانقة تدفعها أحياناً إلى الموافقة على أي شيء في سبيل الخلاص من هذا الوقع الاقتصادي المتردي ، وعلينا ألا ننسى أن قصة التحالف لم تأتي هكذا ، وإنما سبقتها مراحل ، ومناقشات كانت تدور حول إرسال قوات خاصة إلى سوريا لمساعدة فصائل مسلحة تقاتل النظام تحت يافطة الجماعات المعتدلة، هذا فضلا عن أن السعودية ودول عربية أخرى ركزت معظم جهودها نحو دعم وتمويل الجماعات المسلحة ومساندة الجهود الرامية إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ..!!
نعود و نتساءل : لو تحدثنا كمحاديين فهل نستطيع الاختباء خلف إصبعنا متناسين عمق الخلافات القائمة بين الأسرة الحاكمة في الرياض ؟! نتحدث عما حذرت من نتائجه العديد من التقارير الغربية ومنها ما نشر مؤخراً في صحيفة «فاينينشال تايمز» البريطانية حول سياسة نظام آل سعود المضطربة وسلوكها غير المتوازن إزاء قضايا المنطقة وفي مقدمتها الإرهاب، وأخيراً كيف لنا أن نوازي بين أهداف التحالف من ناحية والتي تتلخص في زعمهم محاربة داعش ، وفي المقابل ، الدعم غير المحدود لداعش بالمال والسلاح ؟ وأسئلة محيرة أيضاً مثل : لماذا جاء هذا التحالف في هذا الوقت بالذات ؟ وهل لذلك علاقة بما حدث ويحدث في سورية واليمن والعراق ، والتقدم العسكري للتحالف الروسي والسوري والمقاومة الإسلامية في لبنان ، وكما أن البعض يتساءل ويشكك بهذا التحالف ويقول : إذا كان الخبراء في المنطقة عسكرياً والمدربين على المستويات العسكرية عاجزين عن تحقيق أي تقدم ، وجلهم من النخبة تحت أقدام السوريين ، فهل من الممكن أن يحقق هذا التحالف المدفوع الثمن أي تقدم يذكر ؟!! وأخيراً: ما الذي يعنيه انضمام السلطة الفلسطينية لهذا التحالف الذي لا ولن يطلق كلمة تجاه الثكنة الصهيونية إسرائيل ، الثكنة التي لم تدرك ولغاية اللحظة أبعاد تطورات الأوضاع في فلسطين، كما الأمريكان الذين لا يدركون حقيقة المتغير الروسي في المنطقة ، إلى درجة دفعتهم إلى التفكير بهذا ( التحالف العسكري الإسلامي ) لـ 35 دولة ، والذي يعتبر أخر منتجات البيت الأبيض ..!! خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
( التحالف العسكري الإسلامي ) لـ 35 دولة ، أخر منتجات البيت الأبيض ..!!
2015-12-17
بقلم: الدكتور الشريف رعد صلاح المبيضين