2025-06-10 06:13 ص

خطة السلام الروسية الأميركية انتصار لسوريا وأنصارها

2015-12-20
بقلم : حماد صبح
تتصف خطط السلام الدولية شأنها شأن كثير من الخطط الدولية الأخرى ؛ بقلة الحسم والتحديد ، وأحيانا بالغموض الذي يفسح المجال للأطراف المعنية بأن تفسرها تفسيرات تريحها ولو معنويا . إنها في الغالب تمسك العصا من الوسط . وخطة السلام الروسية الأميركية بشأن سوريا التي صدرت في بيان عن اجتماع الدول الكبرى في نيويورك لا تبتعد كثيرا عن سابقاتها من الخطط الدولية . ومع ذلك فهي صريحة في عدة أمور لصالح سوريا الوطن والدولة ولأنصارها الذين وقفوا معها صادقين في محنتها ، والأمور هي : أولا : توكيد الالتزام بسيادة سوريا واستقلاليتها ووحدتها وسلامتها الإقليمية . وفي هذا الالتزام فشل كبير صادم لإسرائيل التي تحدث قادة أمنها وسياستها ومراكز أبحاثها السياسية عن انتهاء سوريا كوحدة إقليمية ، وشبهها بعضهم بالبيضة التي انكسرت ، وتستحيل إعادة وحدتها وتماسكها . ثانيا : التوكيد على " أنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سوريا إلا من خلال عملية سياسية جامعة " ، وهذا إقرار بأنه لا مسوغ لمواصلة القتال الحالي ، وحث لوقفه من جانب المعارضة المسلحة والقوى الخارجية المساندة لها . ثالثا : لم يشر بيان الخطة إلى مصير الرئيس بشار الأسد الذي كانت تصر أميركا وبريطانيا وفرنسا على أنه لا مكان له في أي حل سياسي ، وإن اضطرب إصرارها أحيانا وداخلته بعض التراجعات الغامضة ، وأسرفت السعودية وقطر في تهورهما في الإصرار على تنحي بشار ، وظل عادل الجبير وزير خارجية السعودية إلى أيام قبل بيان القوى الكبرى " يخير " بشار بين التنحي بسلام أو بقوة السلاح ! وفي عدم الإشارة ذاك لبشار هزيمة جارحة لمن أصروا على تنحيه . رابعا : يتحدث البيان بوضوح عن المحافظة على مؤسسات الحكومة السورية ، وفي هذا حفاظ على النظام العام وسلامة تسيير شئون المواطنين ، ولسنا ننسى أن أجهزة الحكومة موالية للدولة وللقيادة السورية الحالية . خامسا : لم يرد في الخطة ذكر للجيش العربي السوري الذي استهدفت سنوات العدوان الخمس استنزافه والقضاء الحاسم عليه ، وهذا يوضح أن القوى المعادية والمحاربة لسوريا تدرك أن هذا الجيش البطل الوفي خارج أي مساومة في ظل أي مسمى تضليلي . تفكيك الجيش العراقي على يد برايمر ، وتدمير الجيش الليبي بقصف الناتو ، قضى على الدولة والوطن في البلدين . سوريا بقي لها سيفها ودرعها لمواصلة التصدي لكل من استهدف لها مصير العراق وليبيا . السيئة الظاهرة في الخطة أنها ربطت وقف إطلاق النار ببدء الفترة الانتقالية التي ستعقب المفاوضات بين الدولة السورية والمعارضة التي يحدد لها البيان أول يناير / كانون الثاني القادم . كان مستحسنا لو فرض وقف إطلاق النار مع بدء المفاوضات مثلما يحدث عادة في النزاعات المسلحة ، ومثلما حدث بين الأطراف اليمنية مؤخرا .، لكنها تأثيرات نوايا الغرب المرتبطة بمصالحه ومصالح أتباعه في المنطقة . ولم تكن هذه الخطة لتكون بمثل هذا الميل الواضح لصالح سوريا وأنصارها لولا العوامل التالية : اولا : صمود سوريا البطولي شعبا وجيشا وقيادة . ثانيا : الحزم الروسي في القتال وفي الدبلوماسية . ثالثا : صدق إيران وحزب الله في الوقوف إلى جانب سوريا . رابعا : الصورة المتوحشة التي ملأت العالم عن داعش . خامسا : التخوف من صدام روسي تركي ولو بالخطأ يدفع إلى حرب بين الطرفين ستجر نارها أطرافا أخرى . الفشل السعودي والخليجي في اليمن أيأس الغرب من أن يفعل ما سمي التحالف العربي شيئا مؤثرا ضد سوريا ، ولسنا ننسى كثرة الصيحات الرعناء التي انطلقت من بعض عناصر التحالف وإعلامه فور العدوان على اليمن تطالب ب" عاصفة حزم " في سوريا . بعد الفشل في اليمن اختفت تلك الصيحات . ثمة عقبات كثيرة حتى تصل سوريا إلى شط السلامة والأمان ؛ فالأعداء لن يستسلموا بسهولة ، ولكن سوريا بشعبها وجيشها وقيادتها وأنصارها قادرون على بلوغ ذلك الشط بعد صمود السنوات الخمس الأسطوري الذي فاق تمنيات وأحلام محبيها ، وخيب نزوات وأهواء أعدائها .