واضعاً اليد على الجرح وموصفاً بدقة مآل أمة العرب والإسلام , أطل الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح , وخلال المؤتمر الدعوي الأول في غزة الموسوم " انصر مسرى نبيك " , لجهة كيف صارت الأوطان مسرحاً للعبة الأمم , وكيف غدا ديننا في خطر نتيجة ما ألصق به من فظائع , لم تعد إسرائيل العدو بل بتنا نخترع أعداء من أمتنا ونجد في قتالهم أولى وأوجب من قتال العدو الإسرائيلي ( في إشارة واضحة لإيران وحلفائها ) , واصفاً ذلك بالتيه , وهو لا شك كذلك , باعثاً بثلاثة رسائل الأولى تحمل وفي زحمة الحروب الدامية في المنطقة , ثقة ًبأن القدس ستبقى حاضرة وغير قابلة للنسيان , والثانية لجيل الشباب المنتفض ( جيل أسامة بن زيد ) بحسب وصف الأمين العام شلح الذي وجد فيه وفي انتفاضته إحراجاً للعرب وأنه مهما تخلف عنه العرب والمسلمون فإن الشعب الفلسطيني لن يتخلف عن الدفاع عن وطنه, والثالثة إلى المهرولين باتجاه إسرائيل لجهة أن الأخيرة لن تستطيع حمايتهم وهي التي أرعبتها سكين المطبخ .
وهنا نقول : صحيحٌ تماماً ذلك التوصيف للحال التي باتت عليها الأمتين العربية والإسلامية وقد طفحت ديارهم بمشاهد الدماء والاقتتال وتغلغل الإرهاب, الذي جاءت نتائجه لتخدم أولاً وأخيراً الكيان الصهيوني ولتساهم بشكل رئيس في حرف البوصلة عن مسارها الفلسطيني , ولكن ثمة جملة من الاستفسارات والأسئلة تحضر في خضم هذا المشهد المقيت يمكن إيجازها بالآتي:
- لا نشكك مطلقاً بحركة الجهاد الإسلامي وتاريخها النضالي في مقاومة الكيان الصهيوني , لكن أين هي الحركة وأين مقاومتها وصواريخها ونيرانها وعملياتها وأسلحتها الاستراتيجية في حضرة حدثٍ نوعي وتطور مهم على الساحة الفلسطينية كالانتفاضة الحاصلة اليوم, لجهة تدعميها " لجيل أسامة " ليس قولاً بل فعلاً وإنفاذ " مخزونها الصروخي " باتجاه دك الكيان الصهيوني , ربما يأتي صمت الحركة في اعتقادنا كنتيجة يستلزم فيها فتح جبهة مع إسرائيل الحصول على " ضوء أخضر" من الداعمين والممولين وتحديداً إيران المنشغلة من جهة في محاربة الإرهاب في سورية والعراق, والحريصة على إنفاذ الاتفاق النووي على قاعدة " انقشاع الحرب المشؤومة في المنطقة" بحسب تصريح الرئيس روحاني عقب توقيع الاتفاق مع الخمسة زائداً واحد وتالياً يغدو صمت الحركة عن الرد عسكرياً على الاحتلال متأثراً بلعبة الأمم ومنطق التحالفات.
- لا نشكك كذلك في دعم الجمهورية الإسلامية للمقاومة الفلسطينية وكيف كان حضور أسلحتها الصاروخية في حيثيات الميدان في حرب غزة , لكن لماذا تغيب العروض الإيرانية عن جبهة فلسطين , وهي الحاضرة بزخم في الساحة السورية وعلى استعداد لأن ترسل قوات برية إلى سورية لمحاربة داعش , ولماذا يغيب الجنرال قاسم سليماني عن جغرافيا فلسطين ولاسيما في ظل انتفاضة السكاكين وهبة " جيل أسامة " , ويحضر في ريف إدلب وجبهاتها على الدوام ولماذا يغيب فيلقه الموسوم باسم " فيلق القدس " الذي سيُسر أبناء القدس وفلسطين لرؤيته حاضراً في يوميات حصارهم والتنكيل بهم من قبل الكيان الصهيوني , فيُنفذوا جيوشهم وقواتهم البرية وحرسهم الثوري للقتال في فلسطين, ولو كان ذلك في موازاة خطر انتشار وتغلغل الإرهاب ,تماماً كما تم إنفاذ بعث أسامة تطبيقاً لوصية الرسول ( ص ) , لقتال الروم في فلسطين وشمال شبه الجزيرة العربية وفي وقت كان الخطر داهماً بمكة والمدينة , حسب ما ذكره ووصفه الأمين العام للجهاد الإسلامي في كلمته .
- إن المراهنة على الذات , وحك الجلد الفلسطيني بالأظفار الفلسطينية لجهة تحرير الوطن الفلسطيني , هو لاشك من الأهمية بمكان كما أكد الأمين العام عندما أبدى ثقته بجيل أسامة والشباب الفلسطيني حتى ولو تخلى عنه الجميع فلن يتركه أبناء الشعب الفلسطيني , هذه المراهنة التي تستوجب المسارعة لتثقيل مفاعيلها في مساندة هذا الجيل , وأن تتنامى عملياتنا وأساليبنا في إيلام هذا العدو ولاسيما اليوم وأكثر من أي وقت مضى , ومن قال أن العرب قد أحرجتهم هذه الانتفاضة , والله لم تهز مشاهدها ودماء أطفالها ونسائها شعرة واحدة من أجساد هؤلاء , بدليل هذا التيه الموغل في السلوكيات , إذ نتسابق في إطلاق عنان التحالفات هنا أو هناك , وكلها يضل وجهته وجبهته عن فلسطين , وإن استراتيجية الاعتماد على أن يبقى هذا الكيان منبوذاً في عيون وقلوب أبناء الشعوب العربية والإسلامية إلى حين أن يأذن الله بالتحرير منه , لن يغير في واقعنا المقيت قيد أنملة .
نعم نأمل ونتضرع إلى الله أن تبقى القدس غير قابلة للنسيان , ولكن يا أبا عبد الله , المهمة صعبة والتيه مستمر, وجيل أسامة سيظل وحيداً في ساحته بانتظار صحوة تحرك جيوشاً وقوات ٍ برية للقتال فلسطين لا تزال تبحث عن الوقت المناسب والمكان المناسب .
* كاتب صحفي فلسطيني
mbkr83@hotmail.com