بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد القائد في المقاومة اللبنانية سمير القنطار وبعد تحليلات وتوصيفات ٍ وتوقعات تسيدت نشرات وتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية عن طبيعة وشكل الرد الذي سيُقدم عليه حزب الله , أطل الأمين العام السيد حسن نصرالله ليؤكد عدم التسامح مع سفك دماء المقاومين والمجاهدين وإخوان الحزب في أي مكان في العالم , وأنه مهما كانت التهديدات والتبعات التي لا يخشاها الحزب فإن الرد على اغتيال القنطار قادم لا محالة , مضيفاً : انظروا للعدو وقياداته إنهم يختبئون كالجرذان في جحورهم معتبراً أن الصهاينة تعاطوا بحساسية مع فكرة استيلاد مقاومة شعبية في الجولان المحتل , وإنهم لا يريدون فتح باب الجولان وإعادته إلى الخارطة السياسية , وإن إسرائيل خرقت قواعد الاشتباك ونسفت كل الضوابط وقصفت مبنى سكني في جرمانا بريف دمشق.
وهنا نطرح عدة تساؤلات وتزدحم العديد من النقاط فيما جاء في خطاب سماحة السيد نصر الله :
- أليس من يستشهد في فلسطين المحتلة وما يُسفك من دماء مقاوميها ومنتفضيها وشبابها هم من إخوان الحزب في الإسلام والمقاومة , فهل سيتعدى عدم تسامح الحزب أطر الرد على اغتيال القنطار ليشمل الانتقام والثأر للدماء الفلسطينية التي ستُسفك قدماً وقد مضى ثلاثة أشهر على الانتفاضة الفلسطينية من دون أي تفاعل مادي معها .
- إن كانت المقاومة الشعبية في الجولان قد قوي عودها واكتسبت من خبرات وتجربة ما نقله لها سمير القنطار وأصبحت ناجزة فهل سنشهد في قادمات الأيام عمليات نوعية لها وهي التي غابت عنها زغردة السلاح منذ أكثر من ثمانية وأربعين عاماً ؟ ( نأمل ذلك ) , وإنْ كان نتنياهو بذل جهوداً مضنية للحصول على قرار دولي لضم الجولان إلى اسرائيل , ولا يريد الصهاينة أن يفتحوا باب الجولان وإعادته إلى الخارطة السياسية ولا يتحملون حتى الحديث عنه , فلماذا لا تسارع المقاومة وحلفاؤها وفي مقدمتها الدولة السورية لفتح هذا الباب على مصراعيه فيغدو تفاعل إسرائيل مع هذه القضية ليس بحساسية فقط بل مع نيرانٍ تقض مضجعها .
- إن كانت إسرائيل نسفت كل الضوابط في عملية اغتيال القنطار وخرقت قواعد الاشتباك ( لا بل نسفتها ) , وأقدمت الطائرات الإسرائيلية على قصف مبنى سكني في جرمانا بريف دمشق , فلماذا لا نخرق نحن قواعد اشتباكنا مع هذا العدو , ولماذا تسكت دفاعاتنا الجوية حيال عشرات الانتهاكات لأجوائنا , فيما تنفذ إسرائيل مبتغاها وعلى عيوننا ولا نقول لها " صه " ولا نصيغ أدنى تهديد أو ردع لها .
- إن كانت المقاومة لا تأبه بالتهديدات والتداعيات لردها المقبل على اغتيال القنطار وتستطيع أن تواجه تداعيات ذلك وهي المشغولة في جبهة سورية , فماذا لو وسّعت إسرائيل من ردودها وقامت بعدوان على لبنان وهو ما توقعه العديد من المراقبين والمحللين الصهاينة , فهل ستكون المقاومة على " محك الوعود" وتطلب من مقاوميها السيطرة على الجليل ؟
- إن كان على الجماهير العربية وجهور المقاومة أن لا يرتجوا أي مفاعيل أو أي خير من عاصفة حزم أو إعادة أمل أو تحالف إسلامي أو أنظمة ترى في إسرائيل شريك في محاربة الإرهاب وليس جزء من منظومة الإرهاب , فلماذا لا تمضي المقاومة وهي التي لا تعبأ بالتهديدات والعواقب في تكريس أملنا وإعادة بوصلتنا التي أوغلت في الانحراف , وتكن هي العاصفة الحقيقية التي تنتشي معها الروح القومية الهامدة ؟ , ولماذا لم ير النور حتى الآن ما كان قد طرحه سابقاً القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في رسالته التي عزّى فيها باستشهاد عماد مغنية ورفاقه في القنيطرة , إذ دعا إلى توحيد جبهات فلسطين ولبنان والجولان في جبهة واحدة .
اغتيل العماد والجهاد والعميد ولا تزال مفردات العقاب تتكاثر على لسان المقاومة , ربما استراتيجية طريق القدس من حلب وحمص والزبداني هي ما يكبل هذا العقاب , ونقول لسماحة السيد حسن نصر الله : نعم آن الأوان ليس فقط لأنْ يقلق الإسرائيلي بل ليذرف الدموع كما ذرفنا ويألم كما ألمنا .
* كاتب صحفي فلسطيني
mbkr83@hotmail.com