بقلم: أنور العقرباوي
منذ الهجمة المرتدة اللتي تصدى لها حكام الخليج، إثر الفورة الجماهيرية العفوية، فإنهم لم يتوانوا في ذر بذور الإحباط واليأس في نفوس شعوبهم، سواء من خلال إستحداث قوانين لمحاربة ما أسموه في حينها "إرهابا"، لم يغفلوا به عن أي مخالف للرأي، أو مناصر للمساواة والعدالة الإجتماعية! ولما كان لا بد من إحتواء تلك الهبة العشوائية، فمن كان أقدر على تزييف إرادتها، والإلتفاف على مشاعرها الدينية المتأصلة في النفوس، من غير من تمرس على التملق بإسم الدين، سواء من "خدمة الحرمين" أو "أسباط" النبيين، حتى يتم توظيفها فيما ينأى بهم عن الشك، ويسخروها من أجل دوام ما كان وما هو عليه الحال السائد الآن.
وهكذا نشأت تحالفات بإسم الدين، واستقووا بمذهب على آخر، فأمعنوا في افتعال نزاعات طائفية ومذهبية، وأخرى عصبية قومية، وأزمات إقليمية ودولية، وتسخير أجهزة إعلامية، من مرأية ومسموعة أو مكتوبة مأجورة، بهدف تعميق الفتنة والخلاف، و تأجيج الإقتتال وحالة عدم الإستقرار!
ولعله من الإنصاف حتى لا نقول السذاجة، أن نتوقف عند المبررات والنتائج المتوخاة لهذا التأجيج المستمر منذ بضع زمن. فاليوم في ليبيا وسورية واليمن، ولا ندري إن قدر لهم في مصر والجزائر غدا! وإذا كان لزاما علينا أن نسلم بما قالوه لنا في العلن، فإنه من الأشفع لهم أن يضربوا لنا المثل. أما إذا كان ما يجري يشي بما لا ينفيه العقل، فلعله من الأولى ولزاما على شعوبنا أن تقول كلمتها، بأن هذا مكر لايحتمل! فأي إسلام يخدمون، وثالث حرميه في أسر بني صهيون؟! وعن أي ديمقراطية يتبجحون، وأصحاب الرأي المعاكس في السجون، وأمثالهم على أعواد المشانق علقوا أو سيعلقون؟ ومتى كانت إيران الإسلامية عدوة للسنية، إلا عندما كان الشاه على رأس الإمبراطورية الشيعية؟!
حبذا لو كنا نعرف ماذا يريدون، أو إن كانوا هم أنفسهم يعرفون؟ قبل أن يأتي يوما لا ينفع فيه الندم، إلا إذا غدوا من عقالهم حقا مفلتون! فلسطيني-مغترب، واشنطن