المراوحة في المكان وترديد المكرر من دون أي جديد يعملن الاطار النظري ، لجهة ما تعلنه الأطراف المشتبكة في الملف السوري حول ضرورة بذل الجهود والتعاون وتشكيل الجبهات الموحدة لمحاربة الارهاب كما شدد بوتين وأوباما، وأهمية اطلاق المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة، واستمرار الحديث عن الأمور العالقة والجدل العقيم حول ماهية قوائم الارهاب ، وتواصل فرض الرؤى والسيناريوهات من قبل الادارتين الأميركية والروسية في من يجب أن يمثل المعارضة في محادثات جنيف، واعادة الاسطوانة المقيتة المرددة على الدوام بضرورة عدم التدخل الخارجي في الملف السوري وهو الحاضر بزخم في تلافيف الحرب السورية وتفاصيل أحداثها الدموية ، كل ذلك يشكل العنوان الأوحد للمشهد السياسي السوري الذي يشي بالضرورة عن غياب الارادات الدولية والاقليمية لجهة التوصل لحل سياسي حقيقي ينقذ السفينة السورية من الغرق.
مضحكٌ بعد خمس سنوات على عمر الحرب السورية ولاسيما بعد كل مشاهد الدمار والخراب المرافقة لها أن تطرق مسامعك ماقاله أوباما بأن العودة لسياسة التدخل في المنطقة يتجاوز قدرات واشنطن الواقعية ويجب أن يكون الجواب الأميركي لكل من ينتظر الحلول من الولايات المتحدة، هو أكثر من تصريحات قوية واستخدام القذائف الاستراتيجية لقصف المدنيين وأنه يجب التعاون مع الآخرين لمساعدة بعض الدول للاعتماد على نفسها، وهو الذي أي أوباما كان المشرف الرئيس والراعي الرسمي وبالطبع ليس الوحيد لإذكاء النار السورية بتدخلاته المفضوحة وادارته المحترفة للصراع الحاصل في المنطقة والقائد “الفذ ” لتحالف ستيني لمحاربة داعش يتمخض كالجبل ولا يلد إلا فأراً ولا يزال حديثه مستمراً عن ضروة اجتثاث المجرمين الداعشيين، وبذات المستوى من الضحك أيضاً أثارته دعوة وزير الخارجية السورية وليد المعلم من الهند إلى ضرورة عدم التدخل الخارجي في محادثات جنيف والأزمة السورية، والسماء السورية تزدحم بالطائرات الروسية حالها حال طائرات التحالف الأميركي والميدان السوري يعج بمقاتلي حزب الله ومستشاري الحرس الثوري حالهم حال الآلاف المؤلفة من الأجانب الذين يقاتلون في صفوف الكوكتيل العجيب الغريب الفريد ممن يسمى معارضة سورية مسلحة.
نعم لقد باتت سورية أسيرة التناطح الدولي والاقليمي وموئلاً لعبث وتغلغل الأيادي السوداء “ولعنة ” التحالفات التي لن تكون الا رصاصة الرحمة والسكين التي تذبخ العملية السياسية السورية من الوريد إلى الوريد.
فهل موسكو وحدها بحسب تعبير أردوغان من تسعى لإنشاء دويلة سورية تابعة لها في اللاذفية؟ ألا تسعى الولايات المتحدة لارساء منطق التقسيم كحل للحرب السورية وكذلك للمنطقة برمتها، وهل فقط إيران بحسب توصيف أردوغان أيضاً من تمارس عمليات خطرة لتحويل النراع إلى صراع طائفي؟ ألا تشكل توجهات والحراك السياسي للجامعة العربية التي تتناسى القضية الفلسطينية وتركز على ضرورة مواجهة التدخلات الإيرانية والانتصار والتأييد للتدخلات العسكرية لحلف الناتو كسبيل لجلب الديمقراطية كما حصل في ليبيا، ودعواتها المبطنة لتحقيق ذات الهدف في سورية بزعامة العربية السعودية، ألا تشكل خطوات خطرة وتكريس فاعل للنفس الطائفي، وكذلك اعدام الشيخ النمر وما أصدرته محكمة كويتية من أحكام بالإعدام بحق متهمين بالتخابر مع إيران؟ وهل يشكل إنشاء تحالفات إسلامية ليست موجهة فقط لمحاربة داعش وكذلك انشاء تحالف ايراني روسي سوري عراقي كما أعلن رحيم صفوي مستشار قائد الثورة لمواجهة التحالف الأميركي السعودي الإسرائيلي، هل يشكل ذلك مناخ ملائم ومثالي لإطلاق عملية سياسية في سورية أم تكريس لمزيد من الدماء والخراب، ثم إن كانت الولايات المتحدة ترى ماهية العملية السياسية السورية لجهة أن تكون على مرتكزات أساسية تستند إلى وحدة سورية وعلمانيتها كما أعلن كيري فلماذا يستمر الخلاف حول تحديد قوائم الارهاب ولماذا تبقى الأمور العالقة سيدة الموقف في هذا السياق؟
في اعتقادنا أن مايشكل جوهر الكباش الحاصل وتكاثر العودة إلى المربع الأول في الحرب السورية هو تماماً ما أعلنه أوباما لجهة أن الشرق الأوسط سيمر بمرحلة تغيير ستستمر لأجيال وإن الاضطرابات ستبقى حتى مع عدم وجود داعش هذه المرحلة التي عنوانها البقاء في المربع الأول يرى فيه الأميركي وحلفائه أن الانخراط في الحرب المستعرة داخل السفينة السورية هو وسيلة للدفاع عن شعوبهم من الارهاب وكذلك يرى الروسي الذي دخل الحرب دفاعاً عن الشعب الروسي كما قال غير مرة بينما تتمايل السفينة السورية على وقع الأمواج الدولية المتلاطمة وكثرة القباطنة الذين لا ينفكون حديثاً عن العملية السياسية والحل السياسي فيما شبح الغرق مخيم وداهم.
كاتب صحفي فلسطيني – ألمانيا