الكثير من اللغط والجدل اثير مؤخرا حول حل السلطة أو انهيارها. ونحن لن نتباكى على السلطة فيما لو حلت نفسها أو انهارت لان السلطة كانت وما زالت تقوم بدور الشرطي من خلال الأجهزة الأمنية التي تدربت على ايدي الأمريكي دايتون وذلك لمنع اية مقاومة تؤذي الاحتلال الصهيوني وتجعل منه مشروعا خاسرا بحيث تبدأ إسرائيل بالتفكير الجدي للانسحاب من الأراضي، بالإضافة الى منع اية عمليات عسكرية داخل الخط الاخضر. لا يوجد احتلال في العالم "ضب شنطه" على قول المثل البلدي ورحل الا عندما أصبح وجوده مشروعا خاسرا على جميع الاصعدة العسكرية والبشرية والاعلامية والسياسية والاقتصادية والاخلاقية. كما ان وجود السلطة والمفاوضات العقيمة التي ما زالت الشريحة السياسية المتحكمة بالسلطة والتي عملت على مصادرة القرار الفلسطيني يصرون على انها الطريق الوحيد لتحقيق السلام وتحصيل حقوقنا الوطنية!!! يعطي الانطباع الكاذب للعالم بان هنالك عملية مفاوضات جارية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وان السلام في طريقه الى ان يتحقق.
السلطة أوجدت لتدير الشؤون اليومية في الأراضي المحتلة من تعليم وصحة وخدمات..الخ وعلى ان تقوم "بالشحدة والتسول" من الدول لإدارة المناطق ودفع رواتب جيش من العاملين والمدراء والوزراء، وبالتالي فان هذا بحد ذاته رفع عبئا كبيرا عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي. هل سمع احدكم او قرأ في تأريخ البشرية جمعاء عن "احتلال مدفوع الراتب"؟ والى جانب السلطة تم بناء وتدريب وتجهيز أجهزة وعناصر الامن الفلسطيني التي ذكر كيري بأنهم يعدون 30000 عنصر أمني في مختلف الأجهزة الأمنية والتي وظيفتهم الأساسية منع اية عمليات "إرهابية" ضد الكيان الصهيوني بكافة الطرق وبالتنسيق الامني الكامل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. والمعظم يدرك ان رجال الامن الفلسطيني يعملون على مضايقة التظاهرات السلمية أو التظاهرات التي يتم فيه الاشتباك مع قوات الاحتلال على مناطق التماس، لا بل وتقوم أجهزة الامن باعتقال البعض من المتظاهرين والنشطاء حتى لا نقول أكثر من هذا. لقد حولت السلطة الفلسطينية الاحتلال الصهيوني الى أرخص احتلال في العالم على ممر التاريخ واقلها كلفة. لا بل ونستطيع القول بانه مشروع مربح للاحتلال على الأقل من الناحية الاقتصادية حيث تم ربط اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة بالاقتصاد الإسرائيلي وتحويل السوق الفلسطينية الى سوق أسيرة للسوق الإسرائيلية بالكامل. فالاستيراد والتصدير والمعابر التي تتحكم بالحركة والتنقل من والى الأراضي المحتلة والتنقل داخل الأراضي المحتلة يخضع بالكامل لسلطات الاحتلال وبالتالي فان أي مشروع تنموي اقتصادي فلسطيني لا يكتب له النجاح إذا ما أراد الاحتلال تدميره. هنالك ضابط إسرائيلي أمني كبير ذكر انه من الممكن ان يسمح للفلسطينيين بإقامة مرفأ في قطاع غزة وعندما سئل وكيف يكون هذا وهنالك اعتراضات من العديد من الطبقة السياسية في الكيان الصهيوني قال بالحرف الواحد "ان بناء المرفأ قد يستغرق الفلسطينيين ثلاث سنوات وربما خمسة سنوات وطائراتنا تستطيع ان تدمره بالكامل خلال دقائق معدودة". هذا يلخص الحال دون اية فذلكات فكرية ونقاش عقيم من جهابذة السلطة الذين يحاولون تصوير وجود السلطة على انه انجاز وطني كبير.
تحقيق الإنجاز الوطني فعلا وخاصة في هذه المرحلة التي أصبحت تشكل تحديا ومفصلا تاريخيا على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة وخاصة ضمن الأوضاع الإقليمية وتكالب العديدين في العمل على انهاء القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني هذا التكالب التي أصبحت فيه بعض الدول العربية منخرطة رسميا وجهارة به ووكلت لتشكل احدى ادواته الأساسية لما لها من تأثير على الطبقة السياسية الفلسطينية المستأثرة والمحتكرة للقرار الفلسطيني، نقول تحقيق إنجازا وطنيا ضمن هذه المعطيات يتطلب عناصر أساسية لتمكننا من ذلك.
اول هذه المتطلبات او العناصر هي الاعلان الرسمي من قبل السلطة الفلسطينية القائمة عن الطلاق الكاثوليكي مع تفاهمات او اتفاقات أوسلو المشؤوم والسيء الصيت وما تبعها من تفاهمات واتفاقيات مثل اتفاقية باريس الاقتصادية لان هذه الاتفاقات والتفاهمات بمجملها افقدتنا كشعب فلسطيني القدرة على التحرك وكبلت "السلطة" الفلسطينية بقيود لا أول لها ولا آخر وحولتها الى الحارس الأمين لأمن الاحتلال وتسليط سوطها على شعبها ومقاومته. أو على أفضل الأحوال منع مقاومة الاحتلال للوصول الى الخط الأحمر الذي حددته السلطة الفلسطينية ومصالح الشريحة الاجتماعية والسياسية المنتفعة من الوضع القائم الذي حقق لها العديد من المكاسب الاقتصادية من خلال وجودها بالسلطة والمراكز التي اتاحت لها ذلك. ان الفساد المالي على وجه التحديد الذي استشرى في السلطة ومؤسساتها والمرتبطين بها فاق التصور وأصبح الهم الشاغل للبعض هو تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب مما أفقدنا الكثير على مستوى القضية وأصبحنا نتصرف "كدولة" دون وجود اية مقومات لهذه الدولة أصلا على الأرض وخاصة مع غياب اية مظاهر سيادية، ونسينا أو تناسينا اننا ما زلنا حركة تحرر وطني.
ثاني هذه المتطلبات الأساسية هي عدم الارتهان الى الدور الأمريكي والرفض المطلق باحتكار الولايات المتحدة لمسار عملية التفاوض والاشراف المباشر الأوحد على مسار السلام، وذلك لانحيازها التام للمواقف الصهيونية. والان تهدد الإدارة الامريكية السلطة الفلسطينية وتنظيم فتح بالتحديد بوضعه على لائحة الارهاب فيما اذ ما تجرأت السلطة بتقديم طلبات الى المحكمة الجنائية تطالب فيها بالتحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل وأجهزتها الأمنية والعسكرية تجاه الشعب الفلسطيني وخاصة مع وجود دلائل مادية وموثقة على ذلك سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. وعلى ما اظن ان الوقت قد حان لكي تتخلص السلطة من كل القيود المفروضة عليها أمريكيا أو عربيا بهذا الموضوع وان ترفض عملية الابتزاز التي تتعرض لها ان ارادت أن تكون الى جانب شعبها الذي قدم أكثر من 150 شهيدا في انتفاضته المميزة وما زال يقدم التضحيات يوميا من اجل الانعتاق من الاحتلال الهمجي الذي تقوم قواته ومستوطنيه الجدد والقدامى بالإعدامات الميدانية للشباب الفلسطيني يوميا دون أي تردد.
لقد نجح الكيان الصهيوني في فرض شروطه منذ البداية على الاشراف المباشر الوحيد للولايات المتحدة على المفاوضات المباشرة والغير مباشرة بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني وابعاد ما سمي بالرباعية عن هذه المفاوضات وأقتصر دورها بتلقي التعليمات الامريكية للتحرك للضغط على الجانب الفلسطيني كلما أبدى الجانب الفلسطيني نوع من التعنت او الاعتراض ولو الخجول على الاملاءات الإسرائيلية والأمريكية. فزيارات المسؤولين الاوربيون على وجه التحديد كانت في أغلب الأحيان تتم عندما تتعثر المفاوضات و"الحرد" الفلسطيني لتذكير الطرف الفلسطيني بان السلطة لن تستطيع العيش بدون الدعم الأوروبي. تهديدا دبلوماسيا للسلطة مع إعطاء بعض المغريات الاقتصادية في بعض الأحيان كانت كفيلة بعودة الطرف الفلسطيني الى طاولة المفاوضات العقيمة الى حين "الحرد" الثاني وهكذا دواليك. أما روسيا فقد أبعدت كلية وكأنها ليست طرفا في الرباعية. ولقد لعب طوني بلير الدور القذر والمسوق أيضا للإملاءات الإسرائيلية. ويحق لنا ان نطرح السؤال لماذا بقي الوفد المفاوض والسلطة تراوح مكانها طيلة هذه السنوات والقبول بهذا الواقع المزري وعدم احترام الذات وخاصة من القصص التي أثيرت عن تعامل بلير بكل وقاحة مع السلطة والفريق المفاوض؟
يجب علينا كفلسطينيين ان نستثمر الوضع الدولي الجديد الذي يتميز بسقوط نظام القطب الدولي الواحد التي سيطرت فيه الولايات المتحدة وعربدت وصالت وجالت دون رادع في كل بقاع العالم تم فيه احتلال العراق وافغانستان ونشرت فيها مزيد من القواعد العسكرية الامريكية وغيرت الخارطة السياسية للقارة الأوروبية وجعلت حلف الناتو مطية لسياساتها التوسعية والعدوانية. سمعنا الكثير من الكلام المنمق من رئيس الطاقم المفاوض والسلطة عن أهمية الدور الروسي والصيني ولكنهم ما زالوا يراوحون مكانهم ويعودون الى طاولة الذل والمهانة والاملاءات بعد تصريحات نارية يطلقونها من هنا وهناك. والان يقول البعض منهم لماذا الإيرانيون وليس نحن؟ سؤال وجيه الإيرانيون لأنهم صمدوا طيلة سنوات ولم يتنازلوا عن أمنهم القومي ولم يستجيبوا للتهديدات المباشرة والغير المباشرة وبالرغم من العزلة الدولية والعدوان الاقتصادي من خلال نظام عقوبات اقتصادي صارم ولأن وفدهم المفاوض كان صلب ومتماسك ولم يؤمن بالفذلكات الفكرية وعلى انه ذاهب الى نزهة ليتلقى كل ما يكال عليه ويستجدي وكان يرد الصاع صاعين. فهل تستطيعون ان تفعلوا ما فعلوه وتتحملوا ما تحملته إيران دون ان تفرط بسيادتها وكرامتها؟
ثالث هذه المتطلبات هو تحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة بين تنظيمي فتح وحماس. لا يمكن للشعب الفلسطيني وقياداته السياسية المجابهة اليومية للاحتلال والتحديات المفصلية للقضية الفلسطينية وحلقات التآمر العربية والإقليمية الى جانب الغربية دون رص الصفوف. ان حالة التشرذم التي تعانيها الساحة الفلسطينية والانقسامات وخاصة تلك القائمة بين فصيلين محوريين في الساحة الفلسطينية وتغليب المصالح الفئوية والفصائلية والشخصية على مصير القضية ومقاومة الاحتلال، قد أوجد ثغرة كبيرة في جدار مقاومة الاحتلال وأعطى الفرصة للتدخلات الإقليمية والدولية التي أضرت بالقضية والنضال الفلسطيني. كما ان تهميش الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية الأخرى من قبل الفصيلين أي فتح وحماس يعتبر جريمة بحق الوطن وبحق الشعب الفلسطيني ومسار النضال الطويل. ان شعبنا الفلسطيني أكبر من فتح وحماس وعلى هذه الأطراف ان تعي ذلك وتتصرف على هذا الأساس.
رابع هذه المتطلبات ان نميز بشكل دقيق بين العدو الصديق، وان نسقط سياسة استقواء بعض الفصائل وعلى وجه التحديد فتح وحماس بهذه الدولة الإقليمية أو تلك على أمل ان يكسبها هذا بعض الأوراق في مقابل الفصيل الاخر. ولنكن واضحين هنا فان الارتهان الى تركيا اردوغان وتبجيله باعتباره "الحريص والمدافع" عن الشعب الفلسطيني قد اثبت انها سياسة خاطئة بكل المقاييس، وان الحركات التي قام بها الرئيس اردوغان في مؤتمر دافوس او "تصديه" للحكومة الإسرائيلية في قضية السفينة مرمرة التي كانت متوجهة الى قطاع غزة في محاولة كسر الحصار ووضع شروطه عندئذ لإعادة العلاقات والتطبيع مع إسرائيل، لم تكن الا مسرحية اتقن تمثيلها وكان من المفترض ان تساعده في طموحاته الشخصية لكي ينصب السلطان العثماني الجديد.
وهنالك للأسف من الفلسطينيون من يعتبر أردوغان مثلهم الأعلى وعلى استعداد ان يعيشوا في كنف استعمار تركي ودولة خلافة إذا كان اردوغان خليفتها. وهذا ليس تجني أو تأليف بل حقيقة يرددها البعض من الفلسطينيون وراء الكواليس. ان ما فعلته تركيا اردوغان وما زالت من تدمير للدولة السورية والدعم الذي قدمته للمجموعات الإرهابية القاعدية والداعشية لمحاربة الدولة السورية شعبا وجيشا وقيادة على أمل اسقاط الدولة السورية لتكون جزء من دولة الخلافة العثمانية، وكذلك التدخل في الشؤون الداخلية للعراق والاعتداء على سيادته بإرسال قوات تركية الى أراضيه وكذلك الدعم الذي يقدمه للسيد البرزاني الزعيم الكردي العراقي في طموحاته الانفصالية عن الحكومة المركزية ومساعدته في سرقة وتهريب النفط العراقي خارج اطار وزارة النفط العراقية، هذا الى جانب التدخل السافر في الشؤون المصرية ودعمه لتنظيم الاخوان المسلمين، كل هذا بمجمله لا يجعله صديقا للشعب الفلسطيني ولا للدول الوطنية العربية. ومؤخرا دخل في حلف استراتيجي مع آل سعود لمحاربة سوريا "وتمدد النفوذ" الايراني في المنطقة، بمعنى لتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة وحرف بوصلة الصراع في المنطقة من صراع مع الكين الصهيوني الى صراع مع إيران الى جانب الدول الوطنية في المنطقة فكيف يكون هذا صديقا للشعب الفلسطيني أو مناصرا لقضيته؟ هذا السؤال يجب ان يطرح على القيادة السياسية لحماس بحكم علاقاتها الوثيقة مع تركيا اردوغان.
وعلى الجانب الاخر فان هنالك محورا تترأسه السعودية التي شنت حربا عدوانية همجية منذ مارس الماضي على اليمن والشعب اليمني تحت ذرائع واهية وذلك لتدمير البلد وبنياه التحتية وقتل ابناءه بالقصف الجوي والبحري والبري العشوائي الذي لم ينقطع منذ مارس الماضي ليومنا هذا ولو لبضعة أيام أو ساعات. لم يبقي القصف المتواصل لليمن أي بنية تحتية ولم تسلم المدارس او المستشفيات أو مصانع الأغذية أو الدواء أو المناطق السكنية أو الأسواق العامة....الخ. ولقد استخدمت في هذه الحرب البربرية أحدث أسلحة الدمار الشامل من قنابل عنقودية وفسفورية لكي توقع أكبر قدر ممكن من الضحايا من المدنيين. وتطالب الان الأمم المتحدة بالتحقيق بالجرائم التي ارتكبت من قبل التحالف العربي وخاصة استخدام القنابل العنقودية المحرمة دوليا بعد ان تمكنت بعثات الأمم المتحدة المتواجدة في الميدان من اثبات ذلك. ما خلفه العدوان الهمجي المستمر في اليمن هو بالتأكيد أكبر من حجم الدمار الذي خلفه الكيان الصهيوني في عدوانه المتكرر على قطاع غزة. لا فرق بين سياسة آل سعود والكيان الصهيوني. أما دور آل سعود في تدمير الوطن السوري ودعم المجموعات الإرهابية والمرتزقة التي جمعهم آل سعود وقطر والامارات بأموال النفط فحدث ولا حرج. وآل سعود يقفون ضد اية حلول سياسية في اليمن أو سوريا لا تؤدي الى استسلام هذه الدول الوطنية بالكامل وإعطاء مفاتيحها لمجرمي آل سعود الذين لا يعدون سوى أدوات وظيفية رخيصة ضمن المخطط الصهيو-أمريكي في المنطقة الساعي الى القضاء على الدول الوطنية وتفتيت الدول الى كانتونات طائفية ومذهبية عميلة ومتصارعة فيما بينها حتى ينعم الكيان الصهيوني بالأمن والاستقرار.
هذه هي الدولة المحكومة من اكثر القيادات المتخلفة في المنطقة قيادة آل سعود الذين أعلنوا عن طريق وزير دفاعهم وولي ولي عهد مملكتهم عن انشاء "التحالف الإسلامي العسكري" لمحاربة الارهاب في العراق وسوريا وأي مكان آخر، هذه الدولة التي ذكرها السيد الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير في بيت لحم " "نحن ضد العنف والإرهاب، والدليل عندما دعا الاخوة السعوديون الى تحالف ضد الإرهاب كنا أول من وقف، ونحن مع السعودية بكل ما فعلته، لأننا نرى أنه على صواب، ونحن مع السعودية بالنسبة للوحدة الوطنية ..".
أولا الدعوة لم تأتي من الشعب السعودي الذي يحكم بالسوط وحد السيف وقطع الرقاب وبقوانين جاهلية ومتخلفة لا يحق للمرأة ان تقود سيارة أو ان تسافر دون زوجها أو محرم والتي تعامل فيها المرأة كقطعة اثاث في البيت يملكها رب البيت. هذا ان لم نرد الاطالة والتحدث عن نظام العبودية للخدم المستورد من الخارج كاستيراد البضائع ومعاملتهم كالعبيد في القرن الواحد والعشرون...ليس الشعب السعودي من دعا بل آل سعود وشتان ما بين الاثنين.
هل يعرف لنا السيد الرئيس ما هو الإرهاب. هل ما فعلته وما زالت تفعله السعودية في اليمن على سبيل المثال من قتل الأبرياء وتدمير البنى التحتية واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا بشهادة المنظمات الدولية والقصف المتعمد للمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء والطرقات وشبكات المياه والاتصالات والمساجد والأماكن التاريخية التي يزيد عمرها على 2000 سنة، كل هذا ليس إرهابا؟ ما هو تعريف الارهاب في قاموسك يا سيادة الرئيس ان لم يدرج كل هذا؟ إذا لم يكن هذا إرهابا فلماذا الصراخ بان إسرائيل تمارس الإرهاب وترتكب جرائم ضد الانسانية في فلسطين وتهددون بتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية؟ ام انه عندما يتعلق الامر بآل سعود تختلف المقاييس ويصبح ممارسة الإرهاب على الشعب اليمني مثلا و"بقدرة قادر" هو محاربة الإرهاب؟ ولذلك كنتم أول من وقف مع الدعوة السعودية في محاربة الإرهاب. لا نريد ان نسوق هنا الدراسات الصادرة عن العديد من مركز البحاث الغربية وكتابات العديدين من رجال الأجهزة الأمنية وتصريحات رجال السياسة الغربيين حول ضلوع آل سعود في تصنيع الإرهاب والإرهابيين ونشر وزرع الفكر الوهابي التكفيري والدعم المادي للارهابيين بالأسلحة وصرف مئات الملايين من الدولارات لهم، حتى لا نثقل على القارىء بتعدادها هنا.
"...ونحن مع السعودية بكل ما فعلته..." فهل آل سعود بالمنطق معصومين عن الخطأ ؟ الا ترى يا سيادة الرئيس ان هذا التصريح خطير جدا. هذا يعني ببساطة ان حرب آل سعود على اليمن وتبعاتها هي صواب. وكذلك حربها بالوكالة من خلال المرتزقة في سوريا لتدمير الدولة السورية هو صواب. ودعمها لتفتيت العراق على أسس طائفية ومذهبية هو صواب. واعدام الشيخ الجليل النمر مؤخرا لتأجيج الفتنة الطائفية والمذهبية في المنطقة هو صواب أيضا. وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها وتهديد إيران بتصريحات يطلقها وزير خارجيتها التي تكاد تصل الى اعلان حرب على ايران فيما اذا استطاع آل سعود الى شراء واستئجار الجيوش من بعض الدول طبعا لان جيشهم ومرتزقتهم لم يتمكنوا من تحقيق الانتصارات على الشعب اليمني ذو القدرات المحدودة الا من الكرامة والاباء فلديهم الفائض في ذلك، وهو الشيء الذي لا يفقهه آل سعود فبل دخولهم الى المستنقع اليمني. ومحاولة شق العالم الإسلامي على أسس طائفية ومذهبية هو أيضا صواب. وهكذا ما يفعله آل سعود كله صواب لأنه آتي ببساطة من صوب خادم الحرمين وبطانته من الامراء المخلصين.
كلمة أخيرة وببساطة إذا ما أردنا اتباع آل سعود لأنهم على صواب في كل ما يفعلوه!!!!!! فإننا ماضون بالقضية الفلسطينية الى التهلكة، وهذا ما لن يسمح به شعبنا بالتأكيد، فشعبنا الذي قدم وما زال قوافل من الشهداء على مذبح التحرير لا يرضى بان يباع ويشترى بالدولارات.
حل السلطة الفلسطينية أو انهيارها والانجاز الوطني
2016-01-15
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني